الفيزياء والفلك > علم الفلك

انفجارٌ مضاعفٌ غامضٌ لسوبرنوفا يولّد نجماً مغناطيسيّاً

استمع على ساوندكلاود 🎧

أشارت دراسةٌ جديدة إلى أنّ نوعاً غامضاً من المستعرات العُظمى (سوبر نوفا) يبدو أنّه ينفجر مرّتين مولداً بذلك أحدَ أقوى أنواعِ المغانط في الكون. انفجارُ المستعرِ الأعظمِ هو الانفجارُ الّذي يحصلُ لأنواعٍ معيّنةٍ من النّجوم عندما ينتهي وقودها النّوويّ وتموت. ويُعادلُ الضّوء النّاتج عن هذه الانفجارات ضوءَ ملايين النّجوم الأخرى في مجرّاتها.

استطاع العلماءُ مؤخّراً رَصْدَ صِنفٍ نادرٍ جدّاً من المستعرات العُظمى المعروفِ باسم المُستعرات فائقة اللمعان. تفوق إضاءةُ انفجاراتِ هذه النّجوم إضاءة مئاتِ المُستعرات العُظمى الأخرى، ويعتبرُ المستعرُ فائق اللمعان أندرَ بألفِ مرّةٍ من المستعرات العُظمى، ولم تُدرس سوى 30 حالةٍ منها فقط بشكلٍ جيد.

يقول ماثيو سميث؛ عالم الفلك من جامعة ساوث أمبتونفي إنكلترا: "إنّها مضيئةٌ جدّاً وقد نستطيعُ رؤيتَها طِوال عامٍ كاملٍ. لكنّها نادرةٌ جدّاً ولذلك من الصّعب جدّاً إيجادُها والقيامُ بالقياسات عليها. لا نعلمُ الأصلَ الفيزيائيّ لهذه الانفجاراتِ الكونيّة بعد والّتي يُمكن رؤيتها لبداية الكون، وسيكون هذا تركيزنا الرّئيسيّ في الأبحاثِ الحاليّةِ والقادمة"

تقترحُ أبحاثٌ سابقةٌ أنّ بعضَ المضيئات العُظمى تبدو وكأنّها تنفجرُ مرّتين؛ إذ يظهرُ قبل كلِّ انفجارٍ رئيسيَ ازديادٌ في إضاءتها قليلاً، ويدومُ ذلك بضعةَ أيّام.

يحلّل سميث وزملاؤه البيانات حولها منذُ لحظةِ بِدئها، مسلّطينَ الضّوء على أصولها وأسبابها. يقولون في ورقتهم البحثيّة الجديدة أنّ معظمَ المضيئات العُظمى ثنائيّة الذّروة (كما يوضح الشكل)

اكتشف العلماءُ هذا المستعر فائق اللمعان الّذي يًبعُدُ نحوَ 6.4 مليار سنةٍ ضوئيّةٍ عن الأرض، والمُسمّى DES14X3taz عام 2014، بعدَ مراقبة البياناتِ الواردة من مرصد استطلاع الطّاقة المُظلمة.

وباستخدام Gran Telescopio Canarias، وهو تلسكوبٌ في جزرِ الكناري الإسبانيّة، استطاع فريقٌ من علماءِ الفلكِ متابعةَ رصدِ DES14X3taz بعد وقتٍ قصيرٍ من اكتشافه، ممّا ساعد الباحثين على مراقبةِ تغيّر درجةِ حرارته مع مرورِ الوقت.

لاحظ الباحثون أنّه بعد التّزايدِ المُفاجئِ في الإضاءة، تناقصت درجةُ حرارةِ الجسم بسرعة، تلاها دفقٌ أقوى من الضوء. يتوافقُ تزايدُ الإضاءة المفاجئ في البدء غالباً مع قذف النّجم لفقاعةٍ كبيرةٍ من الموادّ في الفضاء؛ حيث كانت كتلته مساويةً تقريباً لـ 200 ضعف من كتلةِ الشّمس، كما أنّ كتلة الفقاعةِ الّتي أطلقها النّجم تُعادل تقريباً كتلةَ الشّمس بحسب تقديرات الباحثون. كما قالوا إنّ هذه الفقاعة بردَت بسرعةٍ وهي تكبرُ في الفضاء، وعقِبَ التّزايد السّريع في الإضاءة ببدايةِ الحدث وُلِدَ نجمٌ مغناطيسيّ (Magnetar)؛ وهو أحد أقوى أنواعِ المغانط في الكون يشبهُ النّجوم النّترونيّة. وقد قارنَ الباحثونَ بياناتهم للتّوصل لهذا الاستنتاج بشأن النّجوم المغناطيسيّة ببضعِ نماذجَ عن المستعرات العُظمى.

وجد الباحثون أيضاً أنّ الانفجارَ النّاتج عن تشكّل النّجم المغناطيسيّ يسخّن الفُقاعة الّتي نتجت عن الانفجارِ الأوّل، ما يؤدّي إلى دفقٍ أقوى وأكثر إضاءةً؛ وهو الانفجار الثّاني.

يقول سميث لـ space.com: "لم يكنِ الأمرُ مفاجىءً لأنّ للمستعرِ الأعظمِ ذروتان (في مخطّط الإضاءة) بل لأنّ هنالك أدلّةٌ مهمّةٌ تشير إلى أنّ معظمَ المستعرات فائقة اللمعان لها ذروتان أيضاً ". كما يقول أيضاً عن الأبحاث السّابقة عن هذا النّوع من المستعرات العُظمى: "هذه الأجسام الفلكيّة متشابهةٌ جدّاً، لذلك فعلى الأرجح أنّ آليّة حدوثِ انفجارٍ واحدٍ فقط قد تكونُ كافيةً لفهمها جميعاً."

يقترحُ تحليلُ فريقِ الباحثين للبياناتِ من المضيئات العُظمى الأُخرى أيضاً وجودَ الذّروة المزدوجة، ويرى سميث أنّ هذه الظّاهرة قد تكونُ جوهريّةً في المستعراتِ فائقة اللمعان ، ويتابع قائلاً: "هدفُنا الآن إيجادُ هذه الأحداثِ الفلكيّة مبكّراً لمعرفةِ سببها، نأمَل أن نجد المزيد!"

المصدر:

هنا