الطبيعة والعلوم البيئية > عجائب الأحياء

كلابُكم الأليفة مصدرٌ للخطر!

استمع على ساوندكلاود 🎧

يُحبُّ الأطفالُ مُلامسةََ الكلاب الأليفة؛ إذ يلعبون معها ويَحبُون خلفها ويرغبون دوماً بعناقها. يُسبِّبُ هذا الاحتكاكُ الوثيق غير المرغوب فيه من قِبَل الكلاب شعوراً بالمُضايقة وتقييداً لحريَّتها؛ ما يدفعها للردِّ على ذلك عن طريق وسائلَ عديدةٍ قد تصلُ في النهاية إلى عَضِّ الطفل.

وعليه فإنَّ كلبَ الأسرة المُدلَّل والأليف هو المسؤول عن أغلب حالات العَضِّ التي يُعاني منها الأطفال الصغار، وعادةً ما يسبق حالات العضّ احتكاكٌ بين الطفل والكلب يكون وديّاً من جانب الطفل، وتحصل أغلب هذه الحوادث أمام أعين الكبار وتحت إشرافهم؛ لهذا السَّبب قد يكون ضعفُ الإشراف على التواصل بين الأطفال والكلاب سبباً رئيساً في وقوع مثل هذه الحوادث.

من هنا بدأ مجموعةٌ من الباحثين النِّمساويين من معهد تربية الحيوانات وحمايتها في جامعة الطبِّ البيطري في فيينا دراسةً استقصائيةً لتحرِّي شيوعِ حوادث عضِّ كلب الأسرة المُدلَّل للأطفال على الرغم من رقابة البالغين، واستطلاعِ آراءِ ومواقفِ مالِكِي الكلاب عن التداخلات اليومية لأطفالهم مع كلب الأسرة، وحُكمهم عليها مُقارنةً بالتداخلات الحاصلة مع الكلاب الغريبة.

وأجرى الباحثون استطلاعاً للرأي عن طريق الإنترنت على مدى أربعة أشهر، شارك فيه أشخاصٌ يملكون كلباً ويعتنون بأطفالٍ أعمارهم أقلّ من ستِّ سنوات. وقد قُسِّمَ هذا الاستطلاع إلى أربعة أقسام، ووُضِعت النتائجُ على مقياسٍ من 1 إلى 6؛ كان القسم الأوَّل إحصاءً فيما يتعلَّق بالتركيبة السكانية (مُشارك، طفل، كلب)، أمَّا القسم الثاني فقد شملَ موضوعَ الإشراف والرعاية اليومية للطفل والكلب، في حين تضمَّن القسم الثالث مُقاطعةََ التداخلاتِ بين الطفل والكلب، وشمل مجموعةً من الصور تُظهِر أنماطاً مختلفة عن التفاعل بين الطفل والكلب (وقد اعتُمِدَت تلك الصور بناءً على تقديرات الخبراء)، واهتمَّ القسم الرابع بالوعي بمخاطر هذه التداخلات.

وقد نشر الباحثون نتائجَ تحليلهم الأوَّل لسلوك الآباء فيما يتعلَّق بالإشراف على العلاقة بين الطفل والكلب في مجلة Veterinary Behavior.

الثِّقةُ الزَّائدة:

ربَّما تكون الثِّقةُ الزائدةُ بكلب الأسرة وتغليبُها على العناية واليقظة من أهمِّ الأسباب الكامنة خلف حوادث العضِّ التي تحصل بوجود رقابة الأهل؛ فقد أظهرَت نتائجُ الاستطلاع أنَّ معظم المشاركين يُقيِّمون التداخلات ذاتَ الخطورة القليلة نسبيّاً بين الأطفال والكلاب الصغيرة الغريبة على أنَّها خطرٌ مُحتَمل. أمَّا عندما يتعلَّق الأمرُ بكلب الأسرة فتُعدُّ أغلبُ الحالات غيرَ مؤذية ولا تحتاج للتدخُّل، وقد توسَّطَ مُعدَّل مستوى تسامح المشاركين مع السلوكيات غيرِ الآمنة المقياسَ من 1 إلى 6 المذكور آنفاً؛ فبلغ 3.05 من 6 درجات، وكان مستوى الانتباه واليقظة في أثناء الرقابة على التداخلات بين الأطفال الصغار والكلاب مُشابهاً؛ إذ بلغ 3.12 من 6 درجات.

