الفنون البصرية > فن وتراث

الغجر، تراثٌ وغموض

وفقاً لنيويورك تايمز، فإنَّ 11 مليون شخص حول العالم وحوالي المليون في أميركا وحدها وفقاً ل Time يعود أصلهم إلى مجموعةٍ عرقيّةٍ تُعرف بالرحالة أو الغجر Gypsies.

ووفقاً لمنظّمةFRUA فإنَّ المصطلح “Gypsies” لا يعبر عن الازدراء حيالهم، وإنما يعود إلى الاعتقاد بكونهم قدموا أصلاً من مصر.

وفي عام 2012 خَلُصَت دراسةٌ نُشِرَت إلى أنَّ الغجر لديهم ظهورٌ عالٍ لصبغي Y و DNA الميتاكوندريا محددين يتواجدان فقط لدى ذوي الأصول الجنوب آسيوية. و يُعتقد أنَّ الغجر قد هاجروا من الهند إلى أوروبا منذ حوالي 1500 سنة مضت. وغالباً فإنَّ عدّة مجموعات تتشكَّل سويَّةً تحت تصنيف الغجر والذي يُمكن أن يَضُم مجموعات عرقيَّة منتشرة حوا العالم حسب Open Society Foundations. وهم متنوعون ثقافياً إلى حدٍ ما لكن لديهم دوماً روابطُ مُشتركة .

عانى الغجر من التّمييز ضدّهم بسببِ لونِ بشرتهم الدّاكن، كما أنّهم استعبدوا فيما مضى من قبل الأوروبيين. حتّى أنّهم وُصفوا بالدّخلاء أو الماكرين الغامضين الّذين يعملونَ بالعرافةِ والسّحر و أنَّهم يقومون بالسرقةِ قُبيل انتقالهم لمدينة ثانية. وفي الحقيقة فإنَّ مصطلح “gypped” والّذي يعني المُختلس أو الخبيث أو عديم الضَّمير ربما يكون اختصاراً لكلمة Gypsy أي الغجري وذلك حسب NBR .

ولغرض البقاء على قيدِ الحياة، كانَ الغجرُ في ترحالٍ متواصل وأصبحوا معروفينَ بأسلوب الحياةِ البَدَويّ والثقافة المنعزلةِ المُتعصِّبة. وبسبب حالتهم ك" دخلاء أو غرباء" و طبيعتهم التَّنقُّليّة ، فإنَّ القليل منهم قد ارتاد المدارس وبذلك لم تكن معرفةُ القراءةِ والكتابةِ منتشرةً لديهم. لذا فإنَّ معظمَ ما عُرِفَ عن ثقافتهم قد وصلنا عبر التواريخ الشّفهيّة والحكايات التي رواها مغنُّوهم .

المعتقداتُ الرُّوحيَّةُ للغجر:

ليسَ للغجر دينٌ رسميٌ وفي الماضي ازدروا من الدّين المنظّم. أمّا اليوم، فإنَّهم يتبعون الدّين السّائدَ في البلدِ الّذي يعيشون فيه حسب FRUAو يَصفون أنفسهم "بالنجوم العديدة المتناثرة على مرأى الله " فوفقاً ل Open Society Foundations فبعضهم كاثوليك، وبعضهم مسلمون، وبعضهم بروتستانت، وغيرها من الطّوائف المختلفة.

و يعيشُ الغجرُ ضمنَ مجموعةٍ معقدةٍ من القواعدِ التي تحكمُ الأشياء أبرزها الوضوح والنَّقاء والطّهارةُ والاحترام والشرف والعدل. تُعرف هذهَ القواعدُ لديهم باسم Rromano تعني بلغتهم التّصرّف باحترامٍ كشخصٍ غجري. كما يطلقون اسم Rromanip′eعلى نظرتهم إلى العالم.

اللّغة:

رغم تنوّعِ مجموعات ِ الغجرِ إلا أنَّهم جميعاً يتكلّمونَ لُغةً واحدةً تسمى Rromanẽs أو اللّغة الغجرية وهي ذاتُ صلةٍ بلهجة شمالِ الهندِ أو البنجاب . فوفقاً ل FRUA يتكلم هذهِ اللغة 5-6 ملايين شخص غجري في أنحاء أوروبا و الولايات المتّحدةِ الأميركية.

