الطب > أمراض نسائية وتوليد

شذوذات توضّع الرحم

استمع على ساوندكلاود 🎧

الرحم هو الموطن الأول الذي يسكنه الإنسان منذ بَدء تكوينه، وهو عضوٌ مهمٌّ من الجهاز التكاثري الأنثوي، يكون بوضعية الانقلاب الأمامي فوق المثانة وخلفَها، لكن، هل يكون توضُّعه وشكله وحجمه ثابتاً دوماً؟ بالطبع لا! تعالوا معنا نتعرف على تغيرات توضعه وآثارها وعلاجها...

الرحم هو أولُ مسكن للإنسان، ففيه تبدأ حياتُه إذ يقطنه مدةً يجب ألَّا تقلَّ عن تسعة أشهر خلال الحمل، ويُعدُّ الرحم عضواً حوضياً، أيّ يتوضع ضمن الحوض عند الإنسان، فيما عدا المدة الأخيرة من الحمل عندما يكبرُ محصول الحمل فيكبر معه الرحم ويرتفع ليدخلَ البطن.

للمزيد حول تشريح الرحم إليكم هذا المقال: هنا

يتوضع الرحم بوضعية الانقلاب الأمامي أعلى وخلفَ المثانة ويثبّته في مكانه ذاك أحشاءُ الحوض الأخرى والنسيجُ الضام والأربطةُ التي تربطه بالأعضاء الأخرى، وعند وجود أيّ خلل في تلك العناصر قد يؤدي ذلك إلى تغيراتٍ في وضعية الرحم. يُمكن تقسيم هذه التغيرات إلى قسمين: تغيراتٌ خارجَ الحمل، وتغيراتٌ أثناء الحمل.

تمثّل التقلّصاتُ العضليةُ المتقطعةُ والتغيُّراتُ في شكل الرحم وحجمِه وتوضُّعِه أموراً طبيعيةً خلال الحمل، لكن يبقى هناك احتمالُ حدوث مضاعفات توليدية ناتجةٍ عن تغيُّراتٍ حادة أو مزمنة في شكل الرحم وتوضعه. أما هذه التغيرات فهي:

• الانقلاب الخلفي (Retroversion).

• الانحباس (Incarceration).

• التدلّي (Prolapse).

• الالتواء (Torsion).

• الانفتاق(Herniation) .

• التكيّس (Sacculation).

1- الانقلاب الخلفي:

يتيحُ تشريح الحوض الطبيعي بحركة قاع الرحم حركةً حرةً نسبياً في المحور السهمي والعمودي والمائل والأمامي الخلفي، وفي حالة الانقلاب الخلفي يتوضع قعرُ الرحم توضعاً خلفياً، وفي بعض الحالات يكون الرحمُ مثبتاً في هذه الوضعية بوجود التصاقاتٍ ناتجةٍ عن حالةٍ التهابيةٍ أو عملٍ جراحي سابقَين.

يُمثلُ الانقلابُ الخلفي للرحم عند النساء غير الحوامل حالةً طبيعية، وفي معظم الحالات لا ينتجُ عنه أيّ أعراض، ويوجد عند واحدةٍ من بين خمس نساءٍ سليماتٍ كتغيّر طبيعي أو كحالةٍ مُكتسبة، كما يُمكن أن ينتجَ عن حالاتٍ مرضيةٍ هامّةٍ في الطب النسائي، فعندما يتشوَّه محيطُ الرحم نتيجةً لشذوذٍ في قناة مولر (وهي القناة التي ينشأ منها الرحم في المرحلة الجنينية) أو نتيجةَ ورم عضلي أملس Leiomyoma أو حتى التهابٍ والتصاقاتٍ سابقة، قد يصبحُ الرحم عندئذٍ مثبتاً في وضعية الانقلاب الخلفي ويفقد بذلك حركتَه الطبيعية.

يعدُّ الانقلاب الخلفي للرحم حالة طبيعية خلال أشهر الحمل الأولى، ولكن إذا استمرَّ حتى الثلث الثاني من الحمل فقد يتطور إلى احتباس -لا تتجاوز نسبته حوالي 2%- وعندما يحدث ذلك فمن المحتمل حدوثُ أعراضٍ حادة ومضاعفات، فقد يتطوّر أحياناً إلى التكيّس، وهو توسعٌ وتضخمٌ في الجدار العلوي للرحم.

