البيولوجيا والتطوّر > منوعات بيولوجية

لغز أزهار عباد الشمس لم يَعُد سراً

استمع على ساوندكلاود 🎧

تبيّنَ حديثاً أنَّ سببَ حركة أزهار عباد الشمس يعود إلى إيقاع الساعة البيولوجية الداخلية، إذ إنَّ هذا التغيُّرَ اليوميَّ لا يزيد حجمَ أوراق هذه الأزهار فحسب، بل يجعلها أكثرَ جاذبيةً للنحل أيضاً، فقد لاحظ العلماء منذ عام 1898 أنَّ أزهارَ عباد الشمس تبدأ يومَها متجهةً نحو الشرق، وتتأرجح خلال النهار حتى تتجه نحو الغرب، لتعودَ إلى الشرق ثانية خلال الليل، لكن لم يتمكَّن أحدٌ سابقاً من معرفة ما ينظّم هذه العملية.

ولمعرفة إذا ما كانت هذه النباتاتُ تملك ساعتَها البيولوجية الخاصة التي يُعادُ تعيينها يومياً بواسطة الشمس -بشكل شبيه بساعتنا البيولوجية- أو إذا ما كانت ببساطة تتحرَّك وفقاً لجدول زمني محدَّد مسبقاً، أجرى فريقٌ من الباحثين بقيادة الباحثة (ستايسي هارمر Stacy Harmer) في جامعة كاليفورنيا سلسلةً من التجارِب، إذ قاموا في البداية بربط بعض النباتات بطريقة تمنعها من الحركة، بينما وجّهوا مجموعةً أخرى من النباتات نحو الغرب في بداية اليوم أي بعكس توجهها الطبيعي لتتداخلَ الإشاراتُ التي تتلقاها هذه النباتات عادة من الشمس، فكانت النتيجة هي عرقلة حركة النباتات.

بعد ذلك، أنشأ الباحثون دورة نهار اصطناعية بشكلٍ محاكٍ لحركة الشمس اليومية في مختبر داخلي باستخدام ضوء اصطناعي وُضع شرقاً في الصباح وغرباً في المساء، فوجدوا أنَّ أزهار عباد الشمس كانت قادرةً على مزامنة تحركاتها مع حركة الضوء عندما كان زمن الدورة 24 ساعة، إلا أنَّها فشلت في التعامل مع هذه الإضاءة بشكل منتظم عندما امتدت الدورة الزمنية إلى 30 ساعة، وهذا يوحي بأنَّ شيئاً ما داخل الأزهار مرتبطٌ بحركة زمنية مدتها 24 ساعة.

لكن ما الذي يُسبب تحرك النباتات؟

وجد فريقُ البحث أنَّ هذه الحركةَ هي نتيجةٌ لنمو جانبٍ واحدٍ من الساق بوتيرةٍ أسرع من الجانب الآخر-وذلك تبعاً للوقت خلال اليوم- ما يسبّبُ حركةَ الزهرة؛ ففي الصباح، يُعبَّرُ عن مورثاتٍ معينةٍ بمستوياتٍ أعلى على الجانب الشرقي لساق النبات، ويتبدّل هذا النمطُ بعد الظهر (شاهد الفيديو أدناه)، وقد وضّحَتْ (هارمر) أنَّ هذا النوعَ من النمو يختلفُ عن النمو المنتظم للنبات ويظهر يومياً خلال دورة زمنية قدرها 24 ساعة.

المهم في الأمر، أنَّ لهذه الحركةِ فوائدَ كبيرةً للنباتات، فخلال التجارِب وجد الفريق أنَّ أوراق الأزهارَ التي ثُبِّتت بعيداً عن الشمس كانت أصغرَ بنحو 10% من المعدل، أي أنَّها كانت أقلَّ كفاءةً عند عدم تتبعها للشمس، وقد سُجِّلَت أعداد النحل والحشرات الأخرى المنجذبة إليها وقُورنت بالأزهار المواجهة للشرق (الحالة الطبيعية) فأظهرت النتائج أنَّه خلال الصباح الباكر، كان معدَّلُ أعداد النحل والحشرات الأخرى المُنجذبة نحو الأزهار المواجهة للشرق (الحالة الطبيعية) أكثر بخمسِ مرات من تلك المُواجهة للغرب، والسببُ هو ارتفاع درجة حرارة الأزهار المُواجهةَ للشرق بسرعة أكبر من المُواجهة للغرب، الأمر الذي يُفضّله النحل والحشرات المُلَقِّحَة الأخرى.

توضح الصور كيفيةَ تغيُّر درجة حرارة أزهار عباد الشمس خلال اليوم إذ يشير اللون الأحمر إلى ارتفاع درجات الحرارة.

يبدو كلُّ هذا واضحاً جداً للعاملين في الحقل الذين يشاهدون حركةَ أزهار عباد الشمس خلال النهار منذ سنوات، لكنَّها المرةُ الأولى التي يستطيعُ فيها العلماءُ ربط َ التعبير الجينيّ بسلوك نباتٍ في الحقل.

المصادر:

هنا

هنا

البحث الأصلي:

هنا