أزياءُ الغجر:

تقليديّاً، يحبُّ الغجرُ الغنى. وفي حياتهنَّ اليوميّةِ، تلبسُ النَّساءُ مجوهراتٍ ذهبيّةٍ و أغطية َ رأسٍ مزينةٍ بالنُّقود المعدنيّة وذلك لإظهار الرَّخاءِ والكرمِ اتجاهَ الآخرين.

وتحتلُّ حفلاتُ الزّفاف مكانةً بالغةَ الأهميّةِ لدى الغجر. وفيها ترتدي النِّساءُ فساتينَ زفافٍ ضخمةً مصنعةٍ خصيصاً. وتتنافسُ فتياتُ الجماعةِ الواحدةِ في ضخامةِ وتَرَفِ الفستان وهذا ما وثّقه البرنامج الأميركيMy Big Fat Gypsy Wedding.

التَّسلسلُ الهرميُّ للسُّلطة:

تشكل العائلات الممتدة من 10 أشخاص إلى حد المئات عصبة تسمى Kumpanias ويسافرون سوية في قوافل يقود كلا منها voivode والذي تنتخبه العائلة لمدى الحياة ليكون رئيساً للجماعة. أما المرأةُ الأكبرُ سناً في الجماعة فتسمّى Phuri dai وتعنى برفاهية الأطفال والنساء في الجماعة. كما يوجد داخل الجماعة صلات قربى وأحلاف أصغر تسمى Vitsas وتتألف من عائلات لها سلف مشترك.

هيكلية العائلة:

ووفقاً ل وفقاً ل FRUA يعلق الغجر أهمية كبيرة على العائلات الكبيرةِ الممتدة .وتتألفُ العائلاتُ نموذجياً من عدة أجيال تعيش معا ًوتضمُّ الشباب غير المتزوجين والأولاد البالغين و الابن المتزوج وزوجته وأطفالهما. وفي الوقت الذي يصبح فيه الابن الأكبر قادراً على إنشاء أسرته الخاصّة، يكون الابن الأصغر قد تزوج وأحضر زوجته وأطفاله للعيش ضمن العائلة.

ويتزوّجُ الغجرُ عادة ًفي سنٍ صغيرةٍ (غالباً خلال فترة ِالمراهقة) وتكون أغلب الزيجات مدبَّرة من قبلِ الأهل. وتكون حفلات الزفاف مترفة تتضمن ملابس زاهية للعروس ومرافقاتها الكثيرات. ورغم أن الفتيات يُشَجَّعنَ على ارتداء الملابسِ المغرية ِخلال فترة المغازلة إلا أنه لا يسمح لهن بممارسة الجنس قبل الزواج وذلك وفقاً ل . The Learning Channel كما أن بعض الجماعات قد منعت زواج الفتيات قبل سن ال 16 والشُّبان قبل سنال 17وذلك وفقاً ل BBC.

مهنُ الغجر:

للغجر تاريخ طويل من التدريب و التجارة والاعتناء بالحيوانات كما عملوا بالحدادة وبإصلاح وبيع الأدوات المنزلية التي يصنعونها بأنفسهم. كما يعمل العديد منهم كمغنينَ جوالين مستخدمينَ الذَّخيرة َالموسبقيّة الموجودة لديهم في جني المال.

الغجر اليوم:

بينما لا يزالُ يوجدُ اليومَ جماعاتٌ رحّالة ٌمنَ الغجر، فإنَّ معظمهم يستخدم السيارات والبيوتَ المتنقلة من مكان إلى آخر وليس الأحصنةَ والعربات التي استخدمت في الماضي. وغالبيتهم اليوم يعيشون في بيوت وشقق لا يمكن تمييزها عن غيرها. ونظراً للتحيّزِ المستمرِّ ضدّهم فإنَّ العديدَ منهم يخفي جذورهُ الغجريةَ أمام العامة ويعترف بها فقط أمام الغجرِ الآخرين.

وقد أُنشأ الاتحادُ العالميُّ للغجر رسميّاً في عام 1977. وفي عام 2000 أعلنت الهيئةُ التّشريعيةُ الخامسةُ "الغجرَ" كأمةٍ غير محلية . ويُعدُّ الثّامنُ من نيسان/ ابريل اليومَ العالمي لزيادةِ الوعي حولَ القضايا التي تواجهُ المجتمعَ الغجري وللاحتفاءِ بالثّقافةِ الغجرية بشكلٍ عام.

المصدر:

هنا