الغذاء والتغذية > التغذية والأمراض

دور المكملات الغذائية في تخفيف نوبات الشقيقة - المغنيزيوم

استمع على ساوندكلاود 🎧

يعتبرُ المغنيزيوم من أهمِّ العناصرِ المعدنيّةِ التي يستخدمُها الجسمِ في العملياتِ الفيزيولوجية والاستقلابِ الخلوي، فهو يُساعدُ في عمليةِ تخليقِ (اصطناع) البروتينات، ويحافظُ على العظام قويةً وسليمةً، كما يُساعدُ في الحفاظِ على وظائفِ العضلاتِ والأعصاب، ويمكنكُم التعرُّف على دورهِ ومصادرِه الغذائيّةِ في مقالنا السابق هنا .

أما من جهةِ تأثيرِه على الصداعِ النصفيّ (الشقيقة)، فقد لاحظَ العلماءُ بأنًّ مستوياتِ المغنيزيوم في الدماغِ والسائلِ الشوكيّ تكون أقلَّ من حدودِها الطبيعيّة في الفتراتِ الفاصِلةِ بين نوباتِ الشقيقة، وعزا العلماءُ ذلك إمّا لنقصِ قدرتِهِم على امتصاصِهِ من الطّعام، أو زيادةِ إطراحِه من الجسمِ، أو امتلاكِهِم لعاملٍ وراثيّ يؤهّبٍ لانخفاضِ مستوياتِهِ في الدماغ. وبحسب الأبحاث، فقد كانت مستوياتُ المغنيزيوم بين نوباتِ الشقيقةِ أقلّ بـ 19% مقارنةً بالأشخاصِ الأصحّاء. كما يُلاحظُ ميلٌ واضحٌ لانخفاضِ المغنيزيوم لدى المصابينَ بالأمراضِ القلبيّة، وداءِ السكريّ، والأشخاصِ الذين يتعاطون الأدويةَ المُدرّةَ للبول لعلاجِ ارتفاعِ ضغطِ الدم، إضافةً إلى انخفاضهِ لدى مدمني الكحول، والنساءِ أثناءَ الدورةِ الشّهرية.

وقد أجمعَ الباحثون على وجودِ عدةِ آلياتٍ تلعبُ دوراً في فعاليةِ المغنيزيوم تجاهَ أعراضِ نوبةِ الشّقيقة، ومنها تحسينُ وظائفِ الصُّفيحات، وتقليلُ أو منعِ إفرازِ نواقلِ الألمِ الكيميائيّةِ في الدّماغ، ومنعِ تضيّقِ الأوعيةِ الدمويّة في الدماغ الذي يحدثُ بفعلِ السيروتونين.

وبالتالي، فإنّ انخفاضَ مستوى المغنيزيوم يؤدّي إلى تضيّقِ الشرايينِ المخيّة، إضافةً إلى زيادةِ تكدّسِ الصّفيحات الدمويّةِ، الأمرُ الذي يحثُّ على إطلاقِ السيروتونين وزيادةِ تضيّقِ الأوعيةِ الدمويّة، علماً أن جميعَ هذه العواملِ تتدخّل في الآليّةِ الإمراضيّةِ للشّقيقة.

وقد وُجدَ أن التأثيرَ الأقوى للمغنيزيوم كان لدى مرضى الشقيقة الذين يختبرونَ مرحلةَ الهالة (أو الأَوْرة) Aura بالترافقِ مع آلامِ الشّقيقة وأعراضِها الأخرى، إذ يُعتقد بأن المغنيزيوم يلعبُ دوراً في منعِ ظاهرةِ الانضغاطِ اللّحائيّ المنتشر Cortical spreading depression* والتي تعتبر السبب الأساسيّ في ظهورِ حساسيّةِ الضوءِ وشعورِ المريضِ بآلامِ الشقيقة.

زيادةُ المدخول اليومي من المغنيزيوم:

يمكن لمرضى الشقيقة – كخطوةٍ أولى - أن يزيدوا مدخولَهم اليوميّ من المغنيزيوم عبر تناولِ الأغذية الغنيّة به، ويُذكر من مصادرِه الأساسية الخضارِ الورقيّةِ داكنةِ اللون (مثل السبانخ)، والبروكولي، والشمندرُ، والموزُ، والحبوبُ بأنواعِها وخاصّةً القمحُ وجنينُ القمح، والمكسراتُ، والمأكولاتُ البحريةُ، واللحوم. ولكنّ بعضَ أنواعِ هذه الأطعمةِ يعدّ من محرّضاتِ الشقيقة لدى بعض الأشخاص، مما قد يستوجبُ الاستعاضةَ عنها بأخذ مكمّلات المغنيزيوم.

