الطبيعة والعلوم البيئية > الطاقات المتجددة

طواحين الهواء من الأرض إلى الماء!

استمع على ساوندكلاود 🎧

رغم أن الرياح ليست مصدراً ثابتاً للطاقة المتجددة، إلا أن البشر يسخّرون الطاقة الحركية للتيارات الهوائية للحصول على طاقة كهربائية باستخدام طواحين هوائية، فلماذا إذاً لم يستغل البشر الطاقة الحركية للتيارات البحرية والمحيطية مثل تيار الخليج رغم أنها ثابتة وأكثر كفاءة؟

ربّما يعود سبب ذلك لعدم الالمام الكافي بالتكنولوجيا المثلى لاستغلال طاقة التيارات المحيطية، وهو ما يجعلها فعلاً غير شائعة في الوقت الحاضر، إلا انها تعد بإمكانيات كبيرة في المستقبل، لأنها تتميز بثبات كميتها فهي دائمة وغير موسمية، وهو ما يجعلها في مقدمة الطاقات النظيفة متفوقة بإمكانياتها على الطاقتين الشمسية والريحية.

هذا ما دعا مجموعة من الباحثين والمهندسين لإطلاق حملة لجمع تبرعات مالية للتمكن من حصد طاقة التيارات المحيطية العميقة باستخدام عنفات مائية ضخمة ومن ثم توليد الكهرباء منها بشكل يشبه عملية تحويل طاقة الرياح إلى كهرباء، ورغم أن هذه العنفات لن تكون كافية للاستغناء عن طاقة الوقود الأحفوري، إلا أنها تمثّل بلا شكّ مصدراً هاماً لتوليد الطاقة النظيفة.

بدأ هذا المشروع باستخدام غواصات تبقى قريبة من قاع البحر حيث تكون التيارات المائية قوية جداً وبالتالي كميات الطاقة كبيرة، فيما عملت شركات أخرى على تحوير الطواحين الهوائية المصممة لالتقاط طاقة الرياح القليلة الكثافة لاستخدامها كعنفات مائية لالتقاط طاقة المياه ذات الكثافة العالية، حيث يسبب الفرق الكبير بين كثافتي المياه والهواء دوران العنفات المائية بشكل أبطأ بكثير من العنفات الريحية، إلا انها تنتج عزماً دورانياً أكبر، وبالتالي طاقة أكثر.

صممت العنفات المائية من ثلاث شفرات تماثل في عملها عمل درفات النوافذ، حيث أنها تغلق عندما تتدفق المياه في ذات اتجاه دوران الشفرات، بينما تفتح عندما يتدفق الماء بالاتجاه المعاكس. وتسبب قوة المياه دوران الشفرات، والتي تقوم بتدوير المحور، ثم يعمل المولّد على تحويل هذه الطاقة الدورانية إلى كهرباء.

تستطيع هذه العنفات تزويد المناطق الساحلية بالكهرباء، كما يمكن التوسّع بالمشروع لاستخدام العنفات لتغذية المناطق الداخلية، إضافة لإمكانية استخدامها في تحلية مياه البحر للحصول على مياه صالحة للشرب من خلال عملية التناضح العكسي والتي تُضخّ فيها المياه عبر أغشية للترشيح.

_____

مميزات هذه التكنولوجيا

أولاً: امكانية التنبؤ بالتدفق والطاقة

إن مياه البحر أكثر كثافة من الهواء بحوالي 832 مرة، وهذا يعني أن العنفات المائية ستكون أصغر من الطواحين الهوائية وتنتج نفس الكمية من الطاقة، ويمكن أن تتوضع العنفات المائية قريبة من بعضها وبالتالي ستشغل مساحة من القاع البحري أقلّ من تلك المساحة التي ستشغلها الطواحين الهوائية على الأرض.

إضافة لأن هذه العنفات غير مرئية، فهي تتميز بحصادها لطاقة لا تعتمد على الأحوال الجوية فهي لا تتأثر بالتقلبات الجوية والتغيرات الفصلية والمناخية مثلما هو الحال في الطاقات الشمسية والريحية والهيدرومائية وطاقة المد والجزر، لذلك تمكننا هذه التكنولوجيا من التنبؤ بوقت الحصول على الطاقة، وكميتها بشكل دقيق.

__

ثانياً: آمنة للحياة البحرية

رغم القلق المتزايد حول تأثير العنفات على الحياة البحرية، يتوقّع الباحثون أن معظم الكائنات البحرية ستكون قادرة على الإفلات من ريش العنفات بسهولة بسبب بطء دورانها والذي لا يتجاوز 18 دورة في الدقيقة.

وقد أجرى الباحثون تجارب عديدة لمعرفة ردة فعل الحيتان والفقمات تجاه هذه العنفات، وقد وجدوا أن لدى هذه الحيوانات المائية فضول كافٍ للاقتراب من العنفات، لكنها قادرة على تجاوزها بسبب بطء دورانها حتى في حالة التدفق الأعظمي للمياه.

_____

مخاوف وقلق

تستغل هذه التكنولوجيا طاقة مسخرة لخدمة البيئة المائية مما يزيد القلق حول الآثار البيئية المحتملة لها، ورغم أن المنظومة صمّمت بشكل يحدّ من الخطورة على الحياة البحرية، إلا أنه من الضروري أن تجرى دراسات ضمن المحيط للتحقق من الآثار المحتملة لهذه المنظومة.

المصادر:

هنا

هنا