البيولوجيا والتطوّر > بيولوجي

الكسلانيات ثلاثية الأصابع... سادة الكسل!

استمع على ساوندكلاود 🎧

في الغاباتِ الاستوائيةِ في أمريكا الوسطى والجنوبية، تعيش حيواناتٌ لطيفةٌ، وجميلةٌ، لكنَّها بليدة، إذ تتحرّك ما يعادل 40 ياردة في اليوم (أي حوالى 36 متراً فقط)، وتقضي قرابةَ 15 ساعةً في النوم. تعيشُ حياتَها على قممِ الأشجارِ ولا تغادرها إلّا في حالاتٍ نادرةٍ لقضاءِ الحاجةِ أو البحث عن مزيدٍ من الطعام أو التزاوج. ولهذه الحيوانات جِنسان رئيسيان هما: الكسلان ثلاثيّ الأصابع والكسلان ثنائيّ الأصابع.

ووفقاً لعلماء درسوا الكسلانَ ثلاثيّ الأصابع (Bradypusvariegatus) مدةَ 15 سنة على امتداد 85 كيلومتراً شمال كوستاريكا، فإنَّ الكسلانَ ثلاثيّ الأصابع (صورة1) هو أبطأُ حيوان ثديٍّ على سطحِ الأرض. فعندما يتعلق الأمر بحفظِ الطاقةِ يأتي الكسلان ثلاثيّ الأصابع بالمرتبةِ الأولى متقدّماً على الكوالا والباندا والأبوسوم (صورة 2)، ولكن كيف حصل على هذا اللّقب، أو بمعنىً آخرَ: كيف يستطيعُ الكسلان أن يعيش هذه الحالة من الخمول؟

صورة (1): الكسلان ثلاثي الأصابع

صورة (2): الأبوبوسوم

الجواب من جامعة ويسكنسون-ماديسون في الولايات المتحدة، إذ قام الباحثون بقياسِ معدّلاتِ استقلاب عشرةِ حيوانات من جنسِ الكسلانِ ثلاثيِّ الأصابعِ في كوستاريكا، واثني عشر حيواناً من جنس الكسلان ثنائيّ الأصابع (صورة 3)، ومن ثمَّ قارنوا النتائجَ مع تسعة عشرَ نوعًا آخرَ من الكسلانيّات الشجريّة (Arboreal Folivores)، وكانت النتيجةُ -كما علِمنا في بداية المقال- محسومةً لصالحِ الكسلانِ ثلاثيّ الأصابع.

صورة (3): الكسلان ثنائي الأصابع

هل كانَ الفارقُ في معدلات استهلاكِ الطاقةِ كبيراً؟

إلى حدِّ ما، نعم -إذا استثنينا الباندا العملاقة-، فقد كانتِ النتائجُ كالتّالي:

الكسلانُ ثلاثيّ الأصابع: 162 كيلوجول في اليوم لكلِّ كيلوغرام.

الباندا العملاقة: 185 كيلوجول في اليوم لكلِّ كيلوغرام.

الكسلان ثنائيّ الأصابع: 234 كيلوجول في اليوم لكلِّ كيلوغرام

الكوالا(Phascolarctos): 410 كيلوجول في اليوم لكل كيلوغرام.

قرود هويلر (Alouatta): 583 كيلوجول في اليوم لكل كيلوغرام.

والآن نأتي إلى السؤالِ الأهمّ: كيف يستطيعُ الكسلانُ ثلاثيّ الأصابع العيش بهذا القدر الضئيلِ من الطاقة؟ لهذه الحالة الفريدة تفسيرٌ سلوكيٌّ وفيزيولوجيٌّ وتشريحيّ، يُمكنُ شرحُه من خلال النقطتين الآتيَتين:

تتجلّى النقطة الأولى في التقتير؛ فحالة الخمول التي تعيشها هذه الحيوانات ليس ذنبها، ولكنها سمةٌ تطوُّريّة؛ فالمدى الذي يعيش فيه الكسلان ثلاثي الأصابع ضيّقٌ نسبيّاً حيثُ يقضي حياتَه في ظِلال الأشجارِ لتناولِ طعامه أو النوم أو الراحة (الراحة من الراحة ربما!)، وبذلكَ فهي لا تستهلكُ إلّا مقداراً ضئيلاً من الطاقة.

أمّا النقطة الثانية فتتعلّق في قدرةِ الكسلانِ ثلاثيِّ الأصابعِ على تعديلِ درجة حرارة جسمِه من خلال إجراء تغييرات على مقياس الحرارة الداخليِّ الخاصِّ به؛ إذ يُمكن لهذه الحيوانات أن تُغيِّرَ درجةَ حرارتِها بما يتناسبُ مع الوسط المحيط بمقدار خمسِ درجاتٍ مئوية، وبالتالي فهي تخفّض من فقدانِ الطاقة بصورةٍ حراريّة، وهذا ما لا تستطيعه أبناءُ عمومتها -الكسلانيات ثنائيّة الأصابع- نظراً لكونِها تتغذى على أنواعٍ مختلفةٍ من الأشجارِ، إضافةً إلى بعض الحيوانات الصغيرةِ أحياناً. وهذا ما يفسّرُ اختلافَ استهلاكِ الطاقة بين النوعين (162 و234 كيلوجول في اليوم لكلّ كيلو غرام). والفارقُ لصالحِ ثلاثيّاتِ الأصابع طبعاً.

إذاً فانخفاضُ معدل الاستقلاب، والقدرة على تعديل درجة الحرارة جعلا الكسلانَ يتربّعُ على عرشِ الحيوانات الثديية الأكثرِ خمولاً...

المصادر:

هنا

هنا

هنا

البحث الأصلي: هنا