وعليه فإنَّ نصفَ المشاركين يسمحون لطفلهم باللَّعب مع الكلب وعناقه بقدرِ ما يريد، ولا يُخضعون الطفل والكلب لأيَّة رقابة.

______

عدمُ إدراك المالِكِين لاحتياجات الكلب:

على الرغم من أنَّ مالِكِي الكلاب يُوفِّرون لها احتياجاتها الأساسيةَ (كالتنزُّه والأماكن المُنفصلة للاستراحة والطعام)؛ لكنَّ أغلبَهم لا يُدركون حاجةََ الكلب إلى فترات راحةٍ بعيداً عن متناول الأطفال الصغار؛ إذ سجَّلَت بنودُ الاستطلاع المتعلَّقة بهذا الأمر مُعدَّلاً منخفضاً أقلَّ من النصف، وبلغ 2.83 من 6 درجات.

فإنَّ عدمَ وجود مناطق مُخصَّصةٍ لراحة الكلب، وفتراتٍ لاستراحته بعيداً عن الطفل قد تُجهِد الكلبَ وتُؤدِّي في النهاية إلى حصول حوادث العضّ.

______

مُناقشة النتائج:

يمكننا أنْ نُلخِّصَ نتائج الدراسة بأنَّ القلقَ الواجب الموجود لدى الأهالي تجاه الكلاب الغريبة لا يَظهرُ تجاه كلب الأسرة، فالأهالي يثقون بكلبهم ويستبعدون احتمالَ وقوع حوادث العضّ، حتّى إنهم يفترضون قدرةَ الكلب على التحمُّل والصبر أكثرَ من الكلاب الأخرى؛ ما يجعلهم أقلَّ يقظةً وانتباهاً للتداخلات الحاصلة بين أطفالهم وكلبهم.

وهذا ما يُؤكِّد وجوبَ تثقيف مالِكِي الكلاب فيما يخصُّ السلوكيات غير الآمنة المُحتملَة، وإعطائِهم الإرشاداتِ التي تتعلَّق بتدابير السلامة الواجب استخدامها مع كلب الأسرة؛ بدءاً من مراقبة التداخلات بين الأطفال والكلاب بحذرٍ وتوجيهها، وصولاً إلى فصل الكلب عن الطفل إذا اقتضت الضرورة ذلك.

وعلى الأهالي أيضاً أن يُدركوا ويحترموا حاجةََ كلبهم للراحة، ولوجود مكانٍ يخصُّه بمفرده، فالفصل المكانيّ بين الأطفال الصغار والكلاب يُخفِّفُ على الأهالي عبء المراقبة الدائمة لهم، فيبقى الطفل آمناً ويحصل الكلبُ على فرصةٍ للاسترخاء دون إزعاج.

الأطفالُ الصغار غير قادرين على استشعار الأخطار:

يمكن للأهالي الانتباهُ إلى لغة الجسد التي يستخدمُها الكلبُ لدى شعوره بالمُضايقة أو تقييد حُرِّيته من الطفل (كالتوتر الجسديِّ أو التذمُّر أو اللَّعق المُتكرِّر للأنف أو التثاؤب)، والتي تدلُّ جميعُها على عدم رغبة الكلب بلمسه أو ملاحقته إلى أيِّ مكانٍ يذهب إليه، وهنا يعلم الأهل أنَّ عليهم أن يتدخَّلوا.

ولكن يجب أن نتذكَّر أنَّ الأطفالَ الصغارَ غيرُ قادرين بعدُ على فَهم هذه الإشارات وتفسير سلوك الكلب، ولا سِيَّما أنهم يُفسِّرون تذمُّرَ الكلب أو تكشيرَه عن أنابيه بأنه يبتسم لهم.

المصادر:

هنا

هنا