الطب > ‫‏كيف يعمل جسم الإنسان‬؟

سلسلة كيف يعمل جسم الإنسان؟ - الجلد

استمع على ساوندكلاود 🎧

تفتحُ عينيكَ، تتحسَّسُ هاتفكَ بقُربِكَ لإطفاءِ المنبّهِ، تذهبُ للاستحمامِ، قد تحلقُ لحيتكَ، ترتدي ملابسكَ، تسرِّحُ شعركَ، ثمَّ تخرجُ إلى الشَّارعِ، تنعقدُ قطراتُ العرقِ على جبينكَ تحتَ حرارةِ الشَّمسِ، ثمَّ تُتَابعُ يومكَ حولَ زملائكَ وأصحابكَ. تعيشُ حياتكَ في عالمٍ مليءٍ بالبكتيريا والمتغيراتِ دونَ أن تتأثَّرَ وظائفُ جسدكَ.

ما الذي يساعدكَ على فعلِ كلِّ هذهِ الأشياءِ؟

إنّهُ الجلدُ، أكبرُ أعضاءِ الجسمِ، الغطاءُ الذي يُعطي الجسمَ شكلهُ ويحافظُ عليهِ أمامَ تغيُّراتِ الوسطِ المحيطِ. كثيرٌ منّا يجهلُ وظائفَ الجلدِ ويستخفُّ بها، لذا فلنتعرّفُ في مقالِنا التّالي على أهميةِ الجلدِ ومكوّناتِهِ وملحقاتِهِ وكيفيّةِ عملِه، إضافةً إلى بعض الأمراضِ الّتي يصابُ بها.. تابعوا معنا

يُعدّ الجِلدُ أو ما يُعرفُ بالجهاز اللِّحافِيِّ integumentary system أكبرَ عضوٍ في جسمِ الانسانِ، ويَزِنُ حوالي 3.6 كغ بمساحةٍ تقاربُ مترين مربَّعين. يتألّفُ من ثلاثِ طَبَقاتٍ: البَشَرَة Epidermis، والأَدَمة Dermis، واللُحْمَة (الطبقة تحت الأدمة) Hypodermis.

الجلدُ عضوٌ ديناميكيٌ، إذ يخضعُ لتغيّراتٍ مُستمرةٍ مدى الحياةِ، فتتساقطُ الطّبقاتُ الخارجيّةُ باستمرارٍ لِتَحِلَّ مَحَلّها طبقاتٌ أخرى من الدّاخلِ، فيتجدّدُ مرةً كُلَّ 26 يوماً.

تختلفُ ثّخانةُ الجِلد حسبَ الموقعِ التّشريحي، إذ تقعُ المنطقة الأثخَنُ في راحةِ اليد وأخمصِ القَدَم وتبلغ ثخانتها 1.5 ملم، بينما تُوجد المنطقة الأَرَقُّ في الأجفانِ وخلفَ صيوانِ الأذنِ وتبلغُ ثخانتها 0.05 ملم. كما تختلفُ ثخانَتُه بينَ الأفرادِ، فنجدُهُ عند الذّكورِ أثخنَ ممَّا لدى الإناثِ في جميعِ أجزاءِ الجسمِ، في حينِ يمتلكُ الأطفالُ جلداً رقيقاً يثخنُ تدريجياً مع تقدّمِ العمرِ حتّى بلوغِ العقدِ الرّابع أو الخامسِ لِيَعوَدَ بعدها لِيَرُقَّ تدريجيّاً. يحصلُ هذا التّغييرُ على حسابِ الأدمةِ، إذ ينقصُ محتواها من الأليافِ المرنةِ والملحقاتِ الظِهاريّة والمادةِ القاعِدية.

ما أهميَّةُ الجِلدِ؟!

الجلدُ عضوٌ مناعيٌّ، فهوَ الدِرعُ الواقي لجسمِ الإنسانِ، خطُّ الدِّفاعِ الأوّلِ ضدَّ الجراثيمِ والفيروساتِ وغيرها من الأحياءِ الدَّقيقةِ، كما يحميهِ من الإصابةِ بالإنتاناتِ.

الجلدُ عضو ٌحِسِّيٌّ حيثُ يضمّ المستقبلاتِ الحسيةَ المسؤولةَ عن نقلِ الإحساسِ بالألمِ والضَّغطِ وغيرها.

وظائفُ أُخرى:

● يمنعُ الجلدُ فُقدانَ سوائلِ الجسمِ الهامّةِ ويعودُ ذلكَ لوجودِ مادَّةِ الكيراتين (Keratin) وهي عبارةٌ عن بروتينٍ ليفيٍّ، إضافةً إلى وجودِ الدّسمِ والماءِ وبروتيناتٍ أخرى والعديدِ من المعادنِ والموادِ الكيميائيةِ المختلفة.