مكملات المغنيزيوم - الجرعة والاستخدام:

أجرى فريقٌ من الباحثين دراسةً عشوائية على 81 مريضاً مصاباً بالشقيقة (أعمارهم بين الـ 18 و65)، تلقّى قسمٌ منهم علاجاً وهمياً، بينما تلقّى القسمُ الآخر جرعاتٍ من المغنيزيوم الفموي بلغت 600 ملغ/يوم ولمدة 12 أسبوعاً. لوحظَ في نهايةِ التجربةِ انخفاضٌ في تواتر نوبات الشقيقة لدى المجموعة المعالجة بالمغنيزيوم بنسبةِ 41.6% مقارنةً بـ 15.8% لدى المجموعة الأخرى. كما انخفض عدد أيّام نوباتِ الشقيقة ومدّتُها ولكن بدرجةٍ أقل.

يستخدمُ المغنيزيوم في علاجِ الشقيقة في صورةِ حبوبٍ وبجرعةٍ تتراوح بين 300 و500 ملغ/يوم، سواءً بشكل أوكسيد أو سيترات المغنيزيوم. وتعتبرُ حبوب أوكسيد المغنيزيوم الأكثرَ ملائمةً من حيثُ السعر، كما يمكنُ الحصولُ عليها بدون وصفةٍ طبيّة. أما المرضى الذين يمرّون بمرحلةِ الأوْرة (الهالة) فيُنصحونَ بتناولِ مركّب سلفات المغنيزيوم، حيثُ وُجدَ أنه كان أكثرَ فعاليةً من مركبات المغنيزيوم الأخرى. يُذكرُ أن فعاليةَ سلفات المغنيزيوم في تخفيفِ الحساسيّة للضوء والأصوات كانت أكبرَ من فعاليّتِها على شعورِ الألمِ والغثيان.

كما يلعبُ المدخولُ اليوميّ من المغنيزيوم دوراً أساسياً في الصداعِ النصفيّ الحيضيّ وخاصّة لدى النساءِ اللواتي يعانين من متلازمةِ ما قبل الدورةِ الشهرية Premenstrual syndrome (PMS). أمّا بالنسبةِ للحواملِ، فيُنصحُ بتناولِهنّ لمكملاتِ أوكسيد المغنيزيوم فقط وبجرعةٍ لا تتجاوزُ الـ 400 ملغ.

تكلّل العام 2012 بمنحِ الجمعيةِ الأمريكيةِ للصداعِ والأكاديميةِ الأمريكيّةِ لطبِّ الأعصاب مركباتِ المغنيزيوم تصنيفاً من الدرجةِ B، وذلكَ بعد مراجعةِ الأدويةِ المستخدمةِ لعلاج الشقيقة وتأكيدِ فعاليّتِهِ تجاهها إضافةً إلى قلةِ آثارِه الجانبية، وأصبحَ يستخدم في العلاجِ إما لوحدِه أو مع أدويةٍ أخرى.

الآثارُ الجانبية المحتملة:

أكثرها شيوعاً هو الإسهالُ الطفيف، والذي يمكنُ أن يكونَ مفيداً في حالةِ الأشخاصِ الذين يعانون من الإمساكِ بشكلٍ عام. وإذا ما ترافقِ الإسهالِ بشعور بالألمِ والتشنّجات البطنية، يكفي أن يتمَّ تخفيضُ الجرعةِ المتناولة لتُحلَّ المشكلة.

ولا بدّ من التأكيدِ على ضرورةِ التزامِ النساءِ الحواملِ بتناولِ مكملاتِ أوكسيد المغنيزيوم حصراً، ويعود ذلك إلى دراسةٍ أُجريت لمعرفةِ تأثيرِ مكملاتِ المغنيزيوم في منعِ حالاتِ الإجهاض المبكر، ووُجدَ بنتيجتها أن إعطاءَ جرعاتٍ من سلفات المغنيزيوم وريدياً، ولمدة 5 إلى 7 أيام متواصلة، قد ترافقَ بحالاتِ ترقّقِ عظام الجنين، فكانَ ذلكَ سبباً في منع النساءِ الحواملِ من تناولِ سلفات المغنيزيوم، في حين يعتبر أوكسيد المغنيزيوم آمناً عليهنّ وعلى سلامةِ الحمل وتطوّر الجنين.

• الانضغاط اللحائي المنتشر Cortical spreading depression (CSD): عبارةٌ عن موجةٍ من النشاط الفيزيولوجي الكهربائي الذي يكونُ متبوعاً بموجةٍ أخرى من التثبيط، تحدُث في القشرةِ البصرية، وهي تعتبرُ من مسببّاتِ الشقيقةِ المترافقةِ بالأورة، في حين لا تُلاحظ لدى المرضى الذين لا يمرّون بهذه المرحلة.

المصادر:

1) هنا

2) هنا