العمارة والتشييد > التصميم المعماري

العمارة والسلوك الإنساني (الجزء الأول)

استمع على ساوندكلاود 🎧

"نحن نصنع أبنيتنا، ومن ثم هي تصنعنا وتنظم مجرى حياتنا"

هكذا عبر وينستون تشرشل عن تاثير العمارة على سلوك الإنسان حيث رأى أن تصميم البيئة التي يعيش ويعمل الناس فيها لا بد أن تؤثر عليهم. بينما راى ويل سومر أن المعماريين والمخططين يتعاملون مع المبني بتجرد دون أخذ الإنسان وتفاعله فيها بعين الاعتبار ويظهر ذلك في بعض الافكار او المقترحات المعروفة لبعض اهم المعماريين مثل المدن الحدائقية المستقبلية لهاورد والمدينة المشعة للكوربوزييه. اذا ما هي الطرق التي تؤثر بها العمارة على السلوك ؟

أولا: التقطيعات الداخلية والممرات التي تحفز او تحبط التفاعلات الاجتماعية:

حيث غالبا ما يهدف المصمم للتأثير على المستهلك وخلق تفاعلات اجتماعية ولقاءات بين مختلف مستخدمي الفراغ

1-يقترح ايتلسون ايت ال أن كل الابنية تلمح ولو قليلا للتفاعل الذي يتولدإاما حسب وظيفة الفراغ او بشكل عشوائي

فمثلا ترتيب الغرف، الأبواب، النوافذ، والممرات قد يحفز او يخفض الاتصال بين المستخدمين

وهنا يتحكم المصمم بنقاط الالتقاء ومسارات الحركة كما يتحكم لكن بدقة اقل بنسبة التفاعل المرغوب بها.

2-كما أن أغلب المصممين يطمحون لأكثر من إنشاء مبان جديدة ووظيفية وجميلة بل يرغبون بخلق بيئة متكاملة تغير من سلوك ونفسية وعادات المستهلك.

وأحد الأمثلة على ذلك استخدام فرانك لويد رايت لممرات تحتضن المشاة الى ان تؤدي بهم للفراغات المفتوحة وهنا يساهم الانفتاح والضوء بتحسين تجرية الانتقال بين الفراغات.

ثانيا: توضع العناصر فيزيائيا:

حيث يحاول المصمم تحديد مسار وهمي معين ليسلكه المستهلك ليحقق افضل استفادة من وظيفة للمبنى

كان يضع المرايا وسلات التسوق وأماكن الاستراحة في اماكن معينة تؤثر على سلوك المستهلك

ونلحظ هذا في محلات ايكيا المخططة بدقة ومتغيرة التصميم باستمرار بشكل يجعل رحلة التسوق مغامرة بين الأروقة بطريقة تجبر المستهلك ان يقطع العديد من الأقسام بشكل متتال مم يزيد من نسبة شرائه لحاجيات لم يخطط لشرائها في الأساس

وابرز الطرق المستخدمة بشكل عام هي:

1-وضع العناصر في طريق المشاة وذلك لمنع مرورهم لمكان معين

2-وضع العناصر على احد جوانب المشاة ذلك لتوجيههم لمكان معين مثل معابر المشاة المتداخلة التي تهدف لتوجيه المشاة بحيث يقابلون حركة السير

3-إخفاء العناصر كي لا يلاحظ وجودها المستخدم كبعض كاميرات المراقبة

4-تقسيم العناصر أو جمعها ليستعملها أكثر من مستهلك

5-وأخيرا توجيه العناصر بزاوية معينة لتسهل افعالا او مسارات معينة دون غيرها

كل هذه الطرق تغير التأثير العام للفراغات وتفسر لم تنشهر بعض المحال أو الاماكن أكثر من غيرها

ثالثا: تغيير خصائص المكان:

1-باجبار المستهلك على القيام بسلوك معين

2-جعل النشاط اقل أو اكثر راحة

مثل استخدام مطاعم الوجبات السريعة مقاعد غير مريحة كي لا يطيل الزبون الجلوس.

في النهاية نستنتج أن للعمارة دورا كبيرا في التأثير على مستعمل الفراغ وسلوكه وتوجيهه لفعل معين ولكن يقول ستيوارت براند :" كل الابنية توقعات وأن كل التوقعات خاطئة "

فواقعيا ليس بمقدورنا التحكم بشكل كامل بسلوك مستعمل الفراغ المصمم لكن بإمكاننا جعل التجارب ممتعة ومفيدة قدر الإمكان.


المصدر:

هنا