الطب > الجراحة

القثطرة القلبية Cardiac catheterization

استمع على ساوندكلاود 🎧

كثيراً ما نسمع بالقثطرة القلبية، فهي من الإجراءات الطبية الشائعة جداً، والمفيدة تشخيصياً وعلاجياً، ولكن ما هي القثطرة القلبية؟ وبماذا تفيد؟

فلنتابع هذا المقال لنلقي نظرةً عن قرب على القثطرة القلبية وآليتها واستخداماتها.

تُستخدَمُ القثطرة القلبية لتشخيص وعلاج بعض مشاكل القلب والأوعية، حيث يتم إدخال أنبوبٍ رفيعٍ وطويلٍ ومرن (يدعى بالقثطار) في شريانٍ أو وريدٍ لأعلى الفخذ أو العنق أو الذراع وصولاً إلى القلب وأوعيته، عندها يمكن للطبيب المختصّ أن يقوم ببعضِ الاختباراتِ من أجل وضعِ تشخيصٍ دقيق، على سبيل المثال: يقوم الطبيب أحياناً بحقنِ مادةٍ ظليلةٍ في القثطرة، فتنتشر هذه المادة مع الدم في الأوعية، عندها يقوم الطبيب بإجراء صورةٍ شعاعيةٍ بالأشعة السينية للصدّر، فتظهرُ فيها الأوعيةُ الإكليليةُ للقلب بوضوح، يُدعى هذا الإجراء بالتصوير الظليل للأوعية الإكليلية.

تُساعد هذه الصورة في رؤية التضيّقاتِ والانسداداتِ في الأوعية الإكليلية، الناتجةِ عن العصيدة الشريانية أو الخثرات، والتي تؤدّي بالنتيجة لمنعِ وصول الدمِ المغذي للقلب، تُدعى هذه الحالة بالداء القلبي الإكليلي CHD، كما يُمكن للطبيب أيضاً أثناء إجراء القثطرة أن يستخدمَ الأمواجَ فوق الصوتية (إيكو دوبلر)، مما يسمحُ له بمراقبة جريان الدم في الأوعية، وتحديد موقع السدادة.

أثناء إجراء القثطرة القلبية لا يُخدَّر المريض تخديراً عاماً، بل يبقى واعياً ويُعطى بعضَ الأدوية التي تُساعده على الاسترخاء، ويكونُ الألمُ في الحدِّ الأدنى؛ إذ من الممكن أن يشعر المريض ببعضِ الألم في الوعاء الدموي حيثُ أُدخِلَت القثطرة، ولا تحتاجُ هذه العملية لفترةِ استشفاءٍ طويلة، كما أن اختلاطاتِها نادرة.

متى يلجأُ الأطباء لإجراءِ القثطرة القلبية؟

هناك العديد من الاستطباباتِ التي تدعو لإجراءِ قثطرة قلبية، ولكنَّ أكثرَها شيوعاً هي تقييمُ سبب الألم الصدري، فقد يكون هذا الألم ناجماً عن الداء القلبي الإكليلي CHD، وتساعدُ القثطرةُ في تحديد موقع التضيّق أو الانسداد، كما تسمحُ بإجراءِ مناورةٍ علاجيةٍ تدعى بتصنيع الأوعية الاكليلية أو التداخل على الأوعية الإكليلية من خلال الجلد PCI، حيث يتم إدخال قثطارٍ يحملُ في نهايته بالوناً، ثم يتم نفخ البالون عندما يصل إلى مكان الانسداد أو التضيّق مؤدياً لتوسيع الشريان، سامحاً للدمِ بالتدفق، تُستخدَم في بعض الأحيان شبكةٌ صغيرةٌ (ستينت) تَدعمُ جدار الشريان وتحافظ عليه مفتوحاً.

تُستخدم القثطرة القلبية أحياناً كإجراءٍ إسعافيٍّ في حالاتِ النُّوَبِ القلبية، ففي أغلب حالات النُّوَبِ القلبية يعاني المريض من انسدادٍ أو تضيِّقٍ في أحد الشرايين الإكليلية، فتفيد القثطرة في توسيع الشريان ومنع الاختلاطات المتأخرة الناتجةِ عن عدمِ وصول التغذية إلى عضلة القلب.

