الغذاء والتغذية > التغذية والأمراض

التغذية الوقائية لمحاربة سرطان الثدي

استمع على ساوندكلاود 🎧

أوكتوبر/تشرين الأول، هو شهرُ التّوعية بسرطانِ الثّدي، وعلى الرّغم من إمكانيةِ إصابةِ الرجالِ بهذا النوع من السرطاناتِ، إلا أنّهُ يشكّل هاجساً أكبرَ للنساء، إذ أن كلّ امرأة عرضةٌ للإصابة به. ولكنّ بعضَ النساء يمتلكنَ بعضَ المواصفاتِ التي تُشكّلُ عاملَ خطورةٍ بالنسبة لمرضِ السرطان، فيزيدُ احتمالُ تطوير سرطانِ الثديّ لديهن. وتشملُ هذه العواملُ انتماء المرأة لعِرقٍ بشريّ دون آخر، ووحودَ تاريخٍ عائليّ لسرطان الثدي، وبدء الطمثِ قبل سنّ الثانيةَ عشرة، وانقاطعِهِ بعد سنّ الخامسةِ والحمسين، والحمل بالطّفلِ الأولِ بعد سنّ الثلاثين، وزيادةِ الوزن، والتقدّم بالعمر، فضلاً عن وجود استعدادٍ وراثيّ أكبر لدى بعض النساءِ دون أخريات. ونظراً لعدمِ وجودِ طريقةٍ مثبتةٍ لمنعِ حدوث الإصابة، كان لا بدّ من الاعتمادِ على أسلوبِ الحياةِ الصحيّ في المساعدةِ على تقليلِ مخاطرِ الإصابة وزيادةِ احتمال التّعافي الكاملِ.

وقبلَ التعرّفِ على أهم الأنواعِ الغذائية التي من شأنها أن تقي من الإصابةِ بسرطان الثدي، لا بدّ من التأكيد على أهمية الحفاظ على وزنٍ صحيّ. فإلى جانب الأضرار الكثيرة للبدانة، أثبتت دراسةٌ اسبانيّة أنّ كثافةَ أنسجةِ الثدي تكونُ مرتفعةً لدى النّساءَ البديناتِ اللّواتي يتّبعنَ نظاماً غذائيّاً من مشتقّاتِ الحميةِ الغربيّة، ممّا يرفع من احتمالِ الإصابةِ بسرطان الثّدي. كما وُجد أن معدّل الإصابة بسرطان الثدي لدى النساءِ البدينات كان أعلى من مستواهُ لدى نظيراتِهنَّ اللواتي يتّبعنَ الحميةَ المتوسطية بنسبة 41%. لذلك يُنصحُ باتّباع الخطوط العامة للحمية المتوسطية والابتعادُ عن منتجاتِ الألبانِ مرتفعةِ الدهون كالحليبِ كامل الدسمِ، والمثلّجات، والأجبانِ الدسمة، إضافةً إلى الّلحومِ المعالَجةِ والمُصنّعة كلحمِ الخنزيرِ المقدَّد، والسّلامي، والحبوب المكرَّرة كالخبزِ الأبيضِ، والمعكرونة، والدقيقِ الأبيض، فضلاً عن الحلويات والمشروبات المحلّاة، والأطعمةِ الجاهزةِ كالبيتزا والبطاطا المقليّة، والصلصات كالكاتشب والمايونيز، وغيرها.

ومن هنا يظهرُ دورُ النظامِ الغذائيّ الصحي، فتناولُ الطّعامِ الصّحيّ بطريقةٍ ذكيّة سيشكّل اختلافاً كبيراً في الصحةِ، وخاصةً عند الاهتمامِ بتناولِ الأسماك، والأطعمةِ مرتفعةِ الألياف، والفيتامينات والعناصرِ المعدنيّة، وزيتِ الزيتون، بالإضافة إلى تناولِ القليلِ فقط من الأطعمةِ المحتويةِ على الدّهون المشبعة أو الكحول، وهي الأسس العامّة لما أصبح يُعرفُ بالحمية المتوسطية.

