الغذاء والتغذية > الرياضة وتغذية الرياضيين

المشروبات الكيتونية لتعزيز الأداء الرياضي.. مكملٌ جديدٌ يلوح في الأفق.

استمع على ساوندكلاود 🎧

يمثل استقلاب الكيتونات Ketones مساراً يسلُكُه جسم الإنسان للتعامل مع حالة الجوع، ففي الأحوال الطبيعية تتمُّ عملية الاستقلابِ والحصولِ على الطاقة بواسطة حرق الكربوهيدرات وخاصةً سكرَ الغلوكوز، والدهونَ التي يتم الحصول عليها من نظامٍ غذائيٍّ متوازنٍ؛ لكن عندما لا يستطيع الجسم استخدامَ هذه المواد لإنتاج الطاقة يجري تحطيمُ مخازن الجسم من الدهون لتشكيل الكيتونات التي تغذي الدماغ؛ ويحدثُ هذا إمَّا بسبب عدمِ تناول كميةٍ كافيةٍ من الغذاء كحالات الجوع والصيام أو اتباعِ نظامٍ غذائيٍ سيِّئ، أو عند الأشخاص الذين يستهلكون نظاماً غذائياً منخفضَ المحتوى من الكربوهيدرات كنظامِ Atkins، وكذلك عندما لا تتوافرُ كميةٌ كافيةٌ من الأنسولين في الجسم يصبح من الصعب الحصولُ على سكر الغلوكوز من الدم ليتمَّ حرقُه في الخلايا وإنتاجُ الطاقة وبدلاً من ذلك يقوم الجسم بحرق الدهون والحمضِ المتبقي من حرق الدهون هو الكيتونات Ketones. ويقوم الكبد بتحويل الأحماض الدهنية إلى كيتونات والتي يتم إطلاقُها في مجرى الدم لاستخدامها كمصدرٍ من مصادر الطاقة.

في الحالة الطبيعية يكون مستوى الجسم من الكيتونات منخفضاً؛ إلا أنه في بعض الحالات الصحية والتي يكون فيها الجسم محتاجاً لأخذ الأنسولين من مصدرٍ خارجيٍّ كحالة مرضى السكري من النوع 1 فمن المحتمل أن ترتفعَ مستويات الكيتونات في الدم إلى مستوياتٍ عاليةٍ عندَ أخذ كمياتٍ قليلةٍ وغيرِ كافيةٍ من الأنسولين مما قد يؤدي إلى حالةٍ خطيرةٍ للغاية تعرف باسم الحماض الكيتوني ketoacidosis.

هذا وقد توصلت دراسةٌ بريطانيةٌ صغيرةٌ نُشرت في شهر تموزَ من العام الحالي بمجلة Cell Metabolism إلى أنَّ مشروباً تمَّ تطويرُه من أجل الجنود لتوليد الطاقة من الأجسام الكيتونية بدلاً من الكربوهيدرات أو الدهون قد زادَ من المسافة التي يمكن أن يقطعها سائقو الدراجات ذوي المستوياتِ العالية من التدريب بمقدار 400 متر (ما يعادل زيادةً قدرها 2%) خلال تمارينهم. ويعمل هذا المُكمِّل الذي سيكون متوفراً خلال هذه السنة بطريقةِ الاستبدالِ المؤقت للمصدر الرئيسي لطاقةِ الخلايا من الغلوكوز أو الدهون إلى الكيتونات.

ويشير الدكتور Pete Cox -وهو طبيبٌ في جامعة Oxford والمؤلفُ الأولُ للبحث- إلى أنَّه من المثير للاهتمام كيفَ أنَّه باستخدام مشروبٍ واحدٍ مؤلَّفٍ من الكيتونات غذائيةِ المصدر يمكن القيامُ بالتمرين ذاتِه بمسارٍ استقلابيٍ مختلفٍ تماماً. وبالنظر إلى النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة، والتي تتحدى فهمَنا الأساسيَّ لوظائف الأعضاء في جسم الإنسان، سيكون التركيز على متابعة مدى قدرة التحمل والسُّبُلِ المرتبطة بالأداء الرياضي أمراً مغرياً للكثير من الباحثين.

