المعلوماتية > اتصالات وشبكات

الجيل الخامس يرسم مستقبل ملامح شبكات الاتصال الخلوي

استمع على ساوندكلاود 🎧

يتّجه معظم مشغّلو خدمات الشّبكات الخلويّة باتّجاه إحدى تقنيتيّ الجيل الرّابع LTE Advanced أو تقنيّة Wi-Max، بينما يتمّ تطوير تقنيّات الجيل الخامس 5G من قِبل العلماء والّتي يُتوقع بدءُ العملِ بها في مطلع 2020 والّتي تَعِدُ بجودة اتصالٍ بالإنترنت تضاهي جودةَ الاتصال السّلكي، ويُتوقّع أن تتيح معايير الجيل الخامس للمستخدمين استخدامَ أحدث التّقنيات اللاسلكيّة المتوفّرة في آنٍ معاً للحصول على أفضل اتصالٍ بالإنترنت بالإضافة لدعمها لـ IPv6

في الواقع لم تدخل معاييرُ الجيل الخامس حيّزَ التّطبيق العمليّ بعد، إنّ أحدث التّقنيات المُطبّقة عمليّاً هي LTE-Advanced والّتي تستطيع تقديم سرعة تحميلٍ تصل إلى 1 غيغابيت في الثّانية وسرعةِ رفعٍ تصل إلى 512 ميغابيت إلا أنّك في الغالب لن تستطيع الوصول إلى هذه السّرعة فعليّاً باستخدام هاتفك المحمول.

محدوديةُ الطّيف الراديويّ كانت ولا تزال من أبرز التّحديات الّتي تعيقُ تطورَ خدمات الاتصال الخليويّ، إلّا أنّ الجيل الخامس يَعِدُ بحلٍّ نهائيٍّ لهذه المشكلة وجميعِ مشاكل ترخيصِ وإدارة الطّيف التّردديّ باستخدام تقنياتٍ راديويّة وتقنياتِ تعديلٍ متنوعة وجديدة.

تقنيّات التّكيف الرّاديويّ البرمجيّ:

أدت الزيادة المستمرة لسرعةِ الاتصالات وعددِ المستخدمين إلى زيادة الطّلب على استخدام الطّيف التّردديّ والّذي دفع بالباحثين دوماً لإيجاد طُرُقٍ لاستخدام الطّيف بشكلٍ أكثرَ فاعليّةً ممّا يحققُ جدوىً أكبر من حيث الكُلفة، ومن هنا ظهرت أهميّةُ تقنيّات التّكيف الرّاديويّ الّتي تهدف لاستخدام الطّيف التّردديّ بشكلٍ أكثرَ فاعليّةً عن طريق إيجاد أجزاء الطّيف غير المُستخدمة وتكييف تقنيّاتِ الإرسال والاستقبال لاستخدامها من خلالِ تعديلِ بارامترات الإرسال والاستقبال والتّعديل، ممّا يؤمّنُ الاتصالَ الّذي يحتاجُهُ المُستخدم من حيثُ السّرعة وجودة الخدمة؛ ويقي من التّداخل الرّاديويّ من جهة وهدرِ الأطياف التّردديّة من جهةٍ أُخرى.

أهمّ تقنيّات استشعار الطّيف التّردديّ:

- الاستشعار الطّيفيّ المستمر: يعمد هذا النّظام للبحث المستمر عن المساحات الطّيفية البعيدة عن التّداخلات.

- الاستشعار الطّيفيّ للمساحات الطّيفيّة الشّاغرة: يقوم هذا النّظام بالبحث عن المساحات الطّيفيّة الشّاغرة البديلة لتكون مُتاحةً في حال اضطُرَّ المستخدم للانتقال لمساحةٍ طيفيّةٍ جديدة.

- مراقبة الإرسال: يجب على النّظام مراقبةُ الإرسال الخاص بالمشتركين ليتم تمييزه عن الإشارات الأُخرى والتّخلص من التّشويش.

الوصول المتعدد باستخدام التّقسيم الإشعاعي:

إحدى أهم التّحديّات التي تواجه الاتصالات الخلويّة في سعيها لتقديم أفضل جودةِ خدمةٍ لعددٍ كبيرٍ من المستخدمين هي زيادةُ جودة الخدمة واستيعابُ عددٍ أكبر من المستخدمين ضمن إطارِ طيفٍ تردديٍّ ضيّق، مما دفعها لاستخدام تقنيات الوصول المتعدد كـ FDMA وTDMA وCDMA وOFDM الّتي تَستخدم التّقسيم الزّمنيّ أو التّقسيم التّردديّ، إلّا أن الجديد في معايير الجيل الرّابع استخدامُ التّقسيم الشّعاعيّ، حيث تقوم الهوائيّات في كلِّ محطةِ إرسالٍ قاعديّةٍ خلويّة Base Transvers station بتقسيم الإشارة المُرسلة إلى أكثر من إشعاع، كلٌّ منهم موجّهٌ إلى جهاز خلويٍّ محدّد، مما يزيد من قدرة النّظام الخلويّ على استيعاب عددٍ أكبر من المستخدمين الّذين قد يستخدمون نفس الطّيف التّردديّ لكنّهم مفصولون فيزيائيّاً. حيث تراقب المحطة القاعديّة مكان تواجد الجهاز الخلويّ وسرعة حركته، وتقوم بحساب اتجاهِ وعرضِ الإشعاعِ المطلوبُ توجيهُه.