● طرحُ الفضلاتِ.

● تنظيمُ درجةَ حرارةِ الجسمِ ويمنعُ حدوثَ التجفافِ عبرَ تنظيمِ مستوياتِ التعرّقِ Perspiration.

● الحمايةُ منَ الأشعَّةِ فوقَ البنفسجيّةِ الضَّارَّةِ.

● إفرازُ صباغِ الميلانين (Melanin) الّذي يساهمُ في الحمايةِ من أشعّةِ الشّمسِ، وفي تحديدِ لونِ بشرةِ الإنسانِ.

● تخزينُ الماءَ والدّسمَ والغلوكوز وفيتامين D.

الجلدُ في الحياةِ الجَنينيَّةِ:

للبشرةِ والأدمةِ منشآنِ جنينيَّانِ ِمختلفانِ، حيثُ تنشأُ البشرةُ من الأديمِ الظّاهرِ أمّا الأدمةُ فتُشتقُّ من الأديمِ المتوس، وتحديداً من بُنيةٍ تدعى باللُحمة المتوسّطة أو البرانشيم المتوسط (Mesenchyme) المكوّنُ بدورهِ من ثلاثةِ أجزاءٍ: الأديمُ المتوسِّطُ الوَحشيُّ (Lateral Mesoderm) الّذي يُشكّلُ الأدمةَ في الأطرافِ وجدارِ الجسمِ، الأديمُ المتوسّطُ المجاورُ للمحوَرِ(Paraxial Mesoderm) الّذي يُعطي الأدَمَةَ في منطقةِ الظّهرِ، أمّا خلايا العرفِ العصبيِّ (Neural Crest) فتتطورُ إلى خلايا لتُعطي أدمةَ الوجهِ والعُنُقِ.

يكونُ الجلدُ عندَ الولادةِ مغطّى بمادةٍ عجينيّةِ القوامِ ضاربة إلى البياضِ تسمّى الطِّلاء الجُبْني (Vernix Caseosa) وهي تتكوّنُ من مُفرزاتٍ من الغددِ الدّهنيّة وخلايا بشرويّةٍ مُتفسِّخة وشُعيراتٍ، يقومُ الطِّلاء الجُبْني بحمايةِ جلدِ الجنين من الانحلالِ بالسّائل السَلَوِي (Amniotic Fluid).

الجلدُ كحاجزٍ خارجيٍّ (الجلدُ نَسيجيَّاً):

يتألّفُ الجلدُ من ثلاثِ طبقاتٍ:

البشرة ثم الأدمة ثم طبقة تحت الأدمة..

البشرة Epidermis:

هي الطبقةُ الخارجيةُ من الجلدِ، لا تتجاوزُ سماكتها 0.1 ملم إلّا أنّها تتألّفُ من حوالي 40 إلى50 صفّاً من الخلايا المُكدّسةِ فوق بعضها، أشهرها الخلايا الحُرشفية (Squamous) أو الخلايا الكيراتينية (Keratinocytes).

لا تحتوي البشرةُ على أوعيةٍ دمويةٍ فهي تعتمدُ كليّاً على الأدمةِ في الحصولِ على غذائها والتّخلّصِ من فضلاتِها. لكنّ الموادَ المغذّيةَ لا تتجاوزُ الطبقةَ الأولى من خلايا البشرةِ، وإذ تموت الخلايا ما إن يتمُّ دفعُها بعيداً عن هذهِ الطّبقةِ، وتصلُ في النّهايةِ إلى السّطحِ لتتقشّر وتتساقط، حيثُ يتخلّصُ الجلدُ من ملايين الخلايا الكيراتينية المَيتةِ يومياً.

نسيجياً، تُعدُّ البشرةُ ظهارة مطبقة رصفية stratified squamous epithelium وتُقسم إلى عدّةِ طبقاتٍ، من الدّاخلِ إلى الخارجِ: الطّبقةُ المنتشة ُأو الطبقةُ القاعديَّةُ (Stratum Germinativum/Stratum Basale)، الطّبقةُ الشّائكةُ (Stratum Spinosum)، الطّبقة الحُبَيبيّة (Stratum Granulosum)، الطّبقة المُتَقرّنة (Stratum Corneum). كما نجدُ طبقةً إضافيَّةً قبلَ الوصولِ للطبقةِ المتقرّنة في حالةِ الجلدِ الثَّخينِ وتُدعى الطَّبقة الصافيةَ (Stratum Lucidum).

