الفيزياء والفلك > علم الفلك

وكالة الفضاء الأوروبيّة تودّع روزيتّا

استمع على ساوندكلاود 🎧

على هذا السّطح البارد المليء بالصّخورِ المُبعثرة، تقبعُ روزيتّا "Rosetta" ؛ مركبة الفضاءِ الأوربيّة الّتي انطلقت منذ 12.5 عام. أمضت روزيتّا معظم هذا الوقت في طريقها إلى المذنب 67P/شوريوموف-غيرازيمنكو، حيث قضت نحبها الأخير. وصلت المركبة إلى المذنّب بتاريخ السّادس من آب عام 2014، وأمضت 786 يوم تتحرّى أسرار المذنّب الخفيّة، لتنتهي حياتها صباح الثّلاثين من أيلول عام 2016 بتحطّمها العالميّ والموجّه أثناء هبوطها على سطح المذنب.

أظهرت روزيتّا خلال حياتها مدى تعقيدِ المذنّبات، وبيّنت لنا أن شكل المذنّب 67P ليس شبيهاً بالبطاطا كما كان متوقّعاً، لكنّه يتكوّن من فلقتين تبدوان بشكلٍ غريبٍ أشبه بالبطّة. يعتقد العلماء أن الفلقتين تكوّنتا بشكلٍ منفصلٍ، ثمّ التحمتا فيما بعدُ أثناء اصطدامٍ منخفضِ السّرعة.

اكتشفت المعدّات العلميّة الأحد عشر المجهّزة بها روزيتّا وجودَ جزيئات النّتروجين؛ وهي المرّة الأولى الّتي يُرى فيها هذا العنصرُ على مذنّب، بالإضافةِ لجزيئات الأكسجين وبضعَة غازات خاملة (ارغون وكريبتون، وزينون). واستطاع العلماءُ من خلال هذه الاكتشافاتِ والدّراسات التي أُجريت على مياه المذنّب المتجمّدة، الحصولَ على فكرةٍ أفضلَ عن مكانِ تشكّل المذنّب 67P قبل عدّة ملياراتٍ من السنوات في الأطراف البعيدةِ الباردةِ لمجموعتنا الشّمسيّة.

أعطت روزيتّا المجتمع الفلكيّ العديدَ من الاكتشافات، فقد قامت بقياسِ كتلةِ المذنّب وأبعاده الفيزيائيّة؛ والّتي استطاعَ العلماءُ من خلالها حسابَ كثافته البالغة 533 كيلوغرام في المتر المكعّب الواحد، وهو أكثر بقليل من نصف كثافة الماء. يعودُ ذلك إلى أنّ المذنّب مكوّنٌ غالباً من مزيجٍ من الجليدِ والغبارِ تكدّست سويّاً، ولوجودِ أكياسٍ هوائيّةٍ (فراغات هوائيّة) بداخله. استطاعت روزيتّا أيضاً اكتشافَ اندفاعاتٍ مائيّةٍ على امتداد سطحهِ من الشّقوق والحُفرِ والمناطق الملساء، ووثّقت للمرّةِ الأولى ما يحصلُ عندما تصطدمُ رياحٌ الجسيماتِ عاليةِ الطّاقة القادمة من الشّمس بالمذنّب.

في تشرين الثاني من عام 2014، أي بعد ثلاثةِ أشهرٍ من وصولِ روزيتّا المذنّب، أَرسلتْ مركبةً أخرى تسمى "فيليه" نحو سطحِ المذنّب. لم يكن هبوطُ فيليه على سطح المذنّب كما كان مخطّطاً له، إذ ارتدّت عن السّطح قبل أن تستقرّ بزاويةٍ غريبةٍ على طرف جرف. لكنّ العلماءَ استطاعوا الاستفادةَ من هذا الهبوطِ الرّديء لتعلّم المزيدِ عن المذنّب 67P، فسطحهُ أقسى ممّا كان مُتوقّعاً، ومغطىً بثلاثةِ سنتيمتراتٍ من الغبار الحرّ (الغير المرتبطِ بقوّةٍ بالسّطح).

قبل أربعةِ أسابيع من موتِ روزيتّا، قامت بتصويرِ صديقتها فيليه وهي راقدةٌ على جانبها في الظّلّ محاطةٌ بالصّخور. وانضمّت روزيتّا الآن لفيليه على سطح المذنّب 67P، ولكن على منطقةٍ مختلفةٍ من سطحه. والتقطت خلال ساعاتِها الأخيرةِ صوراً لمرقدها الأخيرِ بدقّةٍ متزايدةٍ، وأرسلت أثناء اقترابها المزيدَ من البياناتِ عن الغُبار والغازات. في تمامِ السّاعة 1:19 بالتّوقيت الصّيفيّ المركزيّ الأوروبيّ (2:19 ظهراً بتوقيت دمشق) استقبل مركزُ تحكّم المهمّة إشارة روزيتّا الأخيرة.

الصورة الأخيرة التي التقطتها روزيتّا

المصدر: هنا

للمزيد من المقالات حول المركبتين روزيتّا وفيليه

بعد رحلة دامت أكثر من 10 سنوات مركبة Rosetta تلتقي بالمذنب تشيرموف هنا

النتائج الأولى من المركبة Rosetta بعد فحص المذنب 67P عن قرب هنا

المذنبات قد تكون المسؤولة عن نقل الغازات النبيلة إلى الأرض. هنا

من أين أتت مياه الأرض؟ربما لم تأتِ من المذنبات هنا

العلماء يكشفون غموض الشكل الغريب للمذنب 67p. هنا

استيقاظ المسبار "فيليه" من غفوته الطويلة وإرساله إشارات نحو الأرض هنا

التحليلات الأولية للمركبة Philae تدل على وجود "مواد عضوية" على المذنب P/67 هنا