كتاب > الكتب العلمية

مراجعة كتاب (لعنة آدم): هل ستنقرض الذكورة؟

يقدم لنا بريان سايكس، الأستاذ في علم الوراثة في جامعة أوكسفورد، وبعد كتابه "سبع بنات لحواء"، كتاب "لعنة آدم" واضعا نصب عينيه التوجه إلى القارئ العادي من أجل تبسيط هذا العلم المعقد والمليء بالأسرار وجعله مفهوما بأقصى درجة ممكنة.

هذا الكتاب هو طريق لمعرفة ماضي ومستقبل الجنس البشري، والذكور منهم على وجه التحديد، حاملي الصبغي Y ومورثينه، فكما هو معلوم فإن الجينات تتكون أساسا من DNA ينتظم كخيوط في نواة الخلية، هذه الخيوط تدعى بالكروموسومات أو الصبغيات، يوجد في كل نواة خلية إنسانية 46 صبغي (44 صبغي جسمي + صبغيين جنسيين) نصفها يأتي من الذكر (الأب 44 صبغي جسمي +XY) والنصف الآخر من الأنثى (الأم 44 صبغي جسمي + XX)، حيث تكون الصيغة الصبغية للبويضة (23 صبغي جسمي + X) وبذلك لها نمط وراثي واحد، أما الصيغة الصبغية للنطفة تكون (23 صبغي جسمي + X) أو (23 صبغي جسمي + Y).

يحدد اجتماع الصبغيين الجنسيين الهوية الجنسية للجنين على الشكل التالي:

• بويضة تحمل الصبغي X مع نطفة تحمل صبغي Y يؤدي لتشكيل بيضة ملقحة تحمل الصبغيين الجنسيين الخاصين بالذكر.

• بويضة تحمل الصبغي X مع نطفة تحمل صبغي X يؤدي لتشكيل بيضة ملقحة تحمل الصبغيين الجنسيين الخاصين بالأنثى.

بالنتيجة: يكون الصبغي الجنسي Y هو المسؤول عن إكساب الجنين للذكورة وبالتالي يدعى بصبغي الذكورة.

يبدأ هذا الكتاب بمصادفة لطيفة عندما يحاول الكاتب معرفة القرابة بينه وبين مدير شركة أدوية كبيرة من نفس عائلة سايكس، حيث تقود هذه الدراسة الأستاذ بريان إلى معرفة آباء السلف في عائلته وفي المنطقة التي أتى منها وبالتالي في انكلترا، حيث أن دراسة الصبغي Y تتيح معرفة جميع الآباء والأجداد التي ورث منها هذا الصبغي، وصولا إلى الجد الأعلى للعشيرة.

لكن ما هي "لعنة آدم؟" يدفع نشاط الصبغي الذكوري الذكور إلى المعركة الأزلية لاجتذاب النساء، أو ما يدعى بالانتخاب الجنسي، هذه اللعنة التي تتجلى في أشكال مختلفة عند معظم الحيوانات الذكور في كل الأنواع وتتجلى عند الإنسان في السلطة والثروة والقوة كي يحصل الذكر على أكبر عدد ممكن من النساء، وبعد الثورة الزراعية تكرست هذه اللعنة بسبب الفرز الطبقي والثروات التي أتت بها الزراعة، حيث أدت إلى التنافس العنيف بين الرجال واستخدام العنف والقتال والحروب واستغلال الأقوياء للضعفاء وخاصة من النساء.

هذه اللعنة ما هي إلا انعكاس في أصل تاريخ التطور البشري في صراع عنيف وحرب دائمة بين الإناث والذكور وبكلام وراثي أي حرب بين صبغيات الذكورة وصبغيات الأنوثة، حيث أن الأصل كان دائما أنثى وأن الجنين دائما أنثى ما لم يتم تفعيل الصبغي الذكوري المتوارث من الأب والذي يتم تفعيله عبر جين تمت تسميته (SRY).

أحد التساؤلات التي يطرحه الكتاب هو عن أصل المثلية الذكورية وما هي النظريات المطروحة في الساحة العلمية حول أصل هذه الخاصية التي تنهي التناسل، ومن ثم يطرح سايكس نظريته الخاصة الوراثية والذي يؤكد فيها أنها ما تزال تفتقر للأدلة ولكن أصل هذه النظرية جيني وبيولوجي تطوري.

يطرح الكاتب أيضا موضوعا خطيرا جدا في مضمونه، ألا وهو هل من الضروري وجود الذكور لاستمرار الجنس البشري؟ ويطرح في سبيل ذلك نظريات تحمل في فحواها أدلة تدعم هذا الاستمرار وبالتالي ما سيؤدي ذلك إلى انتهاء الذكورة من الجنس البشري وذهاب لعنة آدم لتصبح من التاريخ، إلى جانب ذلك فهو يؤكد بأن الصبغي الذكوري في حالة متدهورة والسائل المنوي للذكور عبر العالم يتناقص تدريجيا كما تشير جميع الدراسات والاختبارات، ما هي الطرق التي ستنقذ ذلك الصبغي الذكوري من الانقراض؟.

كتاب لعنة آدم يعتبر من الكتب المهمة في الوراثة لغير المتطلعين عليها. وهو عبارة عن مزيج من الوراثة الجزيئية والأنثروبولوجيا والتاريخ في كتاب واحد مشوق يطرحه بريان سايكس بأسلوب مليئ بالأسئلة الهامة والغريبة والمثيرة ويجيب عليها بطريقة متسلسلة ومنهجية مليئة بالطرافة العلمية.

معلومات الكتاب:

العنوان: لعنة آدم

المؤلف: بريان سايكس

المترجم: مصطفى ابراهيم فهمي

دار النشر: كلمة

تاريخ النشر: 2009

الترقيم الدولي: 3-86-6231-977-978