الهندسة والآليات > التكنولوجيا

بكتيريا معدلةٌ جينياً تعملُ كأسلاكٍ كهربائيةٍ

استمع على ساوندكلاود 🎧

استطاعت مجموعةٌ من الباحثين من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بتمويلٍ من قِبَل مكتب البحوث البحرية في الولايات المتحدة الأمريكية، من تطويرِ سلالةٍ جديدةٍ مأخوذةٍ من بكتيريا تتكاثرُ طبيعياً في التربة والفضلات، تمكنوا بواسطتها من تطويرِ أسلاكٍ كهربائيةٍ بأبعادٍ نانوية ناقلة للتيار الكهربائية، ويعتقدُ الباحثون أنّ هذه الأسلاك النانوية الناقلة للتيار، والتي تملك رقةً أكثر من شعرة رأس الإنسان بآلاف المرات، ستملك في المستقبل استخدامات ثورية في الأجهزة الإلكترونية، ومصادر الطاقة البديلة.

نلاحظُ نتيجةً للتطورِ التقني المتسارعِ الذي نعيشه في يومنا هذا أن الأجهزة الكهربائية باتت تدخلُ في تفاصيل أكثر عمقاً ودقة في حياتنا، وأن أحجام هذه التجهيزات يزداد صغراً، لتناسب التطبيقات الجديدة التي تحتاجها، مما يَستدعي بالضرورة تطوير تقنيات تُزَوِدُها بالطاقة الكهربائية، وهنا لا بُدّ من الإشارةِ للأهمية المتزايدة لتقنيات النانو التي تقدم دائماً حلولاً لهذه الأمور.

يوضحُ مديرُ المشروعِ إلى أنّ الأسلاك التي تم تطويرها، يُمكن أن تُنتَج بمساعدة مصادر متجددة للطاقة النظيفة كالطاقة الشمسية مع نفايات النباتات، أو غاز ثنائي أوكسيد الكربون، مُنتجة بروتينات طبيعية غير سامة مع تجنب العمليات الكيميائية القاسية خلال عملية الإنتاج، والتي عادةً ما كانت تُرافِق إنتاج المواد ذاتِ الأبعادِ النانوية.

إن هذا الاكتشاف قد يكونُ من الأهميةِ لدرجة أنّه سَيُلَبّي الطلب المتزايد على تصنيعِ أسلاك كهربائية بأبعاد نانوية، لدعم الأجهزة الإلكترونية الجديدة، كالحساسات والعناصر الإلكترونية الدقيقة كالترانزستورات والمكثفات، وحتى الحواسيب الفائقة المُصنّعَة وِفْقَ التقنيات الحديثة.

تعتبرُ (Geobacter) محور البحث الجديد، فهي نوع من البكتيريا تُشكل وصلات كهربائية بروتينية بين التماسات (الأقطاب) المعدنية مع أكاسيد الحديد، والذي يَدعَمُ نموها على سطح الأرض، ورغم أن التيار الكهربائي الذي تنقله هذه البكتيريا لا يزال ضعيفاً، وغير كافٍ للاستخدام إلا أن النقطة الإيجابية هي التمكن من قياسه بواسطة الأقطاب الكهربائية التقليدية دون الحاجة لاستخدام أقطاب خاصة.

آلية تطوير التقنية والنتيجة المذهلة:

تَمَّثلُ التعديل الجيني الذي أجراه العلماء بتبديل حمضين أمينيين موجودين بشكل طبيعي ضمن الأسلاك الناتجة، بحمض أميني يُدعى (Tryptophan) ، والذي يملك ميزات إيجابية من ناحية نقل الالكترونات.

وبالتالي الفكرة الأولى التي ركزَ فريقُ الأبحاثِ جهدَه على تحقيقها، هي زيادة الناقلية الكهربائية للأسلاك النانوية من خلال إعادة ترتيب الأحماض الأمينية المُكونة، والتي قد تسبب مضاعفة في قيمة الناقلية الكهربائية.

ولكنّ النتيجة التي حصلَ عليها الفريق عند التجربة العملية كانت مذهلة وغير متوقعة، إذ أن الناقلية لم تتضاعف وحسب وإنما زادت بحدود 2000 مرة! مع متانة أكبر، وإمكانية أكبر في تصغير حجم الأسلاك ليبلغ قطر السلك 1.5 نانومتر فقط (وللمقارنة هذا السلك أصغر بحوالي 60000 مرة من قطر شعرة رأس الإنسان).

التطبيقات:

يُؤكدُ الباحثون المشرفون على المشروعِ بأن النتائج المذهلة التي توصلوا إليها تشيرُ إلى تطبيقات ثورية واسعة لهذه الأسلاك، فعلى سبيل المثال يمكن استخدامها بأمان ضمن منظومة الحساسات الطبية المسؤولة عن مراقبة عمل القلب، مع ما تحتاجه هذه الحساسات من دقة عالية وحساسية تجاه التغيرات التي قد تسببها تغير درجة (PH).

كما يمكن استخدام هذه التقنية في التطبيقات العسكرية، حيث يمكن استخدام هذه الأسلاك النانوية في نقل التيار الكهربائي في صنع البوتانول كوقود حيوي يمكن الاستفادة منه في أماكن العمليات العسكرية البعيدة، التي يُشكلِ تزويدها بقوافل الوقود التقليدي أمراً بالغ الخطورة.

كما يمكننا استخدام هذه التقنية في مراقبة الملوثات والمواد الكيميائية السامة وحتى المتفجرات عن طريق وضعها في رقاقة، وتثبيتها في مركبات غير مأهولة.

المصدر:

هنا