منوعات علمية > الطب البديل حقائق وخرافات

العلاج الطبيعي للسرطان، حقيقة ام وَهم (الجزء الأول)

استمع على ساوندكلاود 🎧

لماذا يلجأ البعض إلى العلاج الطبيعيّ؟

يوجد أسباب كثيرة لأن يهاب المرء علاجات السرطان التقليدية كالعلاج الكيميائيّ، الشّعاعيّ أو الجراحي، فالتّكلفة الماديّة المرتفعة، التأثيرات الجانبيّة وضبابيّة احتماليّة نجاح هذه العلاجات والتّعافي من المرض تعطي صورة سلبيّة عنها، كما تلعب تجارب المعارف والأصدقاء السّلبية دوراً هامّاً، فتتكوّن لدى كثيرين صورة مشوّهة عن العلاجات المعتمدة للسّرطان مما يدفعهم إلى اللُّجوء إلى حلول بديلة.

في الحقيقة، إنَّ الإيمان بعدم الحاجة إلى عمليّة جراحيّة أو علاج كيميائيّ أو شعاعيّ يخفِّفُ القلقَ نوعاً ما، فمن المريحِ أن يفهم المرء مرضَهُ وأن يؤمن بإمكانيَّة التّغلب عليه، إذ يخشى العديد من المرضى تَبِعات المرض الذي قد يودي بحياتهم. هذا القلق قد يختفي عندما يُمنَح المريضُ أملاً بالسَّيطرة على مرضه باستخدامه لعلاجٍ بسيط وطبيعي، لكن هذا الشعور للأسف قائم على الوهم.

هل توجد فائدة من اللجوء إلى تلك العلاجات؟

يمكن تلخيص فوائد العلاجات الطبيعيّة في إطارين هما: العامل النّفسي والعامل الوقائي، حيث يلعب العامل النّفسي دوراً في الشّفاء من أي مرض، فقد يكون الإيمان بقدرتك على السيطرة على المرض والشفاء هو الفائدة العظمى من هذه العلاجات، لكنَّها بالطبع ليست علاجاً حقيقياً للسّرطان، وهذا أمر قد لا يدركه المريض إلا بعد فوات الأوان، كما تجدي بعض المنتجات الطبيعية نفعاً مع السرطان لكن فقط في طورِ الوقاية، حيث يمكن للنِّظام الصحيّ الجيّد أن يُقصي أو يقي من خطر الأسباب المعروفة للسرطان، كما يقلل خطر تكرار حدوثه ويحسن من استجابة المريض للعلاج.

يمكنك الاطلاع حول بعض سبل الوقاية من السرطان في هذا المقال:

هنا

ما الخطر الكامن خلف هذه العلاجات؟

غالباً ما يتم الخلط بين الطب التكميلي والطب البديل، فالطب التكميلي هو ممارسة بعض الطرق الطبيعية غير الأكاديميَّة بالتّزامن مع العلاجات التقليديّة الأكاديميّة، أما الطب البديل فيشمل الاستعاضة الكليّة عن العلاجات الأكاديميّة واللجوء إلى طرق أخرى وهو الأكثر خطورة، حيث يهمل المرضى استشارة الأطباء ويحاولون علاج أنفسهم ذاتياً، الأمر الذي يؤدي إلى تطور المرض إلى مرحلة خطيرة قد لا يمكن السيطرة عليه بعدها.

أما من ناحية الطب التكميلي، تم التسامح مع بعض العلاجات الطبيعية غير المؤذية، بينما مُنِع البعض الآخر لأنّها قد تتداخل مع الأساليب العلاجيّة الأكاديميّة وقد تؤذي المريض في حال تعاطيها بالتزامن مع العلاج الكيميائيّ أو الشّعاعيّ.

هل تخفي الشركات العالمية هذه العلاجات حقاً؟

يعزي مروّجو العلاجات الطبيعية نقص الأدلة الّتي تثبت نجاح هذه الأساليب لعدم إمكانيّة استثمارها، وهذا أمر واقعيّ، فلا يوجد دافع للشركات الكبيرة لأن تستثمر علاجات السّرطان الطّبيعية، لأنها لن تجني المال من خلال إنتاج مواد طبيعية بخسة وفي متناول اليد كالفطر والشاي والأعشاب، كما لا تتطلب هذه المواد خطوطاً إنتاجية ضخمة مقارنة مع العلاجات الكيميائية مثلاً، لكن بالمقابل فإن الشركات الكبيرة ليست المكان الوحيد لإجراء التّجارب، إذ تجري العديد من الجامعات تجارباً على العلاجات الطّبيعيّة، وتنفق الكثير من الأموال، لكن من دون نتيجة تذكر.

فحالما يؤمن المرء بإمكانية العلاج الطبيعي، وبأن المؤسسات الطبيّة العالميّة تخفي حقائقاً علاجيّة هامّة، يصبح من السّهل عليه أن يختلق ما يدعم إيمانه ويتجاهل ويسخِّف كل الإثباتات المعاكسة، حيث يوجد مجتمعات تعيش بالكامل تحت وطأة الخرافات الّتي تدعم علاجات السرطان الطبيعية، ذلك أنهم يريدون أن يؤمنوا بأن منتجاّ ما بسيط التركيب ورخيص الثمن نسبياّ يؤمّن لهم الشّفاء التّام من مرضهم.

تعتبر كل حالة سرطانية أمراً فريداً من نوعه، حيث يوجد مئات الأنواع المختلفة من مرض السرطان، فكلّما تعقمنا في دراسة السّرطان أدركنا وجود الكثير لنتعلمه بعد، وإنّ احتماليّة وجود علاج موحّد يلائم جميع المرضى وكافة أنواع السرطان هو احتمال ضعيف.

على المرء أن يدرك بأنّ العلم الذي أوجد علاجات لكثير من الأمراض التي أرعبت البشرية يوماً ما هو الحلّ، ويجب الوثوق بالأطّباء الاختصاصيين الّذين يدركون الأمراض وأساليب علاجها أكثر من بعض مروجي الخرافات.

ترقبوا المزيد حول خرافات بعض العلاجات الطبيعية للسرطان في مقالات لاحقة.

للتعرف على بعض المغالطات الشائعة حول السرطان يمكنكم قراءة هذا المقال:

هنا

المصادر:

هنا

هنا