الهندسة والآليات > التكنولوجيا

محركٌ مرنٌ يمكنُ أن يُمهّدَ الطريقَ نحو آلياتٍ لا تُؤذي البشر.

استمع على ساوندكلاود 🎧

أصبحتْ العديدُ من الروبوتات أمراً لا غِنى عنه للبشر، ولكن كما هو معروف فإنه لا يمكنُ تجاهلُ الخطرِ المحتملِ الذي يمكنُ أن تسببه لهم هذه الروبوتات في مجالات عملهم . ففي مجالِ الصناعةِ الآليةِ للسيارات على سبيل المثال، تقومُ الروبوتات بتجميعِ السياراتِ بسرعةٍ وموثوقية، ولكنها تكونُ محميّةً بشكلٍ جيدٍ من التماسِ المباشرِ مع الناس، فهي تتحركُ بدقةٍ ودونَ توقف، لذا فإن مرورَ أيّ شخصٍ في طريقها يمكن أن يسبب له إصابةً كبيرة. ولكن هذا الضررُ المحتملُ يمكن تَجنّبه مع الروبوتات ذات المحركات المرنة التي يمكن تقييدُ قُطرِ حركتها عن طريقِ ربطها بخراطيم غازية.

يقدمُ لنا الباحثون من معهد ماكس بلانك للأنظمة الذكية في شتوتغارت نظاماً للحركةِ يدعونه بالمحرك المرّن (elastic actuator )، يمكنُ دمجُه مع الروبوتات بفضلِ تصميمهِ المُوفّر للمساحة، يعملُ هذا المحركِ مع أغشيةٍ عاليةِ المرونةِ تحيطُ بالحجرات المملوءة بالهواء، ويمكن التحكم بحجمِ الحجرات بواسطة تطبيق حقل كهربائي على الغشاء. تعتمدُ المحركاتُ المرنة -التي كانت تُستخدَمُ قبل هذا الابتكار-بعملها على تمدد الحجراتِ المليئةِ بالهواء، مما يعني أنها تحتاجُ إلى مضخاتٍ وضواغطَ كي تعمل، ولكن هذه المعدات بالنسبة للمحركِ المرن الجديدِ الذي طوره الفريق، هي معدات ربما تكونُ فائضةً عن حاجته.

يقول ميتين سِدي (Metin Sitti) مدير معهد ماكس بلانك للأنظمة الذكية واصفاً المحرك الجديد: " لقد طوّرنا محركاً يجعلُ إحداث تغييرات كبيرة في الشكل أمراً ممكناُ دون تزويدٍ خارجيّ بالهواء المضغوط ".

يتألف النظامُ الجديدُ للمحركِ المرن المطاطي العازل من:

• غشاءٍ مصنوعٍ من مادة عاليةِ المرونة.

• أقطاب كهربائيةٍ مرنة مطاوعة مُثبّتة من كلّ جانب.

ويتمّ التحكمُ بتمددِ الغشاءِ بواسطة حقلٍ كهربائي بين الأقطاب الكهربائية، فعند تطبيقِ جهدٍ كهربائي تنجذبُ الأقطابُ إلى بعضها من كلّ جانبٍ فتسبب انضغاط الغشاء، وعندَ ربطِ عدة أغشية مماثلة مع بعضها يمكننا التحكمُ بإزاحة مكانِ تشوه الشكلِ الناتج عن الضغط.

مما ساعدَ الباحثين لتحقيق ذلك هو أنّ مادةَ الغشاء المستخدمة لها حالتين مستقرتين، أي لها بنيتان حجميتان مختلفتان عند ضغطٍ معينٍ، دونَ الحاجةِ إلى تقليص الحجم الأكبر. إن هذا يشبهُ إلى حدّ ما أن تدعَ بالوناً منفوخاً يُخرِجُ بعضاً من هواءه، فالبالون لا يعودُ إلى حجمه الأصلي ولكنه يبقى أكبر بشكل ملحوظ. فبفضلِ خاصية ثنائية الحالة، تمكن العلماء من نقل الهواء بين حجرتين أحدهُما منفوخةً أكثرَ من الأخرى. ويتم ذلك عبرَ تطبيقِ تيار كهربائي على غشاءِ الحجرة الأصغر، والتي تستجيبُ له بالتمدد وامتصاص الهواء من الحجرة الأخرى، وعند فصلِ وحدة التغذية وقطع التيار الكهربائي يتقلصُ الغشاءُ، ولكن ليس إلى حجمه الأصلي بل يبقى أكبر كنتيجةٍ لحالته المتمددة.

ويؤكد (Metin Sitti) أنه من المهم إيجادُ بوليمرات عاليةِ المرونةِ، مناسبة ومتينة تتحملُ التغير السريع والقوي للشكل الناتج سواء عن الضغط أوالتمدد، ولذلك قامَ الفريق باختبار موادّ مختلفة للأغشية واستخدم نماذج معينة، ليسجل بشكلٍ منتظمٍ سلوكَ المواد المطاطية في المحرك.

وحتى الآن، أظهرت المواد المرنة المُختَبَرة من قبل الفريقِ إيجابيات وسلبيات له، بعضُها أظهرَ قوةً في إعادةِ التشكيلِ، ولكنّ سرعة منخفضة وبعضها الآخر عملَ سريعاً، ولكن عملية إعادة التشكيل كانت محدودة أكثر. وكَحلّ لهذا يقترح (Metin Sitti): "سنجمعُ مواد مختلفة، لدمج عدة خصائص في غشاء واحد".

إن ما ذُكر في هذا المقال هو خطوة أولية من عدة خطواتٍ أخرى يخططُ الفريقُ للقيام بها. وسيكون الهدف في المستقبل دمجَ هذا المحركِ المرن الجديد مع الروبوتات، بحيث يُتيح لها مرونة أكثر في الحركة، فتستطيعُ على سبيل المثال أن تتوقف وتتراجعَ على الفورِ إثر اقترابِ التصادم مع الإنسان. وحينها فقط يمكن للآليات أن تصبحَ عديمةَ الخطرِ على الجنس البشري.

المصدر:

هنا