التوعية الجنسية > الحياة والحقوق الجنسية والجندرية

من بقايا رحلة التطوّر البيولوجي: النشوة الجنسية لدى الإناث!

استمع على ساوندكلاود 🎧

لنبدأ هذا المقال بسؤال، ما فائدة النشوة الجنسيّة عند الذكور والإناث؟

بالنسبة للنشوة الجنسيّة عند الذكور فهي واضحةُ السبب، إذ إنَّها تُعدُّ مهمّةً لإطلاق السائل المنويِّ الأساسيِّ ليحدث التبادل الجينيّ، فالتكاثر والإنجاب هما أحدُ أهمِّ الآليات الجينيّة عند جميع الكائنات وبكلِّ أشكالها، أمّا عند الإناث وعلى الرّغم من الدراسات العديدة التي أُجريَت عن هذا الموضوع لكنَّ النشوة الجنسيّة لديهنَّ ظلَّت محورَ اهتمامِ العديد من الباحثين.

لقد تبيَّن أنَّ دفعاتٍ هُرمونيّةً من البرولاكتين* والأوكسيتوسين** تتحرَّرُ عندَ النساء لدى بُلوغِهنَّ النشوةَ الجنسيّة، فالإناثُ اللواتي تَنتَمينَ إلى صفِّ الثدييات المشيميّة البرّية لا تَقُمنَ بالإباضة إلّا في حالِ انطلاقِ هذه الدفعات الهرمونيّة، وبذلكَ تصبحُ النشوة الجنسيّة لدى كلا الجنسين ضروريًّة لحدوث الإخصاب، ومن المتوقع تمتّعُ الإناثِ من البشر سابقاً بالآليةِ نفسها وللغاية نفسها، غيرَ أنَّ تعديلاتٍ تطوريّةً طرأت على هذه الآلية لتصبح على هيئَة دَورةٍ شهريّةٍ مستقلّةٍ عن النشاطِ الجنسيِّ الذكريّ. في حين أنَّ الدفعات الهرمونيّة السابقة الذِّكرِ حافَظت على نفسِها لتحقيقِ المُتعةِ والترابط العاطفيِّ بينَ الشركاء.

لقد أظهر العلماء في دراساتٍ سابقة أنَّ النشاطَ الجنسيَّ بين الشريكين لا يؤثِّر في درجة الخصوبة، وانطلاقاً من هذه النقطة فإنَّ النشوةَ الجنسيَّة عند الأنثى لا تؤدي دوراً نهائيّاً في حدوثِ التكاثر أو في درجةِ الخصوبة، غير أنَّ الدراسة الجديدة التي نتناولها اليوم تشيرُ إلى كونِ النشوة الجنسيّة عند المرأة قد تطوَّرت لتُساعدَ على عملية التكاثر وذلك بوجودِ النشوة الجنسيّة للشريك أيضاً.

أشار بعض العلماء أنَّ النشوة الجنسيَّة عند الإناثِ هي مُجرَّدُ نتيجةٍ للنشوةِ الجنسيّة عند الجنس الآخر. في حين نظرَ آخرون إليها على أنَّها مهمَّةٌ لحدوثِ ارتباطٍ عاطفيٍّ قويٍّ بين الرجل والمرأة، وبأنَّ النبضات التي تحصل لدى بلوغِ النشوة الجنسيّة قد تساعدُ النطافَ في العبورِ إلى الرحم وحدوث الإخصاب.

وبذلك فقد ظهرَ منظورٌ جديدٌ للنشوةِ عند المرأة من الناحية البيولوجيّة، فعلى الرُّغم من التطوّر الذي طرأ على الإناث وحصولهنَّ على الدورة الشهرية، فَقد خالفت الدفعاتُ الهرمونيّةُ المتبقيّةُ هذا التطور. وعلى الرغم من عدمِ أهميّة الهرمونات في حصولِ الإخصاب لكنَّها تستمرُّ في الحدوث. وأخيراً خلاصة القول: أنَّه وعلى الرغم مِن غيابِ أهمّيَّةٍ مُثبتةٍ للنشوة الجنسيّة لدى المرأة في حدوث الإخصاب وإنتاج البويضة، فإنَّ هذا لا يُقلِّلُ من أهمِّيَتها، فعلى الجنسِ أن يكونَ مُمتعاً بين الشريكين وهنا تظهرُ أهمية النشوة الجنسية الأنثوية على نحو رئيسي. 

الهامش:

*البرولاكتين: هرمونٌ يتحرَّر من الغدَّة النخاميّة، مسؤولٌ عن تطوّر الثدي وإنتاج الحليب.

** الأوكسيتوسين: هرمونٌ ينتَج من الوطاء (من أحد مكونات الدماغ) ويتحرَّر من الغدة النخامية، ويؤدي دوراً في أثناء المخاض عن طريق تحريضِ التقلُّصات الرَحِميَّةِ ودوراً آخرَ في أثناء الإرضاع (قذف الحليب).

المصادر:

هنا

هنا