أنواعُ الخلايا الموجودةِ في البشرة:

الخلايا الكيراتينية (Keratinocytes):

توجدُ الخلايَا الكيراتينية في جميعِ الطبقاتِ وتختلفُ من طبقةٍ إلى أُخرى، حيثُ تمتلِئُ الطّبقة المتقرِّنة بالخلايا الكيراتينية عديمةِ النّوى الّتي تزولُ عند تبدّلِ الجلد، وتُعدُّ الخلايا الأكبرَ والأكثرَ وفرةً في البشرة. تقومُ هذه الخلايا بإنتاجِ الكيراتين (البروتين الليفي المقاوم للتبلّل)، حيثُ يوجدُ هذا البروتين في معظمِ الخلايا الجلديَّةِ، كما يُعدُّ المركّبَ الأساسيَّ في الشّعرِ والأظافرِ.

الخلايا الميلانينية (Melanocytes):

توجدُ الخلايا الميلانينية في الطّبقةِ المنتشةِ (القاعديّة) للبشرة، إضافةً إلى بُصيلاتِ الشّعرِ والشّبكيَّةِ والسّبيلِ العنبيّ في العينِ (يتضمَّن القُزَحية) والسّحايا الرّقيقة.

جنينياً، تشتقُّ الخلايا الميلانينية من العُرفِ العصبيِّ، وهي مسؤولةٌ عن إنتاجِ صباغِ الميلانين الّذي يحددُ لونَ الجلدِ كما يمتصُّ الإشعاعَ الشمسيّ ويحفظُ الجلد من التّأثيراتِ الضّارة للأشعّة فوق البنفسجيّة.

تختلفُ نسبةُ الخلايَا الميلانينة إلى الخلايَا الكيراتينية حسبَ المناطقِ الجغرافية، فنجدُ أنَّ هذهِ النّسبة تبلغُ 1:4(أربع خلايا كيراتينية لكل خلية ميلانينية) عند القاطنينَ في المناطقِ الّتي تتعرّضُ بشدّةٍ للإشعاعِ الشَّمسيِّ، أما سكَّانُ المناطقِ قليلةِ التّعرضِ للإشعاعِ الشّمسيِّ فتصلُ عندهُم هذه النّسبة إلى 1:30. علاوةً على ذلك لوحِظَ انخفاضٌ في عددِ الخلايِا الميلانينية مع التّقدمِ بالعمر، هذا النَّقصُ غيرُ قابلٍ للتّعويضِ لأنَّ هذهِ الخلايَا ناتجةٌ من العُرف العصبيِّ فهي غيرُ قابلة للتّجديد.

خلايا لانغرهانس (Langerhans Cells):

هي خلايَا تنشأ مِن نقيِّ العظامِ، وتوجدُ في الطّبقة القاعديّةَ والشّائكةِ والحبيبيّةِ للبشرة، وتلعبُ دوراً مناعيّاً كخلايا مقدِّمة للمستضدات.

خلايا ميركل (Merkel Cells):

خلايَا تنشأ من العرف العصبي، وتوجدُ في الجهةِ الرّاحِيّة من الأصابعِ وفي سريرِ الظّفر، كما توجدُ على الأعضاءِ التّناسلية وفي مناطق أخرى من الجسمِ. لها وظيفةٌ حسّيةٌ، فهي المسؤولةُ عن تحرِّي إحساساتِ اللّمسِ الخفيف.

الأدمة (Dermis):

الوظيفةُ الأساسيّة للأدَمةِ هي دعمُ وتغذيةُ البشرةِ، كما تؤمّنُ للجلدِ المرونةَ مما يسمحُ لهُ بالتّمدُّدِ وتساهمُ في مقاومةِ التّجاعيدِ والتّرهّلِ.

الأدمةُ أكثرُ تعقيداً من البشرةِ حيثُ تتكوّنُ من طبقتَينِ، الخارجيّةُ تُدعى الأدمةَ الحليمية (Papillary Dermis) والدّاخليةُ تدعى الأدمةَ الشبكية (Reticular Dermis)، كما تتوضَّعُ فيها النِّهاياتُ العصبيَّةُ ونهاياتُ الأوعيةِ الدَّمويَّةِ، بالإضافةِ إلى الأوعيةِ اللّمفاوية.

تُعدُّ الأرومةُ الليفية (Fibroblast) الخليّةَ الأساسيّة في الأدمةِ، تُنتِجُ هذه الخلايَا وتفرزُ أليافَ الإيلاستين (Elastic Fibers) وطليعةَ الكولاجين الّتي تتحولُ فيما بعد إلى أليافٍ كولاجينية (Collagen Fibers) متصالبةٍ بإحكامٍ تمنحُ الجلد القوّةَ والقدرةَ على مقاومةِ القصّ والقِوى الخارجيّة الميكانيكيّة الأخرى.

تكوِّن ألياف الكولاجين 70% من وزنِ الأدمةِ، بينما تكوّنُ الأليافَ المرنةُ أٌقلَّ من 1% منها إلّا أنّ لها دوراً هامّاًّ في مقاومةِ القوى الخارجيّة وفي إعادةِ الجلدِ إلى وضعِهِ الأًصليِّ.