ليس الانقلابُ الخلفيُّ الثابتُ للرحم أمراً حميداً دائماً، وعندما يتظاهر بأعراض يكونُ أهمُّها: صعوبةُ إفراغ المثانة التي تتطور في الثلث الثاني من الحمل، أو شكوى ألم بطني، أو إحساسٌ ضاغطٌ أسفل البطن، أو تقلصاتٌ رحميةٌ أو تبقيع (نزف مهبلي). لا يوجد دليلٌ علميٌّ على علاقة الانقلاب الخلفي بالإجهاض أو العقم إلا أنَّه يُعالَج للتخلُّص من الأعراض المزعجة، ويتمثل علاجه بما يلي:

• إفراغُ المثانة بالقثطرة.

• ممارسةُ المريضة تمارين ذات وضعية خاصة تساعد في إعادة الرحم إلى وضعه الطبيعي.

• النومُ بوضعية الاستلقاء البطني.

• عادةً ما يعودُ الرحم إلى وضعه الطبيعي عفوياً باتباع تلك القواعد، وفي حال لم يعد فهناك مناوراتٌ يدويةٌ يقوم بها الطبيب قبل اللجوء إلى الحل الأخير، العلاجُ الجراحي، إلا أنَّ فائدتَه محدودةٌ وغيرُ مؤكدة في إنهاء الأعراض أو كعلاج مُفرَد للعقم، أما بالنسبة للنَّكس فهو أمرٌ نادر.

2- التدلي الرحمي:

حالةٌ شائعةٌ في الطب النسائي خاصةً عند عديدات الولادة وفي سن الإياس، وهناك حالاتٌ ترتبط بالحمل إلا أنَّها غيرُ شائعة، وغالباً ما تحصل في الثلث الثاني من الحمل عندما ينمو الرحم ويرتفع ساحباً معه عنقَ الرحم للأعلى، وله درجات، ولكن لا حاجة للعلاج سوى في الحالاتِ الشديدة. وكما قلنا سابقاً، هناك عدةُ بنى مساعدةٍ وداعمةٍ منها: البنى العضلية والصفاقية والعصبية التي تُشكّل شبكةً داعمةً، وإنَّ أيَّ أذيةٍ أو ضَعفٍ فيها (كالإصابات الحوضية أو عسر الولادة أو الولادة المهبلية أو الولاداتِ المتعددة أو الاستعداد الوراثي وغيرها) قد يُسبّب خسارةَ هذا الدعم والاستناد وبالتالي درجةً من درجات التدلي.

الأعراضُ المرافقة هي: ضغطٌ أو شعورٌ بالثقل أو عدمُ راحة في الحوض، أو ألمُ ظهرٍ سفلي أو أعراضٌ بوليةٌ أو مخاضٌ باكرٌ أو إحساسٌ بكتلة مهبلية، أما العلاجُ فيكون بتخفيف الجَّهد وتقليل النشاط بشكل أساسي، ومعالجة الأسباب كالالتهابات وغيرها، أما الحالاتُ الشديدة فتتطلب جراحة.

3- الالتواء:

حالةٌ نادرةٌ قد تكون خطيرةً، وغالباً ما تُشخَّص بشكلٍ مُتأخر وبالتالي يتأخر التدخلُ العلاجي وتزيد مخاطر المضاعفات. في هذه الحالة، يلتفُّ الرحم أكثر من 40 درجةً حول محوره الطولاني في منطقة الوصل بين عنق الرحم وجسمه، وقد تسبِّب هذه الحالةُ ضغطاً مباشراً على أوردة الرحم ما يؤدي إلى أعراض خطيرة، كما قد تُشكِّل خطراً على حياة الجنين عند الحامل.

4- الانفتاق:

ينفتق الرحم عبر عيب أو خلل في جدار البطن كفَتْق في السُّرة -حالة غير شائعة- أو إثر عمل جراحي في البطن.

5- الانقلاب:

حالةٌ غيرُ شائعة لكنَّها قد تكون خطيرةً، وتحدث غالباً بعد الولادة نتيجةَ مضاعفاتِ الحمل أو بسبب أورام رحمية متدلية تسحب جدارَ الرحم معها نحو الأسفل، وقد يكون الانقلابُ جزئياً أو كلياً؛ إذ يُغادر جدارُ الرحم عبر عنق الرحم إلى الأسفل.

كما قلنا في البداية، شكلُ الرحم وتوضُّعُه وحجمُه ليس ثابتاً دائماً، وقد تكون تغيُّراتُه لا عرضيةً وغيرَ مؤثّرةٍ في بعض الأحيان ولكنَّها قد تكون خطيرةً وتحتاج إلى العنايةَ والعلاج، وتبقى كلمةُ الفصل في ذلك لطبيبك سيدتي.

المصادر:

هنا

هنا