البيولوجيا والتطوّر > التقانات الحيوية

تجدد الأطراف الذاتي : حقيقة في عالم الحيوان وحلم مشروع سينتقل للإنسان

استمع على ساوندكلاود 🎧

تُعدُّ القدرةُ على تجديدِ النُّسُجِ حقيقةً علميةً في المملكةِ الحيوانيَّةِ، مع اختلافاتٍ مهمَّةٍ تظهرُ من خلالِ مقارنتِها ما بين الأنواعِ والسلالات المختلفةِ، ففيما نُلاحظُ أنَّ هذهِ القدرةَ التجديديَّةَ الذاتيَّةَ منخفضةٌ، بل وربما غائبةٌ، في الثدييات، نرى أنَّها كفؤةٌ في (الأسماكِ العظميَّةِ) التي تنتمي لها مُعظَمُ الأسماكِ الحيَّةِ التي نعرفها و(البرمائياتِ) التي ينتمي لها كلٌّ منَ الضفدعِ والسُّمندر(السلمندر).

لفتت، هذهِ القدرةُ، انتباهَ العلماءِ وأبهرتهم منذُ القِدَم، ولكنَّهُم لم يمتلِكوا القدرةَ لدراستِها حتَّى عصرِنا الحاليِّ، أي عندما امتلكنا الآليَّاتِ الوراثيَّةِ والحاسوبيَّةِ الكافيَةِ للتعمُّقِ في دراسةِ مثلِ هذهِ الظواهرِ على المستوى الوراثيِّ.

وباستخدام الطرائق سابقة الذِّكرِ، تمكَّنَ فريقٌ من العلماءِ في مركزِ "ديفيس" للبيولوجيا والطِّبِّ التجديديَّين بجزيرة "ماونت دزيرت" في الولايات المتحدة الأمريكية، من اكتشاف ما يُعَدُّ توقيعاً وراثيَّاً مرافقاً لتشكُّلِ البلاستيما Blastema (وهو نسيجٌ معاوِدُ التَّمايُزِ، يعدُّ مخزوناً أوليَّاً لتجديدِ النُّسجِ) .

تمَّ الاكتشافُ باستعمالِ تقنيَّةٍ حديثةٍ لدراسة المادَّةِ الوراثيَّةِ وتسمى بـ "Next Generation Sequencing" أو الـ NSG اختصاراً، وتطبيقها على الحمض الرَّيبي النووي الرسول (mRNA) والأجزاءِ غيرِ المشفِّرةِ من الـ RNA (الحمض الَّريبي النووي) المشتركةِ، وتفاضلية التوزع (غير متماثلِة التَّوزيع بالضرورة) عند حيواناتٍ ثلاثةٍ تمتازُ جميعُها بقدرتِها العاليةِ على تجديدِ النُّسجِ وهي:

Zebrafish codal fins

Bichir pectoral fins

Axolotl forelimbs

وجدَ الباحثونَ مجموعةً من خمسةِ حموضٍ نوويَّةٍ ريبوزيةٍ دقيقةٍ (microRNA) مشتركةٍ عاليةِ التنظيمِ، وخمسةٍ مشتركةٍ منخفضةِ التنظيمِ وأربعِ قطعٍ جديدةٍ من الـ (tRNA) محفوظةٍ مع البشرِ، كما أتمَّوا دراسةَ الـ mRNA المرتبطةِ مع المورثاتِ المترافقَةِ معَ البلاستيما، ووجدوا كذلكَ بأنَّ miR21 كانَ الحمضَ النوويَّ الريبوزيَّ الدقيقَ الأكثرَ نشاطاً (الأعلى تنظيماً) والأكثرِ تعبيراً في النماذجِ الثلاثةِ المدروسةِ، كما أكَّدوا بنتيجةِ هذهِ الدراسة تعبيرَ مورثاتٍ هدفيَّةٍ معينةٍ كالـ PDCD4 وغيرها، و اقترحوا تورُّطَ مورثاتٍ هدفيَّةٍ جديدةٍ مثل RGS5 وغيرها.

ويمكنُنا أن نستخلصَ، بعد هذهِ الدراسةِ المُقارِنَةِ (بين الكائنات)، وجودَ شبكةٍ وراثيَّةٍ تحكمُ تجديدَ الأطرافِ في الأنواعِ الثلاثةِ، وبطبيعةِ الحالِ يمكنُ لهذا أن يقودنا مستقبلاً إلى تطبيقِ المعارفِ الإنسانيَّةِ عَبرَ تفعيلِ مناطَقِ المورثاتِ المذكورةِ (وفوق المورثاتِ) وحثِّها على العملِ من جديدٍ، فنحنُ نعرفُ أنَّها موجودةٌ في مادتِنا الوراثيَّةِ الأثريَّةِ غير المُفَعَّلَة (التي ورِثناها عَبرَ صلةِ قرابتنا بباقي الأحياء)، حيث يُمكنُ لنا إعادةُ تفعيلِها، كما قلنا، لاحقاً أو وصلنا تقريباً لتحديدِ بعضِها، الأمرُ الذي سيساهِمُ حتماً بخلقِ أعضاءٍ بشريَّةٍ عندَ الحاجةِ لها، والعملِ على شفاءِ الجروحِ أو الأنسجَةِ المتضرِّرَةِ، مما يخفّف الألم ويقي من الإنتاناتِ، بل ربما سيقودنُا كذلِكَ إلى أمورٍ أكثرِ فاعليّةٍ اعتماداً على القدرةِ على تجديدِ الأعصابِ في الطرف المبتور

قد يبدو كلُّ ما سبقَ للوهلةِ الأولى حُلُماً، ولكنَّهُ قد لا يكونُ بعد هذه الدراسةِ ومثيلاتِها بالبُعدِ الذي كُنَّا نتصوَّرُه.

المصادر:

هنا

هنا

البحث الأصلي: هنا

لمزيد من مقالاتنا حول الموضوع: هنا