وقد جاءت فكرةُ تطوير مجموعةِ غذاءٍ كيتونية من قِبَل Defense Advanced Research Projects Agency (DARPA) وهي فرعٌ متخصصٌ في البحوث يتبع للجيش الأمريكي، وقد قامت البروفيسورة في علم الكيمياء الحيوية Kieran Clarke من جامعة Oxford إلى جانب الدكتور Richard Veech من National Institutes of بابتكار مشروبِ إستر الكيتون ketone ester. كذلك فإنَّ هذه الدراسةَ تُعد الأولى التي تثبت بشكلٍ فعالٍ أن الأجسامَ الكيتونيةَ خارجيةَ المصدر يمكن لها أن تُحسِّنَ الأداء في أنواعٍ معينةٍ من الأنشطة الرياضية، وقد تم مسبقاً إجراءُ دراساتٍ بهدف اختبار السلامة توصلت إلى أنَّ هذا المشروب لا ينطوي على أيةِ آثارٍ عكسية.

هذا وقد وجد الباحثون في الدراسة التي تضمنت 39 سائقَ دراجةٍ – بما في ذلك بعضَ اللاعبين الأولومبيين سابقاً- أنَّ العضلاتِ تستخدمُ الأجسامَ الكيتونية عندما يتم توفيرُها في النظام الغذائي، وأنَّ امتصاصَها يزيد من مقدار شدة التمرين، حيث قاموا بإعطاء سائقي الدراجات مشروباتِ طاقةٍ تم تزويدها بمصادرَ مختلفةٍ لطاقة الجسم هي الكربوهيدرات، أو الدهون أو الأجسام الكيتونية، فلاحظوا أن سائقي الدراجات الذين تناولوا المشروب الكيتوني كان لديهم أقلُ مستوىً من اللاكتات lactate، وهو مركبٌ ثانويٌ ينتج من تحطيمِ الجسم لجزيئات الغلوكوز، ويرتبط عادةً بالإجهاد العضلي أو الشعور بالألم والتعب عقب التمارين الشاقة. وقد تساعد هذه الملاحظات في تفسير السبب خلفَ قدرة سائقي الدراجات ذوي الأداء المرتفع الذين تناولوا المشروب الكيتوني على قطع مسافةٍ إضافيةٍ بمتوسطِ 400 متر خلال نصف ساعةٍ مقارنةً بمن استهلكوا المشروبَ المُزوَّدَ بالكربوهيدرات أو الدهون.

وتشير Clarkeإلى أن الكيتوناتِ في حالة وجودها تقوم بتثبيط تحللِ الغلوكوز، ولهذا السببِ فإنه يتم حفظ الغليكوجين أثناء بذل الجهد خلال التمرين مما يؤدي إلى إنتاجُ كميةٍ أقلَّ بكثيرٍ من حمض اللاكتيك، وهذا ما لم يُشاهَد من قبل. ويمكن أن يكون ما يحدث فعلاً هو أنه في حال قيامك بنشاطٍ طويلٍ لا يماثل العدوَ السريعَ، مثلَ الجري لمسافة 26 ميلاً، فإنك لن تشعرَ بالتعب والإرهاق الشديدَين بسرعةٍ، ليس هذا فحسب بل إنه يمنع الشعور بالألم لاحقاً بعد التمرين.

وتنوه Clarke إلى أن هذا المشروب يلائم العدَّائين في سباقات الماراثون، إلا أنه لا يساعد العديدَ من رياضيي وعدَّائي الأولومبياد، لأن تمارينَهم تكون من النوع غير الهوائي بالدرجة الأولى، حيث يحتاج الجسم للأوكسجين لحرق الكيتونات. وتحذر Clarke كذلك من شرب كمياتٍ كبيرةٍ من هذا المكمل، لأنه حين تصبح الكيتونات المركبَ الاستقلابي الأولَ، تبقى هنالك حاجةٌ إلى قليلٍ من عمليةِ تحلل الجلوكوز لحصولهم على آثارٍ نافعة منه. وتختم Clarke حديثَها بأنها وفريقَها يهدفون إلى توفير الغذاء الكيتوني للمستهلكين مع نهاية هذا العام، وسيستمرون في أبحاثهم للتحقق من بيولوجية هذا المسار الاستقلابي البديل في جسم الإنسان.

المصادر:

1. هنا

2. هنا

3. هنا

الدراسة المرجعية:

Cox et al. Nutritional Ketosis Alters Fuel Preference and Thereby Endurance Performance in Athletes. Cell Metabolism, 2016 DOI: 10.1016/j.cmet.2016.07.010, هنا30355-2?_returnURL=http%3A%2F%2Flinkinghub.elsevier.com%2Fretrieve%2Fpii%2FS1550413116303552%3Fshowall%3Dtrue