الهندسة والآليات > اسألوا مهندسي الباحثون السوريون

لماذا يصبحُ البلاستيكُ هشاً قابلاً للكسرِ عندما يبردُ؟

استمع على ساوندكلاود 🎧

كم مرة أعزائي تركتم أحد أغراضكم البلاستيكية خارجاً في فصل الشتاء لفترة من الزمن، وعدّتم لتجدوها قد فقدت كثيراً من لدونتها، و أصبحت هشةً قابلةً للكسر بسهولة؟ فكيف يمكن تفسير ذلك، و على أي درجات من الحرارة يفقد البلاستيك لدونته التي يتصف بها؟

لعل من أهم الصفات المميزة لأغلب أنواع البلاستيك هي تحويلها للضغط الخارجي المُطبِق عليها (الإجهاد) إلى انبعاج عوضاً عن الكسر، وذلك لقدرة جزيئات البلاستيك على الحركة. حيثُ يتغيرُ الشكل ُ الأساسيّ للبلاستيك، ولا يعود إلى طبيعته بعد إزالة القوى الخارجية المؤثرة عليه. فعلى سبيل المثال، ترتد علب الصودا البلاستكية عندما تصطدم بالأرض و تظهر عليها الانبعاجات، كما وينبعج مصد السيارة الأمامي بدلاُ من أن ينكسر في حال التعرض للاصطدام.

ويرجع كل ذلك إلى خواص البلاستيك، وقدرته العالية على مقاومة الكسر عند التعرض الى الإجهاد.

و يشرحُ البروفيسور "غريك روتليدج " من معهد ماساتشوستس للتكنلوجيا في قسم الهندسة الكيميائية، أن خاصية الّلدونة لدى أغلب أنواع البلاستيك ترجع- كما ذكرنا سابقاً- إلى قدرة سلسلة الجزيئات البلاستيكية الطويلة على الإمتطاط لعدة أضعاف، أكثر من طولها الأصلي. يؤكد روتليدج أن جزيئات البوليمير تمتص الطاقة بشكل فردي، إلا أنها تبدد الضغط الخارجي من نقطة التأثير وتمنع الكسر.

إلا أن هذه الظاهرة لا تحصل إلا عندما يُتاح للجزيئات الفرصة للإنزلاق بشكل خطي أو حجمي. أما إذا كانت الحركة مقيدة باتجاه واحد، فإن الجزيئات لن تستطيع أن تمتط بل على العكس سيظل الإجهاد مُركّزاً في منطقة صغيرة، مما يؤدي إلى التصدع والتكسر. و يضيف روتليدج : " إن مفتاح اللدونة يكمن في تحويل الإجهاد المؤثر إلى إمتطاط للجزيئات، وهذا من شأنه أن يجنب المادة من التصدع والكسر"

لكن ما الذي يتحكم بقدرة الجزيئات على الإنزلاق والإمتطاط؟

تعتبرُ درجةُ الحرارةِ هي العامل الحاسم الذي يلعب دوراً مهماً في تحول المواد من اللدونة إلى الهشاشة، و تُسَمّى درجة الحرارة الفاصلة بين الحالة اللدنة و الهشة بدرجة حرارة التحول الزجاجي “glass transition temperature” للبلاستيك، ولأنواع أخرى من المواد.

ولا تكون درجة حرارة التحول الزجاجية عند درجة حرارة ثابتة ومحددة، بل تكون ضمن مجال متفاوت من درجات الحرارة التي تعتمد على طبيعة المواد. حيث تتحول العجلات المطاطية على سبيل المثال من لدنة إلى هشة قابلة للكسر على درجة حرارة –72 درجة مئوية تحت الصفر. وتختلف قيمة درجة حرارة التحول الزجاجي لأنواع كثيرة من البلاستيك، حسب بنية جزيئاته والوزن الجزيئي، وتوزيع الوزن الجزيئي، والمواد الأخرى المضافة للبلاستيك نفسه. وقد تكون درجة حرارة التحول الزجاجية منخفضة أو مرتفعة عن درجة حرارة الغرفة.

في الجدول المرافق يظهر اختلاف درجة حرارة التحول الزجاجي لأنواع البلاستيك الشهيرة، حيث إن بعضها يكون أعلى من درجة حرارة الغرفة وبعضها الآخر أخفض، على أن يُنظَر إلى درجات حرارة التحول الزجاجية على أنها مؤشر، وليست درجة حرارة ثابتة ومحددة.

إن أنواع البلاستيك التي تكون درجة حرارة تحولها الزجاجية أعلى من درجة حرارة الغرفة تكون في درجة حرارة الغرفة بالحالة الزجاجية أي قاسياً قابلاً للتكسر، مثل PS،PMMA،PET

وأنواع البلاستيك التي تكون درجة حرارة تحوله الزجاجية أخفض من درجة حرارة الغرفة تكون في درجة حرارة الغرفة بالحالة اللدنة مثل PP، PE (HD، LD).

يُظهر الجدول التالي أنواع البلاستيك مع درجة حرارة التحول الزجاجية بالسيليولوز (Co):

و في النهاية لتعلم عزيزي القارئ أنك إذا واجهت تلك الحالة في يوم من الأيام، وفقدت أحد أغراضك البلاستيكية خواص اللدونة بسبب تدني درجات الحرارة، فكن متأكداً أن الجزيئات قد فقدت قدراتها الحركية، وأنك إن أوقعت تلك الأغراض و كسرتها فلن تعود يوما كما كانت من قبل .

المصدر:

هنا