الهندسة والآليات > التكنولوجيا

خطوةٌ جديدةٌ في سبيلِ صُنْعِ عباءةِ التَخفيّ

استمع على ساوندكلاود 🎧

نجحَ باحثون في المملكةِ المتحدةِ بجعلِ جسمٍ يبدو مُسطحاً للموجات الكهرطيسية، أي أنهم قد اقتربوا خطوةً من تصميمِ عباءةِ تَخفًّ قادرة على إخفاءِ الأجسامِ فيها.

المؤسفُ هو أنّ عباءةَ التخفّي هذه ما زالت لا ترقى إلى تلكَ التي يَملكُها "هاري بوتر" إلا أنّها تجربةٌ ناجحةٌ، قد تساعدُ الباحثين في تطويرِ أنظمةٍ مايكروية وبصرية للاستخدامِ التجاري والصناعي.

يقولُ قائدُ الفريقِ Luigi La Spada من جامعة Queen Mary University of London:"إنّ دراسةَ ومعالجةَ الأمواجِ السطحيةِ هي مفتاحُ الوصولِ إلى حلولٍ للعديدِ من المشاكلِ التكنولوجية والصناعية".

في هذه التجربة قامَ الفريقُ بكسو جسمٍ بمركباتٍ نانويةٍ مصنوعةٍ من عدة طبقات من الجسيمات المتناهيةِ في الصغر، وكلُّ طبقةٍ لها خصائصُ كهربائيةٌ مختلفة. تسمحُ هذه المادة للموجات الكهرطيسية بالمرورِ خلالَ الجسمِ دونَ أن تنتشرَ، مما يسببُ اختفاءَ الجسم. (أي أن الضوء لا يرتد عن الجسم فلا تراه العين).

يقول Spada:"إنهم أظهروا إمكانيةَ استخدامِ المركباتِ النانوية؛ للتحكمِ بانتشارِ الأمواجِ السطحية باستخدامِ تكنولوجيا تصنيعٍ متقدمةٍ، والأهمُ من ذلك أنّ هذه الطريقة يمكن تطبيقها على أي ظاهرة فيزيائية، يُعبَّر عنها بمعادلات الأمواج، كالصوتيات مثلاً. مما سيجعلُ هذا البحث مؤثراً على الصعيد الصناعي.

بعبارة أخرى، قامَ الفريقُ بتطويرِ مادةٍ تُخفي الأجسامَ عن الأمواجِ الكهرطيسية.

حتى الآن لم يشرحْ الفريقُ تفاصيلَ هذه المادةِ الجديدةِ، وكيفَ تعملُ من الناحية التِقنيّة، ربما بسببِ أنهم يطمحون إلى الحصولِ على براءةِ اختراعٍ. إلا أنّه من الممكنِ توقعِ التفاصيلِ بناءً على مشاريعَ سابقة في التخفي، استُخدمت فيها مركبات نانوية.

فعلى سبيل المثال، قامَ فريقٌ من الباحثين في مختبر Berkeley في الولايات المتحدة في أيلول عام 2015 بتطويرِ عباءةٍ للتخفي مشابهة لهذه التي في التجربة الجديدة.

يقول Peter Dockrill عن عباءة Berkely:"إنّها تعملُ باستخدامِ موادّ استثنائيةَ الخصائص، فعلى عكسِ الموادّ الطبيعية، تستطيعُ الموادُّ الاستثنائية على حَنْي الضوءِ المنعكسِ عنها باستخدامِ بِنيَتِها الفيزيائية بدلَ الكيميائية، فتجعل الأجسامَ تبدو وكأنها غير موجودة. فعندما يسقطُ الضوءُ على العباءة، تقومُ هذه الموادّ بحرفِ مسارِ الضوءِ المنعكسِ عن الجسمِ الموجودِ تحت العباءة مما يُخفيه عن العين.

على الرغمِ من أنّ الباحثين ما زالوا بعيدين عن صُنعِ عباءةِ تخفًّ حقيقية، إلا أنهم سعيدون جداً بهذه المادة الجديدة، حيث إنها تعتبرُ إضافةً جديدةً لدراساتٍ سابقةٍ استُخدِمت فيها طرق مشابهة ولكن على تردد موجي (تردد الموجة الكهرطيسية) واحدٍ بدلاً من عدة ترددات.

يقول Yang Hao أحدُ أعضاءِ الفريق:" إن الأبحاثَ السابقةَ نجحت على ترددٍ واحدٍ، ولكننا قادرون على إثبات أنها تعملُ على نطاقٍ أوسع من الترددات، بحيثُ يمكنُ استخدامُها في عدة تطبيقاتٍ هندسيةٍ كالطائرات والهوائيات النانوية".

إنّ الجسميات النانوية ليست الطريقةَ الوحيدةَ التي استُخدمت في صنعِ عباءةِ التخفي. ففي عام 2014 قامَ علماءٌ من University of Rochester in New York بصنعِ عدسةٍ مكونةٍ من أربعِ عدساتٍ مختلفةٍ لكلًّ منها بُعدٌ بؤري معين، وتقوم بحني الضوء مما يجعلُ الجسمَ يبدو وكأنه قد اختفى.

يقول John Howell وهو بروفيسور في الفيزياء في University of Rochester:" إنّه تم استخدامُ عدة طرق للتخفي، والفكرةُ الأساسيةُ هي بجعلِ الضوءِ يعبر خلالَ الجسمِ كما لو أنه غير موجود، وعادةً ما يتم هذا الأمرُ باستخدامِ مواد خاصة ونادرة".

بناءً على حساباتٍ قامَ بها الباحثون، وجدوا أنّ أسوأ ما في الأمرِ هو أننا لن نستطيع-باستخدام التكنولوجيا الحالية-صنعَ عباءةٍ قادرة على إخفاء إنسانٍ بشكلٍ كاملٍ، أو إخفاءِ أجسامٍ كبيرةٍ كدبابة مثلاً، وذلك لأنّ الأمواجَ الكهرطيسية(الضوء) المرتدة عن الأجسامِ لها أطوالٌ مَوجيّةٌ مختلفةٌ.

فحتى الآن لا زلنا نشعرُ بالغيرة من "هاري بوتر".

المصدر:

هنا