الفنون البصرية > فن وتراث

النينجا، جواسيسُ اليابان وقَتَلتها المأجورين

استمع على ساوندكلاود 🎧

بداية النينجا: 

قد يصعب تحديد بداية معينة للنـينجـا أو كما يدعى "شيـنـوبي Shinobi" لأن ظهور الجواسيس والقتلة المأجورين يعود إلى ظهور المجتمعات القديمة، ويُعِدُّ الفلكلور اليابانيّ أن النينجا منحدِرٌ من عفريت نصفه إنسيّ ونصفه الآخر غراب، أما تاريخيًّا فقد تطور مقاتلو النينجا تدريجيًّا ليصبحوا قوة معارضة لمعاصريهم ذوي المكانة الاجتماعية الأعلى "محاربو الساموراي" في اليابان الإقطاعيّة. (لقراءة المزيد عن الساموراي، اقرأ المقال الآتـي: هنا;

وتشير المصادر إلى أن النينجاتسـو (فن الخفاء والتلصص) قد تطوّر بين الأعوام 600-900 بعد الميلاد، ويقال أن الأمير شوتوكو) 574-622) أحد أمراء البلاط اليابانيّ قد استعان بـ أوتومونو ساهيتو ليكون جاسوسًا "شينوبي". 

وحوالي العام 850 بعد الميلاد بدأت عائلة تانغ الصينية الملكية بالانهيار مخلّفة الدولة في حالة من الفوضى فلاذ بعض القادة العسكريين الصينيين إلى اليابان وأحضروا معهم تقنياتهم الجديدة في المعارك وفلسفاتهم القتالية في الحروب، وكذلك فقد بدأ الرهبان الصينينون بالقدوم إلى اليابان؛ إذ نقلوا فلسفاتهم القتالية وعلموها لأفراد النينـجا اليابانيّ.

تدعى أول مدرسة للنينجا (توغاكو ريو): 

لم تكن النينجا حركةً منظمةً في بادئ الأمر، فقد كانت خليطًا من التقنيات القتالية التي جاء بها الصينيون، حتّى تعاون الساموراي دايسوكي توغاكوري مع كين دوشي بإضفاء طابعٍ رسميّ للنينجا اليابانيّ. 

والغريب أن النينجا نشأت كحركة معارضة لمحاربي الساموراي، فكيف أنشأ الساموراي دايسوكي مدرسة قتال للنينجا؟

فقد حتمت القوانين على الساموراي دايسوكي توغاكوري أن ينتحر بعد هزيمته في إحدى المعارك Seppuku، ولكن دايسوكي رفض أن ينتحر قسرًا، وهرب إلى الجبال حيث التقى بالمحارب والراهب الصيني كين دوشي وتعاونا لتطوير نظرية جديدة لتقنيات حرب العصابات تحت اسم النينجاتسو Ninjutsu.

وقد كانت تعاليم النينجاتسو القتالية على النقيض تمامًا من تعاليم البوشيدو (تشريعات وقوانين محاربي الساموراي)، فبينما كان محارب الساموراي يولي عظيم الشأن للشرف والطاعة لزعيمه ولم يكن ليختارَ إلا منافسًا واحدًا يبارزه بعد تلاوة نسَبِهِ الأُسريّ، أطاح مقاتل النينجا بهذه الأخلاقيّات عرض الحائط وبرز كمقاتل صنديد هدفه إتمام مهمّته مهما كانت الوسيلة سواء بالتجسس أو التسلل أو القتل بالسم، وكان أغلب قادة النينجا - أو كما يدعون Jonin- من قدامى محاربي الساموراي الذين لحقَ بهم العار ورفضهم أسيادهم بسبب هزيمةٍ أو مخالفٍة لأحد قوانين البوشيدو ولم يجدوا إلا الهرب منجاةً لهم من الانتحار القسريّ. ولكن هذا لا يعني أن محارب السامواي لم يلجأ أبدًا للنينجا للوصول لهدفه، بل وظّف الكثير من محاربي الساموراي -كي لا يقوموا بأنفسهم بمخالفة قوانين البوشيدو- النينجا كقتلةٍ مأجورين أو جواسيس للوصول إلى أهدافهم المنشودة. 

وسُمِح للأفراد من عامة الشعب بالانضمام لمقاتلي النينجا، فكان أغلبهم من المزارعين والقرويّين وقد أدّت النساء دورًا مهمًا كذلك، فكانت مقاتلة النينجا تتسلل إلى قصور الأعداء متنكرًة بهيئة خادمةٍ أو جاريةٍ أو راقصةٍ لكي تغتالَ هدفَها. ولم يرتدوا الأسود على الدوام. بل كانت ثيابهم رقاء داكنةً خلال الليل وتنكروا كمزارعين أو راقصين أو خدمٍ أو رهبانٍ حسب المهمة التي توجّب عليهم تنفيذها، أما أسلحتهم فتضمّنت السيوف أو الشفرات وتركزت تدريباتهم على الكاراتيه ورمي الشفرات والتخفّي والمبارزة بالرِّمـاح ومنهم من كان خبيرًا في دسّ السمّ في الطعام والشّفرات. 

 

 

في القرن الرابع عشر الميلادي كانت اليابان منقسمة لمحكمتين امبراطوريتين متنازعتين في شمال وجنوب البلاد، وقد أدّى حينها مقاتل النينجا دورًا مهمًا في التخفي والتلصص وحرق القِلاع والاغتيالات بين هذين الطرفين المتنازعين وفي الحروب كحرب أونين. 

نهاية النينجا: 

في القرن السادس عشر وحّد القائد العسكريّ أودا نوبوناغا اليابان ورأى النينجا كقوةٍ مهدِّدةٍ لحكمه وللبلاد فحشد جيشًا من أربعين ألف مقاتلٍ ودحر قوّتهم وشتت شملهم. 

لم يختفِ النينجا ومقاتلوها نهائيًا بل لا زالت قصصهم وأساطيرهم تروى حتّى يومنا هذا. 

المصدر: 

هنا