الطبيعة والعلوم البيئية > عجائب الأحياء

كائنات تستخدم واقياتٍ للشمس، فهل تلهمنا يوماً؟

استمع على ساوندكلاود 🎧

تستخدم العديد من الفصائل طرقاً مختلفة لتحمي نفسها من الشمس إذ يمكن لقنافذ البحر مثلاً تغطية أجسادها بقطع صغيرة من الطحالب والشعب المرجانية أو ما يشابهها. قنفذ البحر مخلوق دقيق يشبه القنفذ البري، تراه ككرة شائكة تتحرك في قاع البحر وتقضم الطحالب وخيار البحر والإسفنج وبعض أشكال الحياة الأخرى التي قد لا تخطر على بال لكن ومع غرابة حياة وشكل هذا الحيوان إلا أنه قد يشبهنا أكثر مما نتوقع. عندما ترتفع حرارة الشمس يتحتم عليه إيجاد واقٍ شمسي ملائم، قد يبدو هذا الكلام غريباً لكن الغرابة تزول إن فهمنا كيف يفعل ذلك.

يملك قنفذ البحر بالإضافة للعمود الفقري –الذي يمكن أن يكون مؤلماً للغاية عند الدوس فوقه– يمتلك ما يعرف بالأقدام الأسطوانية (الأسماك النجمية تملك مثلها كذلك) والتي هي قصبات دقيقة تمتد ما بين العمود الفقري –بشكل أعين الحلزون– وظيفتها دفع الحيوان عبر قاع البحر بينما يدفعه العمود الفقري للأعلى. تكون أقدام قنفذ البحر الأسطوانية قادرةً على استشعار الضوء، وشوهد قنفذ البحر وهو يحيط جسده بالطحالب وقطع الشعب المرجانية وغيرهما من الشظايا الصغيرة. لكن الحيوانات غالبا تغطي جسدها بمواد نباتية لأسباب أخرى كالزينة مثل السلطعون، فكيف يمكن الجزم بأن قنفذ البحر يحمي نفسه من الشمس بهذه الوسيلة؟!.

قامت إحدى طالبات جامعة كاليفورنيا بالسفر الى موريا Moorea وهي محمية بحرية فرنسية لدراسة إحدى فصائل القنفذ البحري المسمى بالجامع Tripneustes gratilla وقد لاحظت نقطتين تشيران لاستخدام الواقي الشمسي. أولاهما أن القنافذ الموجودة جزئياً تحت الصخور غطت نفسها بالطحالب أكثر بكثير من القنافذ القابعة كلياً تحت الصخور، ويفترض ذلك أن تلك الأخيرة محمية أصلاً بفعل الصخور. للتأكد من ذلك عــُــرضت القنافذ لضوء الشمس الساطع والخافت ثم وُفــّــرت لها بقطع بلاستيكية حمراء تحجب بعضاً من الأشعة فوق البنفسجية وقطعاً أخرى شفافة لا تحتوي على مرشحات شمسية فلوحظ أن الحيوانات الموجودة في ضوء الشمس المباشر فضلت استخدام القطع الحمراء. دفع ذلك الباحثين للتساؤل: هل يمكن للقنافذ الإصابة بالحروق الشمسية طالما أنها تلجأ للاحتماء منها؟!. لا وسيلة للتأكد من ذلك لكن لوحظ بأن القنافذ المعرضة للشمس بكثرة تميل لوضع البيض أكثر وكأنما تحاول نقل مورثاتها سريعاً لشعورها بأنها مهددة وتحت الخطر.

أما عن الطريقة الثانية التي لوحظت على الحيوانات البحرية فهي التدحرج والتي قدد تبدو أبسط من السابقة وهي معروفةٌ لدى حيوانات برية كالفيل والكركدن والخنزير. وبذكر الحيوانات البرية، فهي أيضاً تستعمل الطبقات الطينية كواقٍ، إضافةً لدور الطين الملتصق نتيجة التدحرج على تبريد الجسم والحماية من لدغ الحشرات. قد لا ينفع الطين مع فرس النهر الذي يبقى في الماء فالماء يزيل الطين لذلك نجده يلجأ إلى "تعرق الدماء". ليس المقصود خروج دماءٍ فعلية لكن العرق يتدرج لونياً نحو القرمزي والبني بسبب غدد تحت البشرة الأمر الذي يضيف إلى خاصيته المضادة للبكتريا، حمايةً إضافية من الشمس ناهيك عن أنه ذو طبيعة دهنية وليست مائية كعرق البشر الأمر الي يجعله أكثر ثباتاً على البشرة.

بالرجوع إلى الكائنات البحرية فإن سمكة الحمار الوحشي تفرز مركباً واقياً من الأشعة فوق البنفسجية هو الـ غادسول gadusol الذي يحمي البيض أيضاً من هذه الأشعة. المفاجئ أن الجينات المسؤولة عن تكوين الغادسول موجودة في معظم الأسماك والبرمائيات والزواحف والطيور، بينما لا تمتلك الثدييات ومن ضمنها الإنسان هذه الجينات وفيما يبدو فقد فــُــقدت أثناء تطورها. في المقابل فإن الميلانين يحمي الثدييات ومن ضمنها الحيتان من الأشعة الضارة.

وُضع اليوم تصوّر كامل لكيفية إنتاج الـغادسول بتعديل الفطريات وراثياً لإنتاجه فهل تتوقعون يوماً أن يستخدم كواق طبيعي. ليس لنا إلا الانتظار.

المصدر:

هنا