يُمكن للطبيب استقصاءُ وجودِ ضَعْفٍ في عضلة القلب من خلال دراسةِ الحُجُراتِ القلبيةِ الأربعة (الأُذينَين والبُطينَين)، وتحديدُ إمكانيةِ أو ضرورةِ خضوعِ المريضِ لعمليةٍ جراحيةٍ على القلب، كما يمكنه التّحققُ من سلامة الدّساماتِ القلبية، التي تتحكّمُ بمرورِ الدم بين الحُجُرات القلبية، من الممكن أيضاً قياسُ مستوى الأوكسجين في الدم وضغطِه، والتحققُ من سلامةِ المضخةِ القلبية وقدرتِها على ضخِّ الدم، وكذلك التحققُ من الدّسّاماتِ الصُّنعيّة المزروعة سابقاً ومدى نجاحها، وفي الحالات التي يشكُّ فيها الطبيب بوجود إنتانٍ (عدوى) أو ورمٍ في العضلة القلبية، يلجأ لأخذ خزعةٍ (عينة) من أجل دراستها مخبرياً، وبناءً على النتائج يضع الطبيب خطةً علاجيةً مناسبةً لحالة المريض.

تُعتبر القثطرة القلبية من أكثر الإجراءات الطبية شيوعاً وأماناً، ولكنها تُفضي في حالاتٍ نادرة إلى بعض الاختلاطات، منها:

- النزف، أو الإنتان أو الألم في مكان إدخال القثطرة.

- أذية الأوعية، ففي بعض الحالات قد تتسبب القثطرة بثقبِ أو تسحّجِ الأوعية في طريقها نحو القلب.

- ارتكاسٌ تحسسيٌّ ناتجٌ عن استخدام المواد الظليلة.

كما توجدُ بعض الاختلاطات الأكثر ندرةً من السابقة، منها:

- اضطراباتٌ في النَّظْمِ القلبي (ضرباتٌ قلبيةٌ شاذة)، يختفي هذا الاضطرابُ من تلقاء نفسه عادةً، وقد يلجأ الطبيب أحياناً لاستخدامِ بعض الأدوية من أجل إنهائه.

- أذيةٌ كلويّةٌ ناجمةٌ عن استخدام المواد الظليلة.

- خثرةٌ دموية، يُمكن أن تُفضي لاحتشاءٍ في القلب أو سكتةٍ دماغية.

- انخفاضُ ضغط الدم.

- انصبابُ دمٍ سائلٍ في الحيِّزِ حول القلب (انصبابُ تامور)، يعيقُ هذا الانصباب عملَ المضخة القلبية.

قد تكونُ بعضُ هذه الاختلاطاتُ خطيرةً ومهددةً للحياة، لحسن الحظ فهي نادرة الحدوث، ولكنْ يزداد معدّلُ حدوثِها لدى المسنين أو المصابين بأمراضٍ أُخرى كالقصورِ الكُلَوي والسكري وغيرها...

في النهاية إليكم بعض النصائح في حالة إجراء قثطرةٍ قلبية:

- اتّبع التعليماتِ التي يعطيك إياها طبيبُك بعد إجراء العملية بدقّة، وتناول أدويتك في موعدها، معظمُ المرضى يستعيدون نشاطهم الطبيعي خلال مدةٍ قصيرة بعد العملية، وتعتمدُ هذه المدة على الإجراءات الإضافية أثناء العملية وعلى الحالة الصحية العامة للمريض.

- إنَّ ظهور كدمةٍ صغيرةٍ في مكان إدخال القثطرة أمرٌ طبيعيٌّ ولا يدعو للقلق، وفي حال النزف قُم بالاستلقاء والضغط فوق مستوى النزف لبضع دقائق ثم تحقّق بعدَها من غياب النزف.

راجع طبيبك في الحالات التالية:

- إذا شعرتَ بتنميلٍ أو خدرٍ في الطَّرفِ الذي تم إدخالُ القثطرة فيه، أو إذا أصبح بارداً أو أزرقَ اللون.

- إذا ازداد حجمُ الكدمة في مكانِ إدخال القثطرة.

- إذا تورّم مكان إدخال القثطرة، أو بدأ سائلٌ بالنزِّ خارجاً.

المصادر:

هنا

هنا

هنا