الهندسة والآليات > التكنولوجيا

صرْحٌ بشريٌّ جديدٌ في الفضاءِ قد يقودُنا إلى اكتشافاتٍ جديدةٍ.

استمع على ساوندكلاود 🎧

ما تزال المعلوماتُ التي نملكها عن الفضاءِ قليلةً ولا تروي الفضولَ البشريَّ، لذلك يسعى البشرُ إلى إيجادِ التكنولوجيا والتقنيات الجديدةِ بهدفِ تسهيلِ مهمةِ استكشافِ الفضاءِ على أنفسهم.

أعلنت وكالةُ الفضاءِ الأوروبيةِ (ESA) عن خُطتِها الطموحةِ في بناءِ قاعدةٍ في الفضاءِ بين الأرضِ والقمر، بحيث يمكنُ لروَّادِ الفضاءِ استخدامها كفندقٍ في منتصفِ الطريقِ أثناءَ السفرِ إلى القمرِ أو ربما كنقطةِ انطلاقٍ للاستكشافاتِ الجديدةِ في أي مكان آخر في النظام الشمسي. وصرَّحَت وكالةُ الفضاءِ الأوربيةِ أنَّ هذا الصرحَ البشريَّ سيكون في الفضاءِ خلالَ العَقدِ التالي.

سيتوجبُ على هذه القاعدةِ القيامَ بعدةِ مهامٍ؛ كتوفيرِ مُفترقِ طرقٍ في الفضاءِ لمساعدةِ البعثاتِ إلى سطحِ القمرِ وغيرها من البعثاتِ التي ربما ستكتشف معلوماتٍ جديدةٍ عن الفضاء. تقعُ هذه القاعدةُ في منتصفِ المسافةِ تقريباً بين الأرضِ والقمرِ، وستمثّلُ البديلَ الأفضلَ لمحطةِ الفضاءِ الدوليةِ (ISS) التي ستخرجُ عن الخدمةِ في عام 2024 بعد بقائها نحو 26 سنةٍ في الخدمة.

عبَّر ديفيد باركر(David Parker) مديرُ الرحلاتِ الاستكشافيةِ البشريةِ والروبوتيةِ في محطةِ الفضاءِ الأوروبيةِ قائلاً: "اسمحوا لي بنقلكمْ إلى تجربةٍ في المستقبلِ بعد حوالي 10 سنواتٍ من الآن"؛ وقد قال تلك الكلمات لوصفِ فكرةِ القيامِ ببناءِ هذه القاعدةِ، وذلك أمامَ وسائل الإعلامِ في مؤتمرٍ صحفيٍ في ألمانيا أُقيمَ احتفالاً بالعودة الآمنةِ لرائدِ الفضاءِ البريطاني تيم بييك (Tim Peake) إلى الأرض. وأضافَ باركر: "بعد 25 عاماً من الخدمة؛ تقترب محطةُ الفضاءِ الدوليةِ من نهايةِ حياتِها، ولكن ستظهرُ نجمةٌ جديدةٌ تبعدُ عن الأرضِ ألفَ مرةٍ أكثرَ منها، وستُمَثِّلُ هذه القاعدةُ الفضائيةُ موقعاً بشرياً في الفضاءِ البعيدِ، حيث تتوازنُ جاذبيةُ كلٍّ من الأرضِ والقمرِ".

ووفقاً لديفيد باركر، فإنَّ الموقعَ البعيدَ للقاعدةِ الفضائيةِ الجديدةِ يعني أنها ستكون أكثرَ من مُجردِ بديلٍ لمحطةِ الفضاءِ الدوليةِ، إذ أنها ستساعد على دراسةِ الفضاءِ بأساليبَ جديدةٍ، وستتركز الدراساتُ بشكل أكبر حول القمرِ وطُرقِ الوصولِ إليه.

يقولُ باركر أيضاً: "ستكونُ القاعدةُ الفضائيةُ بمثابةِ مكانٍ جديدٍ للعيشِ وتعلُمِ طُرقِ العملِ المختلفةِ في الفضاء، وهي أيضاً بمثابةِ مُعسكرٍ لاستكشاف النظام الشمسي، ويمكن مشاهدةُ القمرِ عن قربٍ من على سطحِ هذه القاعدةِ الفضائية".

وقد صرَّحَ رائدُ الفضاءِ البريطاني تيم بييك: "نحنُ الآنَ جاهزونَ للقيامِ بمهماتٍ جديدةٍ بعيداً عن الأرضِ وخارجَ إطارِ محطةِ الفضاءِ الدولية، إننا في مرحلةٍ جديدةٍ وليس هنالك أيّ مجالٍ للشك؛ لقد قُمنا بتقدُّمٍ هائلٍ جداً".

ويقولُ تيم بييك في حديثٍ حولَ مشاركةِ المملكةِ المتّحدةِ في مشروعِ القاعدةِ الفضائيةِ الجديدةِ وخاصةً بعد التصويتِ على خروجِها من الاتحادِ الأوروبيّ: "من المُهمِ للغايةِ مشاركةِ المملكةِ المتحدةِ في هذا الأمر، ونحن بحاجةٍ إلى إعطاءِ صناعتنا فرصةً لتطويرِ ما يحتاجه الأمرُ لدعمِ رحلاتِ الفضاءِ البشرية. إذا لم نكن طرفاً الآن فنحن ببساطةٍ سيفوتنا القطار".

لكنَّ المملكةَ المتحدة قد فاتها القطارُ فعلاً في مجال بعثات وكالة الفضاء الأوروبية مثل قاعدة الفضاء المقترحة، وهذا أحدُ نتائجِ الاستفتاء التاريخي حول بقاءِ المملكةِ المتحدةِ في الاتحادِ الأوربي والذي جاءت نتائجُه موافقةً على الانفصال.

على كلِّ حالٍ، و سواءٌ بمشاركةِ المملكةِ المتحدةِ أو بعدمه، ستكون هذه القاعدةُ الفضائيةُ قفزةً هائلةً في مجالِ بحوثِ الفضاء، وستقودنا بكلِّ تأكيدٍ إلى اكتشافاتٍ جديدةٍ ومذهلة، وربما ستجعل هذه القاعدة مهمة الصعودِ إلى القمرِ مهمة أسهل بكثير مما هي عليه الآن. إنها لحظات رائعة أن نشاهد كلَّ هذه الاكتشافاتِ بأم أعيننا، أليسَ كذلك؟

المصدر:

هنا