الأدمة الحُلَيميّة Papillary Dermis:

هي الطّبقةُ الخارجيّة من الأدمة، تكونُ رقيقة وتتألّفُ من نسيج ٍضامٍّ رخوٍ يحتوي على شعيراتٍ دمويّة وأليافٍ مرنةٍ وألياف شبكيّةٍ وبعض الكولاجين.

الأدمة الشبكية Reticular Dermis:

هي الطّبقةُ الدّاخليَّةُ من الأدمَةِ وهي طبقةٌ سميكةٌ من نسيجٍ ضامٍّ كثيفٍ يحتوي على أوعيةٍ دمويّةٍ كبيرةٍ نسبياً وأليافٍ مرنة متشابكةٍ بإحكامٍ وحُزَمٍ خشِنة من ألياف كولاجينية تترتبُ في طبقاتٍ موازيةٍ للسّطح.

كما تحتوي الأدمةُ الشّبكيَّةُ على خلايا أروماتِ اللّيفِ وخلايا بدينة Mast cells ونهاياتٍ عصبيّة وأوعيةٍ لمفيَّةٍ وملحقاتٍ بشروية.

الطبقة تحت الأدمة (Hypodermis):

هي أعمقُ طبقاتِ الجلدِ حيث تُمثّلُ الطبقةَ العازلةَ التي تُساهمُ في حمايةِ الأعضاءِ الدَّاخليَّةِ، وتتألَّفُ من نسيجٍ ضامٍّ يُدعى النَّسيجَ الشّحمي (Adipose Tissue) الذي يقومُ بتخزينِ الفائضِ من الطَّاقةِ في الجسمِ على شكلِ دسمٍ كما تمرُّ عبرها الأوعيةُ الدَّمويَّةُ والأوعيةُ اللّمفاويَّةُ والأعصابُ والجُريباتُ الشّعريَّة.

الملحقات البشروية:

الغدد الدُّهنيّة (Sebaceous Gland):

تملأُ الغددُ الدهنيَّةُ كاملَ سطحِ الجسمِ عدا راحةَ اليدِ وظهرَ القدمِ وأخمَصَها، وتتركّزُ في الوجهِ وفروةِ الرّأسِ حيثُ يكونُ عددها كبيراً في تلكَ المناطقِ. تقومُ هذه الغدد بإنتاجِ الزُّهم (الشحم) sebum وإفرازِه، وهو مجموعةٌ من الزّيوتِ المعقّدة. يزلّقُ الزّهمُ الجلدَ لأجلِ حمايتِه من الاحتكاكِ ويجعلهُ كتيماً للنّداوةِ.

الغدد العرقية (Sweat Glands) :

توجدُ الغددُ العرقيَّةُ على كاملِ سطحِ الجسمِ فيما عدا حوافِّ الشّفتين ومجرى السَّمعِ الظَّاهرِ وسريرِ الظّفرِ والشّفرَينِ الصّغيرَينِ وحشفةِ القضيبِ والوجهَ الدّاخليِّ للقلفةِ، وتكثرُ في راحةِ اليدِ وأخمصِ القدمِ وفي الإبط.

تتألّفُ كلُّ غدّةً عَرَقيةٍ من جزءٍ إفرازيٍّ ملتفٍّ داخلَ الأدمةِ ومتّصلٍ بالبشرةِ بواسطةِ قناةٍ مستقيمةٍ نسبياً، وظيفتها إنتاج العَرَقِ الّذي يقومُ بتبريدِ الجسمِ عن طريقِ التّبخّرِ، يتحكّمُ بنشاطِها مركزُ تنظيمِ درجةِ الحرارةِ في الجسمِ الموجود في الوِطاء hypothalamus عن طريقِ أليافٍ عصبيّةٍ وديّةٍ تقومُ بتعصيبِها.

الغدد المُفتَرَزة (Apocrine Glands) :

تقعُ الغددُ المُفتَرَزة في الإبطِ والمنطقةِ الشّرجيّة التّناسليّة، كما توجدُ على شكلِ غددٍ صملاخيّة في مجرى السّمعِ الظّاهرِ، ونرى نمطاً آخرَ منها في الأجفانِ (غدد مول Moll's glands)، وفي الثّدي (غدد ثديية). تقومُ هذه الغدد بإنتاجِ رائحةٍ مميّزةٍ بدءاً من سنِّ البلوغِ. تُعدُّ غدَّةُ الثّدي غدةً مفترزةً ذاتَ تمايزٍ واضحٍ.

