الفيزياء والفلك > علم الفلك

اكتشاف أبعد مجرة معروفة في كوننا

الجلوس مع الجد أو الجدّة يشبه تماما الجلوس مع التاريخ, فقصصهم تحكي عمّا كانت عليه الأمور, و كذلك هو النظر إلى أعماق الكون , فيحدّثك عن تاريخه بلغة الأمواج التي أصبحنا قادرين على قرائتها و فهمها و الاستنتاج منها. تعرّف في المقال التالي على الـ "جدّ" الحالي للكون و على قصّة من قصصه :

لقد استطاع العلماء مؤخرا بواسطة تلسكوب هابل و تلسكوب كيك الموجود على قمة جبل ماونا كيا في هاواي اكتشاف أبعد مجرّة عن كرتنا الأرضية , و أصبحت أبعد مجرّة استطاع البشر حساب مكانها بدقّة, إذ تقع على حافّة الكون المرئي لنا و تبعد 13 مليار سنة ضوئية, أي أنّ الضوء القادم منها يحتاج إلى 13 مليار سنة ليصل إلى الأرض, و هذا يعني أن المجرّة كما تظهر بالصور عمرها لا يتجاوز 700 مليون سنة, لأن عمر الكون , حسب أحدث التقديرات و أدقّها , لا يتجاوز 13,8 بليون سنة. وقد أعطيت الاسم z8_GND_5296.

و لحساب بعدها عن الأرض لا يلجأ الفلكيين إلّا إلى دراسة الأمواج الضوئية المنبعثة منها , و معرفة مدى الانزياح نحو الطيف الأحمر الّذي تعرضت له تلك الموجات (كما نوضح في مقالنا السابق عن قياس الأبعاد الفلكية). و المميّز بهذا الاكتشاف تمكّن العلماء من تحديد بعد المجرّة و مكانها في الفضاء بدقّة ,و ذلك بعكس ما يحصل في حالات أخرى لمجرّات بعيدة جدّا لا يمكنهم حساب بعدها عنا بشكل دقيق. إنّ ما يميّز دراسة مجرات بعيدة جدّا عن كوكبنا هو أننا ننظر إلى تاريخ المجرّة نفسها و ليس إلى وضعها الحالي و بذلك نفتح نافذة على كيفية تشكّل المجرّات الأولى, و بمقارنة خصائص المجرّات البعيدة جدا بالمجرّات الأقرب , نستطيع الكشف عن تطوّر المجرّات على مرّ السنين و العصور الطويلة من عمر الكون. و من أهم مزايا هذه المجرة في هذه الفترة من عمرها أنّها كانت توّلد نجوما بمعدّل 300 نجم سنويّا , اي ما يعادل 100 ضعف المعدّل السنوي لمجرتنا درب التبّانة.

يعتقد علماء الفلك أنهم اقتربوا من اكتشاف المجرات الأولى التي حدث أثناء وجودوها التحول من كون "ضبابي" تملؤه ذرات الهيدروجين إلى كون "شفّاف" تملؤه ذرّات هيدروجين مؤيّنة (شوارد هيدروجين ). و يقع مكان هذه المجرة في القبّة السماوية بالقرب من مكان أبعد مجرّة معروفة سابقة , و وجودهم بالقرب من بعضهم قاد العلماء إلى توقّع وجود عدد أكبر من المجرات و النجوم البعيدة التي يمكن اكتشافها.

 

فيما سبق قصّة صغيرة عن كوننا الكبير..و هناك العديد ممّا لم نقرأه بعد , إلّا أنّه موجود في ذاكرته.

 

حقوق الصورة: V. Tilvi, Texas A&M University; S.L. Finkelstein, University of Texas at Austin; C. Papovich, Texas A&M University; CANDELS Team and Hubble Space Telescope/NASA

المصدر: هنا;

البحث المنشور في مجلة Nature: هنا;

مقالنا السابق عن قياس الأبعاد الفلكية: هنا

/p>