كتاب > روايات ومقالات

مراجعة رواية (عالَمُ صوفي).. مِن الفلسفة بدأت العلوم

استمع على ساوندكلاود 🎧

كتب الروائيُّ النرويجيُّ جوستاين غاردير رواية (عالَمُ صوفي) عامَ 1991، وتصدَّرت لثلاث سنوات قائمة الأفضلِ مبيعًا في النرويج. ولقد ذاع صيت غاردير بعد صدور هذه الرواية، إذْ تُرجمت إلى أربعٍ وأربعين لغةً عامَ 1995، وأصبحت الأكثرَ مبيعًا في العالم.

تحكي الروايةُ قصةَ الفلسفة بأبسط أشكالها، إذْ يستطيع الطالب والمثقّف وكبيرُ السنّ أن يفهم هذا التاريخ الزاخر بالأسماء والأحداث والأفكار. تبدأ الرواية بوصول الكثير من الرسائل من مُرسِلٍ غامض إلى صوفي أمندسون، ابنةِ الأربعةَ عشرةَ عامًا، التي تعيش مع والدتها. يفتتح هذا المُرسِلُ الغامضُ تلك الرسائلَ بسؤالين وجوديّين كبيرين جدًّا؛ الأولُ هو: «مَن أنت؟»، أمّا الثاني فـ«مِن أين جاء العالم؟». تتطوَّر الحبكةُ في الرواية بتطوُّر الأسئلة واستمرار تدفُّق الأفكار الفلسفيّة. لاحقًا، يدخل القصةَ عنصرٌ جديد؛ فتاةٌ تُدعى هيلد مولر كناغ، وفي أثناء استمرار تدفُّق الرسائل، نعلم أنّ المرسلَ هو شخصٌ يدعى ألبرتو كنوكس، وهو أستاذ للفلسفة، لكنّ هيلد مولر كناغ كانت دائمًا ما يُشار إليها في الرسائل، خاصةً مع اقتراب الاحتفال بعيد ميلادها المُصادِفِ ليوم عيد ميلاد صوفي نفسِه. مَن ألبرتو؟ ومَن هيلد؟ ومَن الـ(ميجور) والدُ هيلد في لُبنان؟ وما صلةُ صوفي بكلِّ هذا؟ وما صلةُ دروس الفلسفة بصوفي وهيلد؟ جميعُ هذه الأسئلة سيطرحها قارئُ الرواية، ومع التقدُّم شيئًا فشيئًا في دروس الفلسفة، ستبدأ الألغاز المحيطة بهذه الرواية بالتفكُّك.

(عالَمُ صوفي) ليست روايةً فقط، إنما هي عبارةٌ عن دروس فلسفة غيرِ تقليديّة، بل عمليّةٍ وتحليليّةٍ، قائمةٍ على الحوار بين أستاذ وطالبته. إذْ يبدأ ألبرتو بعرض أساطيرِ ما قبل التاريخ؛ فيبدأ بالشعلة الأولى للفلسفة في التاريخ والفلسفةِ اليونانيّة، ثم يتطرّق إلى العصور الوسطى وما تطوَّر فيها على صعيد المجال الفلسفيّ، وذلك وصولًا إلى عصر النهضة حيث بدأت الحياة بالتّفجُّر؛ من ديكارت إلى سبينوزا ولوك وهيوم، ثم فلسفةِ التنوير عبر كانط وفولتير ومونتسْكيو وروسّو، ثم انطلاقِ الحِقْبة الرومانسيّة في الفلسفة وفلسفةِ هيغل وكيركيغارد، ليأتيَ بعدها ماركس وداروين وفرويد، أو يما يدعى بالفلسفة الطبيعيّة، وفي النهاية سردٌ بسيط لفلسفة الحِقْبة المعاصرة.

لم يتطرّقْ غوستاف غاردير في (عالم صوفي) إلّا إلى الفلسفة الغربيّةِ الأوروبّيّة؛ فلم يتعرّض إلى الفلسفة الهنديّة أو الصينيّة أو العربيّة، ولم يذكر ابنَ سينا أو ابنَ رشدٍ أو الفارابيَّ وغيرَهم. والجديرُ بالذكر أخيرًا أنّ كلمة (صوفي) لم تأتِ اعتباطيّة، بل إنّ تسميةَ الروايةِ بـ(عالَمُ صوفي) كانت تَبَعًا لكلمة (صوفي) اليونانيّة، التي تعني الحكمة، إذْ كانت الفلسفةُ عند الإغريق هي أمَّ العلومِ وتاجَها وسقفَ المعبدِ العلْميّ.

• معلومات الكتاب:

اسم الكتاب: رواية (عالم صوفي).

المؤلف: جوستاين غاردير.

المترجم: حياة الحويط عطية.

دار النشر: دار المنى.

سنة النشر: 1991م.

الترقيم الدولي: 7-93-85365-91-978