الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة

مفاعل فوكوشيما النووي والكارثة مستمرة

استمع على ساوندكلاود 🎧

أكثر من خمسة أعوامٍ مرّت على حادثة مفاعل فوكوشيما النووي التي حدثت في 11 آذار/مارس 2011 نتيجة زلزال توهوكو وسلسلة التسونامي اللذين ضربا معمل Dai-ichi للطاقة النووية في فوكوشيما المعروف اختصاراً بـ (FDNPP*)؛ إذ أدّت هذه الضربات إلى خلل في أنظمة تبريد المعمل مسببةً ارتفاع درجة حرارته، الأمر الذي أدّى إلى زيادة في إنتاج الهيدروجين وبعض الغازات الأخرى ضمن المفاعلات؛ ما أحدث انفجاراً أطلق انبعاثات إشعاعية في الجو والمحيط الهادئ لم تتوقف مع مرور الزمن. لم تكن بضع السنوات المنصرمة على الحادثة كافيةً لإنهاء آثار هذه الكارثة، إذ لا تزال السلطات اليابانية حتّى الآن، إضافة إلى شركة طوكيو لتوليد الطاقة الكهربائية (TEPCO**) تبحث في إمكانيّة التحكّم بالتيّارات المائية الداخلة والخارجة من المعمل FDNPP وإزالة تلوّث المياه التي استخدمت في المفاعلات المتضررة بوصفها مادّة تبريد والتي بلغ تدفّقها قرابة 300 متر مكعب يومياً، علماً أن عمليّة المعالجة كانت تُجرى سابقاً عن طريق احتواء مياه التبريد في مستوعباتٍ خاصة، ومن ثم تُطهَّر.

نُشِرَت دراسة حديثة في مجلّة العلوم البيئيّة والتكنولوجيا استخدمت بياناتٍ عن تراكيز نظائر السترونتيوم 90Sr وكمّياته والسيزيوم 134،137Cs المشعّين على الشاطئ اليابانيّ منذ وقوع الكارثة وحتى شهر أيلول/سبتمبر عام 2013، إضافة إلى بيانات من مركز TEPCO للمراقبة حتّى شهر حزيران/يونيو عام 2015 بوصفه استمرارا لعمل باحثين بدؤوا بالعمل بعد وقوع الكارثة، وتُركّز هذه الدراسة المشتركة بين بلجيكا واليابان وعدّة دول أوروبيّة ضمن مشروع FRAME*** الأوروبي على دراسة تأثير التسرّبات الأخيرة من مفاعل فوكوشيما على البيئة البحريّة المجاورة للمنطقة.

أظهر تحليل لعيّنات مائية من السطح وحتى عمق 500 م ابتداءً بالشاطئ وصولاً لمسافة 110 كم أن تركيز عنصر السترونتيوم 90 بلغ الـ 9 بيكريل / المتر المكعب (Becquerel / m3)، فيما بلغت تراكيز السيزيوم 134 و 137 الـ 54 و 124.54 بيكريل / المتر المكعب على التوالي، لتسجّل بذلك ارتفاعاً هائلاً عن التراكيز العاديّة التي بلغت الـ 9 ، 100 ، و 50 أعلى من معدلاتها قبل الكارثة لكل من عنصر السترونتيوم 90، والسيزيوم 134 والسيزيوم 137 على التوالي أيضاً. يذكر أن وجود آثار تلك العناصر قبل فوكوشيما عائدٌ للتجارب النووية التي أُجريت بين عامي 1950-1960.

من ناحيّةٍ أخرى، كشفت كميّات نظير السيزيوم 134 -صعب التتبع لقصر عمر النصف (2.07 سنوات)- والعلاقة البارزة بين تراكيز النظيرين: السترونتيوم 90 والسيزيوم 137 في العيّنات المدروسة، كشفت أن السترونتيوم كان يتسرّب من المفاعل إلى المحيط الهادئ بمعدّل 2.3-8.5 غيغا بيكريل في اليوم، وهذه النسبة تبلغ 100-1000 ضعف كميّة السترونتيوم التي تنقل على نحوٍ طبيعي من اليابسة إلى المحيط. أما عن نتائج هذه التسرّبات فهي تتعلّق بكميّات المياه التي خُزِّنت سابقاً في مستوعباتٍ كبيرة والتي عانت ارتشاح النفايات النووية منها سابقاً؛ إذ عمِل طاقم FDNPP على تقليل كمية المياه الجوفية الوافدة إلى أبنية المفاعل، وبذلك تُعزل المياه الراكدة في الأنفاق لتفادي أي تسريبات نووية إضافية نحو المحيط.

صورة: التسربات الإشعاعية من المفاعل ضمن المحيط الهادئ

يُذكر أن جميع الإحصائيات والبيانات السابق التي تظهر زيادةً في معدّل تسرب النظائر المشعّة بمقدار 10-1000 ضعف عن الكميّات قبل الكارثة مصدقةٌ من مركز TEPCO للمراقبة، الأمر الذي يحتم معرفة مصادر هذه التسريبات لوضع حدٍّ لها وتفادي تأثيراتها الضارة.

اقرأ أيضاً من مقالاتنا السابقة:

اكتشاف نشاط إشعاعي في أسماك التونا:

هنا

الأماكن الأكثر فعالية إشعاعية على سطح الأرض(فيديو):

هنا

هوامش المصطلحات:

(*) FDNPP هي محطة فوكوشيما النووية الأولى لتوليد الطاقة هنا

(**) TEPCO هي شركة طوكيو للطاقة الكهربائية هنا

(***) مشروعيّ COMET وFRAME : مشاريع أوروبيّة تختص بالدراسات البيئية ومشروع FRAME يهدف لدراسة تأثير حادثة مفاعل فوكوشيما على البيئة المحيطة هنا

(****) Bq أو Becquerel البيكريل: وحدة قياس دوليّة مشتقّة لقياس النشاط الإشعاعي هنا

المصدر:

هنا