الجريبات الشعرية (Hair Follicles):

يعدُّ الشّعرُ من ملحقاتِ الجلدِ ويبدأ ببنى معقدةِ تتشكّلُ على حسابِ البشرةِ والأدمةِ معاً تدعى الجريباتِ الشّعرية، تتواجدُ على كاملِ سطحِ الجسمِ عدا راحةَ اليدِ وأخمصَ القدمِ وحشفةَ القضيبِ والبظرَ والشّفرينِ الصّغيرينِ، وأجزاءً من أصابعِ اليدِ والقدمِ.

غالباً ما تنفتحُ الغددُ الدهنية مباشرةً على الجريباتِ الشّعريّة بدلاً من انفتاحِها على سطحِ الجلدِ ويشكّلان معاً الوحدةَ الشّعرية الزهمية pilosebaceous unit. تساهم الجريباتُ الشعرية في التئامِ الجروحِ.

يتوضّعُ جذرُ الشّعرِ ضمنَ الأدمةِ، وقد يتوضَّعُ في الوجهِ أحياناً في النّسيجِ تحتِ الجلدِ، مما يُعطي للوجهِ قُدرةً أكبرَ للالتئام بعدَ الجروحِ الجلديّة العميقةِ.

توجدُ مجموعةٌ من العضلاتِ الملساءِ في الجزءِ العميقِ من الجريبِ الشَّعري تدعى بالعضلة المُقِفَّةِ للشّعرة arrector pili، وهي تصلُ الجزءَ العميقَ من الجريبِ الشّعريِّ بالأدمةِ السّطحيّةِ، تتقلّصُ هذه العضلاتُ بتأُثيرٍ من الجهازِ العصبيِّ الذّاتيّ فتأخذُ الجريباتُ الشعريّةُ اتجاهاً أكثرَ عموديّةً، فنرى الشّعرةَ تقفُ على سطحِ الجلدِ، كما يحصل عندَ الإصابة بالقشعريرةِ!

يتبعُ الشّعرُ في نموّهِ نمطاً دوريّاً لهُ ثلاثةُ أطوارٍ، الأوّلُ هو طورُ التّنامي (Anagen Phase) الّذي تنمو فيهِ الشّعرةُ ويتناسبُ مدى إنتاجِ الشّعرِ مع مدّة هذا الطّور، أما الطّور الانتهائيُّ (Telogen Phase) فهو طورُ الرّاحةِ، في حين تدعى الفترةُ الانتقالية بينهُما بطورِ التّراجعِ (Catagen Phase)، وتختلفُ مدّة هذهِ الأطوارِ تبعاً للموقعِ التَّشريحي.

الجلد كعضو حسّي:

يعدُّ الجلدُ عضوَ حاسةِ اللّمسِ، كذلكَ يحتوي مستقبلاتٍ للإحساسِ بالألمِ وبالحرارةِ والبرودة، يمتلكُ الجلدُ بنىً حسيّةً عديدةً ليتقصّى المنبهاتِ الخارجيّةَ المحيطةَ، فكما أشرنا سابقاً عن خلايا ميركل الموجودةِ في البشرةِ الّتي تتحرَّى شعورَ اللّمسِ الخفيف، تشاركُها جسيمات مايسنر(Meissner corpuscles) الموجودة في الأدمة الحليميّة وظيفتَها ويتركّزُ معظَمها على الأناملِ، وتوجدُ مستقبلاتُ الضّغطِ في عمقِ الأدمةِ أو في النّسيجِ تحتَ الجلدِ وتدعى بجسيماتِ باتشيني (Pacini corpuscles).

ينتقلُ حسُّ الألم بواسطةِ نهاياتٍ عصبيّةٍ حرّةٍ (naked nerve endings) تتوضَّعُ في الطّبقةِ القاعديّةِ من البشرةِ، في حين تتلقى جسيماتُ كراوس (Krause bulbs) حسَّ البرودةِ، أما جسيمات روفيني (Ruffini corpuscles) فتُعدّ مستقبلاتٍ لحسِّ الحرارة، وتتوضّعانِ في الأدمةِ الحليميةِ.

وللتعرف على أحدث الدّراسات الّتي تتناول المستقبلات الحسيّة، عليكم بالمقال التّالي، من الأرشيف:

هنا

إليكم بعض الأمراض الجلدية:

وبعدَ أن تعرّفتَ على وظائفِ الجلدِ ومكوِّناتِه وتكوينِه الجنينيّ، يبقى لكَ أن تعرفَ أهمَّ الأمراضِ الّتي يمكنُ أن تُصيبه...

يقومُ طبيبُ الجلدية بمعالجةِ كافّةِ الاضطراباتِ التي قد تُصيبُ الجلدَ أو الشعرَ أو الأظافرَ، فهو يعالجُ تلكَ الحالاتِ الشّائعةِ كحبِّ الشَّبابِ والثّآليلِ والحالاتِ المزمنةِ كالإكزيما والصّدفيّة، وصولاً إلى أمراضٍ أكثرَ خطورة كسرطانِ الجلدِ الّذي سنتكلّمُ عنهُ في البداية..

