العمارة والتشييد > التشييد

تقنيات منخفضة التكلفة لعزل المنازل التقليدية زلزالياً

استمع على ساوندكلاود 🎧

منذ عام 1980 لقي حوالي 18300 شخص حتفهم في جميع أنحاء العالم بسبب انهيار منازلهم التي لم تكن مصممة لمقاومة الزلازل. لذلك تم تطوير تقنيات جديدة تمكن المجتمعات الريفية في وسط وجنوب أمريكا من بناء منازلهم المحلية على مقاومة الزلازل وبكلفة منخفضة.

يعمل الباحثون في الكلية الملكية البريطانية على تطوير تقنيات لتحسين أساليب البناء التقليدية التي يستخدمها الناس في المجتمعات الريفية في أمريكا اللاتينية بحيث تكون أكثر قدرة على مقاومة الزلازل، والهدف من هذا المشروع هو توضيح إمكانية بناء منازل أكثر مقاومة باستخدام المواد التقليدية بطريقة مستدامة ومنخفضة التكاليف.

تعتمد الطرق التقليدية لبناء المنازل في هذه المناطق على الأخشاب أو إطارات من الخيزران Bamboo التي تكون شرائح خشبية مرتبطة مع بعضها بالطين. في السابق تم استخدام سعف النخيل في البناء الأسقف حتى الغزو الاسباني للأمريكيتين في القرن الخامس عشر حيث تحول الناس لاستخدام مواد أثقل وزناً.

يدعى هذا النوع من المنازل ذات الطابق الواحد Bahareque في السلفادور و Quincha في بيرو Cuje في كوبا و Pao Pique في البرازيل. وإذا ما تم التشييد بشكل صحيح فإن هذه الأنواع ستكون ذات مقاومة عالية للزلازل. ومع ذلك هنالك مشاكل محتملة مع Bahareque لأنه وفي معظم الحالات يتم بناؤه من قبل عمال غير مهرة، بالإضافة لاستخدام أساليب بناء غير اقتصادية. تسبب الظروف السابقة بالإضافة إلى الصيانة غير الكافية وارتفاع مستويات الرطوبة أو غزو الحشرات إضعاف بنية البناء مما يسبب انهياره بسهولة في حالة حدوث الزلازل.

يُعتبَر الدكتور Christian Málaga Chuquitaype من قسم الهندسة المدنية والبيئية أحد أهم الباحثين الرئيسين في هذا المشروع، فهو على دراية كافية بطرق البناء السابقة كونها منتشرة بشكل كبير في موطنه البيرو. ويقول: " لا يمكن للناس في المجتمعات الريفية في أمريكا الوسطى والجنوبية تحمل تكاليف المواد الحديثة ولا تحمل تكاليف استئجار عمال بناء لبناء منازلهم. فهم غالباً ما يعيشون حياة الكفاف حيث يكون وقت البناء مقتطع من وقت الزراعة ومعتمداً على الموارد المتوفرة، إن الظروف السابقة بالإضافة لسوء الصيانة وأساليب البناء غير المناسبة سيجعل من هذه الأماكن عرضة للانهيار في حالة حدوث الزلازل، ولكننا نأمل من خلال هذه الأبحاث أن نصل إلى بيوت ذات بنية قوية وبتكاليف منخفضة ومستدامة."

أجرى الفريق تجارب في المختبر باستخدام مواد بناء تقليدية لبناء الجدران ووضعوا هذه الجدران ضمن جهاز يوفر شروط تحاكي ظروف الزلزال وهذا ما ساعدهم في تحديد أفضل السبل للمحافظة على هيكل البناء ومنعه من الانهيار. تشمل التقنيات الهندسية الجديدة التي تم تطويرها من قبل الفريق بلاطة مصمتة مسلحة خفيفة الوزن يمكن وضع طبقتين من البلوك الآجُري المسلح على سطحها العلوي والتي من شأنها أن تشكل قاعدة الجدران وتساعد في حماية المنزل من الرطوبة والحشرات. تم تقوية الأخشاب باستخدام التقنية الشبكية للخيزران المعالج والذي سيشكل جملة الإطارات الصلبة وستصبح أكثر تماسكاً بوجود الاسمنت. يقول الباحثون أن هذا النمط من البناء سيقوي الأبنية ويمنعها من الانهيار في حال وقوع الزلزال. كما يوصي الفريق باستبدال بلاطات السقف القرميدية الثقيلة بألواح مضلعة اسمنتية خفيفة الوزن مما يقلل من الحمولات الناتجة عن السقف وبالتالي تقليل احتمال انهيارها.

بدأ هذا المشروع قبل عشر سنوات بقيادة عدد من الطلاب في كلية الهندسة المدنية والبيئية حيث كان الطلاب يسافرون إلى أمريكا الوسطى والجنوبية للعمل على تطوير أبنية المجتمعات الريفية بالإضافة إلى مساعدة الناس هناك في تشييد أبنية أكثر قوة ومتانة، وقد سُمّيَ هذا المشروع بمشروع El Salvador حيث تم إعداده من قبل الخريجين من الوزارة وقد نتج عنه جمعية خيرية اسمها جمعية Engage للتنمية والتي تعمل على تقديم التسهيلات لإجراء الطلاب مشاريع مشابهة في دول أخرى.

قاد هذا المشروع لتطوير أساليب أخرى لعزل المنازل في المجتمعات الريفية زلزالياً، فقد تخرج Sebastian Kaminski من هذا القسم عام 2007 وبدأ حياته المهنية في شركة ARUP للاستشارات الدولية وبدأ العمل على التصميم الهيكلي للعديد من المشاريع في جميع أنحاء العالم بالإضافة لكونه مدير في جمعية Engage للتنمية ويتمتع بعلاقة قوية مع الجمعية الملكية.

يعد الاستاذ أحمد الغزولي من قسم الهندسة المدنية والبيئية الباحث الرئيسي لمشروع الأداء الزلزالي للأبنية بتكاليف منخفضة وذلك بتعاون مع ARUP ومعهد المهندسين المدنيين وفي حوار معه يقول:

" إنه لأمر رائع أن نرى كيف يمكن لمشروع بدأه مجموعة طلاب وعلى مدى طويل أن يؤدي إلى مجموعة من المشاريع في قطاع الصناعة والأوساط الأكاديمية. وفي النهاية، هذا العمل وإن دل على شيء فهو يدل على الجهد الجماعي ويبين أن استخدام مبادئ هندسة بسيطة يساعد في إنقاذ العديد من الأرواح في المجتمعات المحلية ".


المصدر:

هنا