فتناولُ الأطعمةِ المحتويةِ على الأليافِ المرتفعة كالخضار والفواكه، وخاصةً خلال مرحلةِ المراهقة والبلوغ يُمكن أن يُخفّض معدّل الإصابةِ بسرطانِ الثّدي مقارنةً بتناولِ القليلِ من الألياف، وقد أُثُبتت صحةُ ذلك بعد تحليلِ بيانات مجموعةٍ كبيرة من النّساء تجاوزت أعدادُهنّ 90 ألفاً ممن شاركنَ في دراسة صحّة الممرّضات Nurses’ Health Study II طويلةِ الأمد، آخذين بعينِ الاعتبارِ مجموعةً من العوامل المختلفةِ كتعاطي الكحول، والعِرق البشريّ، والتّاريخِ العائليّ للسّرطان، ومؤشّرِ كتلةِ الجسم، وتغيّر الوزن عبر الوقت، وتاريخ الحيضِ، والعواملِ الغذائيّة الأخرى. وقد بيّنت النّتائجُ أنَّ خطرَ الإصابةِ بسرطان الثّدي كان أقلّ بنسبة 12-19% عند المتطوعات اللّواتي تناولن الأطعمةَ الحاوية على الألياف في المراحل المبكرةِ من البلوغ. ويتوقّعُ الباحثون أنَّ تناولَ المزيدِ من الأطعمةِ الحاويةِ على الألياف قد يقلّل من خطرِ الإصابةِ بسرطان الثّدي من خلالِ تخفيضِ مستويات الإستروجين Estrogen في الدّم، والتي يرتبط ارتفاعُها بحدوثِ سرطان الثدي.

من جهةِ أخرى، وجدت دراسةٌ صغيرة أنّ النّساء اللّواتي يتَّبعن الحمية المعروفةَ باسم 5:2 يمكن أن ينخفضَ لديهنّ احتمالُ الإصابةِ بسرطانِ الثّديّ، وقد بُني ذلك الاستنتاجُ على بعض التغيّراتِ البيوكيميائية التي تمّت ملاحظتُها في خلايا الثّديّ والتي من شأنها حمايةُ أنسجتِه من الإصابةِ السرطان، فضلاً عن دورِها في خفضِ الوزن ودهونِ الجسم بنسبة 5%، وتحسين طريقةِ تعاملِ الجسم مع الدهون والإنسولين. إلاّ أنّ هذه الدّراسةَ كانت صغيرةً جدّاً وقصيرةً المدة، ولذلك فإنّها تستوجب التكرار على عدد أكبرَ من المتطوّعين للتحقق من صحتّها.

ويُذكرً أن حمية 5:2 تعتمد على فكرةِ تناول طعامٍ صحيٍّ عاديّ قائمٍ على الحميةِ المتوسطيّة لمدّة خمسةِ أيّام في الأسبوع، ومن ثمّ تعريضٍ الجسم لحميةٍ قاسيةٍ مدتّها يومان، يحصلً فيها الشخصُ على كميةٍ قليلةٍ من السعرات الحرارية، تبلغ 500 كيلوكالوري للنساء، و600 كيلوكالوري للرجال.

وبشكلٍ عام تشملُ أهم الأنواعِ الغذائيّة التي يمكن تناولُها للوقاية من سرطان الثدي كلّاً من:

- الخضار الورقيّةِ الداكنة كالسبانخِ والبروكولي والقرنبيط والملفوف.

- الفواكه وخاصةً الحمضيات وأنواع التوت المختلفة.

- الحبوبُ الكاملةُ كالشوفانِ، والبرغل، إضافةً إلى اعتمادِ المنتجاتِ المصنّعةِ من الحبوب الكاملة مثل معكرونةِ الحبوب الكاملة، وحبوب الفطور الكاملة، وخبز الحبّةِ الكاملةِ.

- البقوليات كالفاصولياءُ أو البازلاءُ المجففةُ، والعدسُ، وفول الصويا.

كما لا بدّ من التأكيد على أهميةِ النشاط البدنيّ في الوقاية من سرطان الثدي والذي سنتعرّض إليه بشكل أكثرَ تفصيلاً في مقال قادم. فالمحافظة على الوزنِ الصحيّ هي السرّ وراء الصحةِ الجسدية والوقايةِ من الأمراض.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا