الغذاء والتغذية > مدخل إلى علم التغذية

الأغذية الوظيفية Functional foods - الجزء الثاني

استمع على ساوندكلاود 🎧

تحدّثنا في مقالنا السابق هنا عن مصطلح الأغذية الوظيفية Functional foods وعن دورها الهامِّ في جسم الإنسان، وفي هذا المقال سوف نتوسع أكثرَ في الحديث عن بعض هذه الأغذية وأنواعِها وآثارِها الصحية.

الأغذية الوظيفية من مصادر حيوانية:

• الأوميغا 3:

تُعتبرُ الموادُّ الغذائيّةُ الغنيّة بالأحماض الدهنية غير المُشبعة الأوميغا 3 من أكثر العناصرِ النَّشِطة من الناحية الفيزيولوجية، وتُستخرج عادةً من الأسماك كالسلمون، والتونا، والماكريل، والسردين، وسمك الرينجة.

تشمل الأوميغا 3 (n-3) حمضينِ دهنيين أساسيين هما: حمض الإيكوسابنتانويك Eicosapentaenoic Acid (EPA,5:20) وحمض الدوكوساهيكسانويك Docosahexaenoic Acid (DHA; 22:6)، ويُعتبر الأخير من العناصر الأساسية المكونة للأغشية الخلوية في الدماغ وشبكية العين.

أُجريت العديد من الدراسات السريرية للتحقُّق من الآثار الفيزيولوجية لهذه العناصر في بعض الحالات المَرضية المزمنة، فتبيّن أنّ لها أثراً قوياً في التخفيف من أعراض هذه الأمراض أو الحدِّ من الإصابة منها كالسرطان، والتهاب المفاصل الروماتويدي، والصدفية، ومرض كرون، والعجز العقلي، بالإضافة إالى دورها الواضحِ في التقليل من نسَبِ الوفيات الناتجة عن أمراض القلب والأوعية الدموية.

تُوْصي جمعية القلب الأمريكية American Heart Association بتناول وجبتينِ من الأسماك الدهنية أُسبوعياً للحفاظ على قلب سليم ( للمزيد من المعلومات عن الأوميغا-3 وفوائدها الصحية من هنا).

• البروبيوتيك Probiotics:

تُعرف على أنها كائناتٌ حيةٌ دقيقةٌ - معظمها من البكتيريا - تَمنح فوائدَ صحيةً للجسم عندما تُؤخذ بكمياتٍ كافيةٍ، وغالباً ما تُضاف إلى منتجات الألبان كالزبادي وغيرها فتُساهم بإعطاء قيمةٍ غذائيةٍ لغذائنا اليومي بشرط استهلاكها بشكلٍ منتظمٍ. هناك نوعٌ محدَّدٌ من البكتيريا ( سلالة اللاكتوباسيلس Lactobacillus والبيفيدوباكتريوم Bifidobacterium) يُعتبرُ من أكثر السلالات المُقَاوِمة والتي تستطيع البقاءَ على قيد الحياة خاصةً عند الانتقال من الأمعاء الدقيقة إلى الغليظة، وبالتالي تستطيع التأثيرَ على نموِّ وتكاثر الفلورا المعوية.

أظهرت الدراسات أن للبروبيوتيك تأثيراتٍ إيجابيةً على صحة الإنسان، كقدرتها على التخفيف من أعراض الإسهال في حالة المرضى المصابين بأمراضٍ مِعَدِيَّةٍ، وهناك دلائل تُبيّن قدرة البروبيوتيك على منع حالات الإسهال المرتبطة بتناول أدوية المضادات الحيوية، كما أنَّ لها تأثيراً مفيداً في تخفيف أعراض الإمساك المزمن، وفي بعض الدراسات تبين أنَّ لهذه البكتيريا دورٌ هامٌ في تخفيف أعراض القولون العصبي عند بعض الأشخاص ومازال البحث مستمراً إلى الآن . كما أشارت بعض الدراسات إلى دور البروبيوتيك في تعزيز الجهاز المناعي، ودورها في منع تطور بعض أنواع الحساسية الجلدية مثل التهاب الجلد المستشري Atopic Dermatitis (للاطلاع على البروبيوتيك وفوائده من هنا).

• البريبايوتك Prebiotics:

هي عبارة عن موادَّ غذائيةٍ غيرِ قابلةٍ للهضم، لها تأثيرٌ مفيدٌ على الصحة عن طريق تحفيز نمو ونشاط بعض أنواع البكتيريا التي تملك أثراً معززاً للصحة والتي تنمو غالباً في القولون، أي إنها تعزِّزُ نموَّ البكتريا في القناة الهضمية التي تعود بالفائدة على صحة الأمعاء مثل (Lactobacillus sp., Bifidobacteria sp., Lactococcus sp.). بالإضافة إلى أنها تمنع نموَّ البكتيريا الضَارَّة في الأمعاء كالبكتيريا التي تفرز السموم مثل Clostridia و Escherichia coli.

هناك عدةُ أنواعٍ رئيسيةٍ من البريبايوتك وهي الفركتو أوليغوسكاريد مثل الإينولين Inulin، والأوليغوفراكتوز، واللاكتو أوليغوسكاريد مثل اللاكتولوز Lactulose, والغلاكتو أوليغوسكاريد galacto-oligosaccharides واللاكتوسكاروز Lactosucrose). توجدُ هذه الأنواع بشكلٍ طبيعيٍ في العديد من الأطعمة كالكرات، والهندباء، والهَليون، والموز، والخرشوف، والثوم، والبصل، والقمح، وفول الصويا والشوفان.

تبيَّن أنَّ الاستهلاكَ المنتظم للبريبايوتك له فوائدُ صحيةٌ عديدةٌ كالمساعدة في امتصاص المعادن كالكالسيوم، وتحسين الوظائف المناعية، وخفضِ مستوى الكوليسترول في الدم، الوقايةِ من السرطان، كما يساعد في تخفيف الإمساك وأعراض القولون العصبي. كما هناك أدلةٌ تشير إلى أثر البريبايوتك الإيجابي على الفلورا المعوية عند الرُّضّع عن طريق زيادة عدد البكتيريا "الجيدة" في القناة الهضمية.

يجب إجراء المزيد من الأبحاث لتأكيد الحصول على هذه الفوائد عند استهلاك الأطعمة التي تحتوي على البريبايوتك كجزء من النظام الغذائي اليومي.

الأغذية الوظيفية من مصادر نباتية:

تحتوي النباتات عادةً على كمياتٍ قليلةٍ من الدهون، وغالباً ما تكون متركزة في بذور النبات. هناك مجموعةٌ من الدهون النباتية والتي تدعى الستانولات والستيرولات والتي ثَبُتَ أنها تحتوي على فوائدَ عديدةٍ تعودُ على صحة الإنسان، خاصةً فيما يتعلق بأمراض القلب والأوعية الدموية.

• الستيرولات Sterols:

هي مكوناتٌ أساسيةٌ للأغشية الخلوية، والتي لها أيضاً دورٌ هامٌ في التحكم بالسوائل والنفاذية الخلوية. توجدُ الستيرولات بشكلٍ طبيعيٍ بنسبٍ قليلةٍ في بعض الفواكه، والخضروات، والمكسرات، والبذور والبقوليات.

• الستانولات Stanols:

تتشابه الستانولات كيميائياً مع الستيرولات. كما أنها توجدُ في مصادرَ مماثلةٍ مثل المكسرات والبذور والبقوليات ولكن بكمياتٍ أقل من الستيرولات.

الهيكل التكويني للستانولات والستيرولات مشابهٌ جداً للكوليسترول، لذلك فهي قادرةٌ على التنافس مع الكوليسترول في الجهاز الهضمي. يُعتقدُ بأنّ النظام الغذائي المُتَضمَّن لهذه المواد قادرٌ على تقليل امتصاص الكوليسترول في الجسم بنسبة 20%، سواءً الكوليسترول الغذائي أو المُكوّن في جسم الإنسان، ثم يتم التخلص من الكوليسترول غير الممتص عبر البراز وبالتالي تنخفض نسبة الكوليسترول الضار بالدم ( الكوليسترول الكلي total cholesterol والكوليسترول المنخفض الكثافة LDL ) دونَ أنْ يؤثرَ على الكوليسترول الحميد عالي الكثافة HDL، مما قد يساهم في خفض نسبة الإصابة بأمراض القلب التاجية.

المصادر:

1. هنا

2. هنا