سرطانُ الجلد (Skin cancer):

سرطانُ الخلايا القاعديِّةِ (Basal Cell Carcinoma):

أشيعُ أنواع سرطانات الجلدِ وأقلُّهم خطراً لأنَّه بطيء النُّمو والانتقالِ إلى أعضاء أخرى، يحدثُ بسببِ أشعةِ الشَّمسِ ويتظاهرُ في بدايتهِ بتقبُّبٍ جلديٍّ صغيرٍ قد يحتوي بداخلهِ على أوعيةٍ دمويّةٍ، تختلفُ ألوانُه بين الورديّ والبنيّ والأسود، ومن الممكن ملاحظةُ نموٍّ جلديٍّ جامدٍ ذي قوامٍ شمعيٍّ، أغلبُ سرطاناتِ الخلايا القاعديّة ذاتُ قوامٍ هشٍّ وقابلةٌ للنّزفِ بسهولةٍ.

سّرطان الخلايا الحُرشفيّة (ٍSquamous Cell Carcinoma):

هو في المرتبةِ الثّانية بين سرطاناتِ الجلد من حيثُ الشُّيوعُ، وهي عبارةٌ عن تقرّحٍ صعبِ الالتئام أو نموٍّ غير طبيعيٍّ للجلدِ، ينتشرُ أيضاً عند الّذين يتعرّضون لأشعة الشّمسِ.

الميلانوما (الورم الميلانيني) (Melanoma):

هو أخطرُ نوعٍ من سرطانِ الجلدِ، يحدثُ بسببِ التَّعرّضِ الطّويلِ لكمياتٍ كبيرةٍ من الإشعاعِ الشّمسيّ، ويبدو كبقعةٍ جلديةٍ غامقةٍ نازفةٍ ومتغيرةٍ.

بإمكانكم التعرّف أكثر على الميلانوما في الرّابطِ التّالي: هنا

مقال عن الميلانوما وعلاقتها بالعيون الزّرقاء والشّعر الأحمر! : هنا

مقالنا عن البشرة الدّاكنة وسرطان الجلد: هنا

الطّفح (Rash):

أيُّ تغيرٍ في مظهرِ الجلد الطبيعيِّ من الممكنِ أن يسمّى طفحاً، تنتجُ أغلبُ أنواعِ الطّفحِ عن تخريشٍ بسيطٍ للجلد، وبعضُها ينتجُ عن حالاتٍ مرضيّة أخرى.

التهاب الجلد (Dermatitis) :

مصطلحٌ عامٌ يشيرُ إلى جميعِ أنواعِ التهاباتِ الجلد، يتظاهرُ عند أغلبِ المصابين ببشرةٍ حمراءَ جافة وبحكّةٍ، تتطوّرُ في الحالاتِ المتقدِّمة إلى حراشفٍ قشريّةٍ، شقوقٍ مؤلمةٍ أو بثور، يعدُّ التهابُ الجلد التأتُّبيّ Atopic dermatitis (نوع من الإكزيمة) النوعَ الأكثرَ شيوعاً بين التهاباتِ الجلد.

الإكزيمة (Eczema):

حالةٌ التهابيّةٌ جلديةٌ تتظاهرُ بالحكَّة واحمرارِ وجفافِ الجلدِ كما من الممكنِ أن تظهرَ بعضُ التّشقّقاتِ الجلديّة. تصيبُ الإكزيمة أيَّ جزءٍ منَ الجسمِ، تحدثُ أحياناً بشكلٍ تلقائيٍّ دون وجود عاملٍ مسببٍ، وقد تصبحُ مزمنةً في الكثيرِ من الحالاتِ. شائعةٌ عند الأطفالٍ وتختفي عندَ معظمِهم قبلَ سنِّ البلوغ.

لدى المصابينَ بالأكزيما خطرٌ مرتفعٌ للإصابةِ بأمراضٍ تحسسيَّة كالرَّبو وحُمّى الكَلأ Hay fever.

الصُّداف (Psoriasis):

مرضٌ مناعيٌّ ذاتيٌّ يسببُّ طفحاً جلدياً متنوِّعاً، يتظاهرُ غالباً بلويحاتٍ حرشفيّةٍ ذاتَ لونٍ فضيٍّ.

من الأرشيف، مقالنا عن الصّداف: هنا

قشرةُ الرّأسِ (Dandruff):

هي حالةٌ شائعةٌ تتظاهرُ بتساقطِ بعضِ الرّقائقِ البيضاءِ الجافّةِ من فروةِ الرّأسِ، عكسَ ما هو شائعٌ، لا علاقةَ لقشرةِ الَّرأسِ بنوعِ الشّعرِ أو بعددِ مرَّاتِ الاستحمامِ، بل هي مرتبطةٌ بجلد فروة الرأس، حيثُ تنتجُ عن نموٍّ ومن ثمَّ تموُّت سريعٌ لخلايَا الجلد.

من الممكنِ أن تتفاقمَ هذه الحالة عند التّوترِ أو أثناء المرضِ، كذلكَ في الشِّتاءِ الجافِّ والباردِ، لوحظَ عند بعضِ المصابين بقشرةِ الَّرأس التهاباً جلديّاً زهميّاً في مناطقَ أخرى من الجسمِ كالأذنينِ ومنتصفِ الوجهِ ومنتصفِ الصّدرِ.

المزيد حول قشرة الرأس في هذا المقال: هنا

حبُّ الشباب (العُد الشّائع) (Acne):

مشكلةٌ جلديّة شائعةٌ خاصّةً عندَ المراهقينَ وعندَ النِّساءِ قبلَ الَّدورةِ الطّمثية، تحدثُ تِبعاً لانسدادِ المسامِ بالزَّيتِ أو بالخلايا الجلديّةِ الميتةِ وتتظاهرُ ببثورٍ حمراءَ على الوجهِ والعنقِ والصّدرِ والظهرِ، قد تكبرُ وتتصلّبُ وتصبحُ على شكلِ كتلٍ حمراءَ مؤلمةٍ (خرَّاجات).

بامكانكم التعرف على المزيد من أسباب حبّ الشّباب إضافة إلى طُرق علاجها : هنا

التهاب الهَلل (Cellulitis):

التهابٌ في الأدمةِ والّنسيجِ تحتَ الجلد، يحصلُ عادةً عندما تغزو بعضُ أنواعِ الجراثيمِ الجلدَ وتنتشرُ به، من أعرَاضه: تورُّم، واحمرار، وألم، وحرارة موضعيّة.

الخُرَاج (Skin Abscess):

كتلةٌ رقيقةٌ محاطةٌ بمنطقةٍ حمراء أو ورديّةَ اللّونِ، مؤلمةٌ ودافئةٌ، تمتلأُ بالقيحِ والحُطام الخلوي. وقد تظهرُ الخُرَاجات في أيِّ مكانٍ من الجسمِ.

المزيد من التّفاصيل حول الخُرَاج: هنا

العُد الوردي (Rosacea):

مرضٌ جلديٌّ مزمنٌ يسبِّبُ طفحاَ أحمرَ اللّونِ على الوجهِ وخاصّةً على الخدَّين والأنف والجبهةِ والذّقنِ، غالباً ما يبدأُ بين سنِّ الثَّلاثين والخمسين، أعراضُه تظهر ببطءٍ لذا يمكنُ أن يشخَّصُ خطأً في البدايةِ كحرقٍ شمسيٍّ.

الثآليل (Warts):

إصابةٌ جلديةٌ فيروسيةٌ شائعةٌ (يصابُ بها ثلاثة من أصلِ أربعة أًشخاص) تسبّبُ نموّاً جلديّاً مفرطاً مما ينتجُ الثُّؤلول، قد تنتشُر إلى أماكن أخرى عن طريقِ اللّمسِ أو الحلاقة حولَ الأماكنِ المصابة.

التَّقران المَثِّي (Seborrheic Keratosis):

نموٌّ جلديٌّ غيرُ سرطاني (حميد)، يصابُ بهِ البعضُ مع تقّدمِ العمرِ، غالباً ما يظهرُ في الصّدرِ أو الظّهر بحجمٍ صغيرٍ للغاية أو قد يكون أكبر من 3 سم، يتراوحُ لونَه من الأسمرِ إلى البنيِّ أو الأسودِ وهو في أغلبِ الحالاتِ ذو ملمسٍ خشنٍ وسطحٍ وَعِرٍ قابلٍ للتّفتُّتِ بسهولةٍ، وقد يكونُ ناعماً وشمعيَّ القوامِ.

التَّقران السَّفْعي (Actinic Keratosis) :

هو آفةٌ جلديّةٌ تحدثُ عندَ التَّعرّضِ الشّديدِ للأشعّةِ فوقَ البنفسجيّةِ القادمةِ من الشّمسِ، تظهرُ على شكلِ بقعٍ حرشفيّةٍ خشنةٍ أو على شكلِ تقرُّناتٍ، يزدادُ خطرُ الإصابةِ بها عند الّذين يمتلكونَ تاريخاً مرضيّاً من الحروقِ الجلديّة، كما تنتشرُ عند ذويّ البشرةِ البيضاءِ والشّعرِ الأشقرِ أو الأحمر والعيون الملوّنة، تعدُّ بدايةً لسرطانِ الجلدِ إن لم تُعالَج.

الهِربِس (Herpes):

مرضٌ فيروسيٌّ يصيبُ المنطقةَ حولَ الشّفتينِ أو الأعضاءِ التّناسليّةِ، يسبّبهُ نوعانِ من الفيروسات، (HSV-1) ينتقلُ عبرَ المفرزاتِ الفمويّةِ ويصيبُ منطقةَ الشّفتينِ عادةً، والثّاني (HSV-2) ينتقلُ عبرَ الاتّصالِ الجنسيِّ ويصيبُ الأعضاءَ التّناسليّةَ عادةً. ويتظاهرُ ببثورٍ تظهرُ بشكلٍ دوريٍّ أو بتخريشٍ جلديٍّ حولَ الشّفتينِ أو الأعضاءِ التّناسليّة.

الشَّرَى (Hives\ Urticaria):

تدفّقٌ مفاجِئ لكدماتٍ منتفخةٍ ذاتِ لونٍ أحمرَ شاحبٍ على سطحِ الجلدِ منتشرةٍ في مختلفِ أجزاءِ الجسم وبحجومٍ مختلفةٍ، غالباً ما تسبّبُ هذهِ الكدماتُ الحكّةَ وقد تترافقُ بشعورٍ واخزٍ أو حارقٍ، وهي عبارةُ عن ردِّ فعلٍ تحسّسي، و قد يكونُ غيرَ معروفِ السّبب، تستمرُّ هذه الحالةُ لساعاتٍ أو ليومٍ أو أكثرَ ثم تختفي فيما بعد.

السَّعْفَة المُبرقَشة (Tinea Versicolor):

إصابةٌ فطريّةُ جلديّةُ تؤدّي إلى ظهورِ بُقَعٍ صغيرة مسطّحة ومبرقشة على سطحِ الجلد، قد تتقشّر وتسببُّ الحكّة. تندمجُ أحيانا وتشكّلُ رُقعاً كبيرةً، لها ألوان متعدِّدة فقد تكون أغمقَ أو أفتحَ من الجلد المحيط بها، غالباً ما تصيبُ الأماكنَ الدّهنيّة من الجزء العلويِّ من الجسم كالصَّدر والظَّهر.

الطُّفيحات الفيروسية (Viral Exantham):

آفاتٌ فيروسيّة متعدَّدة تتظاهرُ بمناطقٍ من طفحٍ جلديّ ذي لونٍ أحمر. أكثرُ شيوعاً عندَ الأطفالِ.

الهِربِس النُّطاقيّ (Shingles- Herpes Zoster):

مرضٌ شائعٌ عند المسنّين والأفراد مُضْعَفي المناعة، يسبٍّبه فيروس الحُماق (Chickenpox) وهو طفحٌ جلديٌّ مؤلمٌ في جانبٍ واحدٍ من الجسمِ.

الجَرَب (Scabies):

طفيلياتٌ صغيرةُ الحجمِ تتطفّلُ على الجلد وتسبّبُ الجربَ، عرَضَه الأساسيّ هو الطّفح الجلديّ الّذي يسبّبُ حكّة شديدةً وينتشرُ غالباً في ثنيات الجسم؛ كما في أصابعِ اليدينِ والمعصمين والمرفقين والردفين.

يمكنكم قراءة المزيد عنه:

هنا

داء السَّعفة (Ringworm) :

هو عبارة عن بثورٍ مميزةٍ حمراءَ اللّون تشبه الخاتمَ، وقد تكونُ ذاتَ قوامٍ حرشفيٍّ، سببُها فطريٌّ.

البُهاق (Vitiligo):

تنتجُ هذهِ الحالةِ عن خللٍ في عملِ الخلايا الميلانينية المسؤولة عن إعطاءِ الجلدِ لونَه. قد تتعرّضُ هذه الخلايا للهجومِ من قِبَلِ الجهازِ المناعيِّ أو قد تموتُ بشكلٍ مفاجئٍ دونَ سببٍ واضحٍ وتتوقّفُ عن العملِ، فيظهرُ على جلدِ المريضِ بقعٌ عديدةٌ بيضاءُ اللون.

لمعلوماتٍ أوسعٍ عن البهاقِ، عليكَ بالرّابط التّالي: هنا

وأخيراً، نقدّم لكَ دليلاً للمحافظة على بشرة نضرة، صحيّة، وخالية من التجّاعيد، من الأرشيف: هنا

المصادر:

هنا

هنا

Langman's Medical Embryology-Twelfth Edition page 339-340

هنا

مقال الباحثون السّوريون، بعنوان : الجلد: حقائق، أمراض وحالات: هنا