دعم تقنيّة IPv6 وتقنيّة Flat IP:

ضمن معايير الجيل الخامس؛ كلُّ جهازٍ خلويّ يملك عنوانَ IP ثابتٍ مبدئيّاً خاصّاً به، والّذي يمثّل موقعه الفعليّ، عندما يريد جهازٌ حاسوبيٌّ أن يتواصل مع جهازنا الخلويّ فإنّه يرسل حزمةَ معلوماتٍ Packet إلى عنوان الـ IP الخاص به وبعدها يقوم الخادم server بتوجيه الحزمة إلى الموقع الفعليّ للجهاز الخلويّ باستخدام العنوان الحاليّ المؤقت، ويرسل العنوان المؤقت إلى جهاز الحاسوب وبالتّالي يستطيع الأخير التّواصل مباشرةً مع الهاتف الخلويّ باستخدام العنوان الفعليّ المؤقت.

والجديرُ بالذّكر أنّ عنوان IPv6 ذو عرضِ 128 بت، لذا فإنّ عدد عنواين الـ IP المُتاحة أكبر بـ 4 مرّاتٍ من الإصدار السّابق IPv4، إضافةً لذلك فإنّ بنية الشّبكة ستكون أبسط؛ ويعود ذلك لاستخدام Flat IP مما يُلغي الحاجة للبُنية الهرميّة المعقّدة من الموجِّهات routers والمبدّلات switches بين المحطة القاعديّة BTS والموجِّهات المركزيّة core routers.

إلّا أنّ ذلك يخلق تحدياتٍ أمنية كبيرة من جهةٍ أُخرى، فعالَم الـ IP يفتح المجال أمام الهجمات والاختراقات من شبكة الإنترنت تجاه مستخدمي الأجهزة المحمولة، ويوضّح الشّكل التّالي آليّة عمل هذه التّقنيّة:

تعدد الوجهات Multihoming:

تقنيّةٌ تهدف لزيادة وثوقيّّّة الاتصال بالإنترنت حيث سيدعم الجيل القادم من بروتوكول IP المناولَة العموديّة Vertical Hanover، حيث سيتمكن المستخدم من الاتصال بعدة مزوّداتِ خدمةٍ عبر عدة شبكات أو بنفس المزوّد عن طريق عدة شبكات عبر عدة عناوين IP، وفي حال توقف إحداها فسينتقل وبشكلٍ تلقائيٍّ إلى الأُخرى.

وفي الصّورة نرى تطبيقاً عمليّاً لهذه التّقنيّة باستخدام بروتوكول BGP حيث نرى المستخدم متصلاً بمزودَيّ خدمة، و قد ازدادت شعبيّة هذه التّقنيّة مع انتشار شعبيّة IPv6 لما يتيحه من استيعابِ عددِ عناوين أكبر من نظيره IPv4.

الشّبكات واسعة الانتشار

إنّ الطّلب المتزايد على تقنيّاتِ الاتصال عريضةِ الحزمة اللاسلكيّة يوفّرُ القدرة على تكوين شبكاتٍ محليّةٍ Local network تُغطّي مناطقَ واسعة، وينبئ المستقبل بما يُدعى "شبكة الشّبكات" والّتي ستؤمّن اتصالاً غيرَ منقطعٍ خلالَ تجوّلِ المستخدم في مساحاتٍ واسعة وانتقاله عبر تقنيّات نفاذٍ لاسلكيٍّ متعددة (2.5G،3G،4G،5G) بالإضافة لـ Wi-Fi، فمعاييرُ الجيل الرّابع والمعاييرُ الأحدثُ منها تدعمُ تقديم اتصالٍ غيرِ منقطعٍ بغضّ النّظر عن التّقنيّة المستخدمة لتوفير الاتصال.

يدعم المعيار IEEE 802.21 عملية المناولة ضمن نفس الشّبكة و مع الشّبكات الأخرى سواء الّتي تدعم معايير 3GGGP ا الشّبكات الأخرى ويسمى هذا النّوع بالمناولة العموديّة vertical handover، يعتمد حدوث عملية المناولة في الشّبكات الخليويّة على قوة الإشارة النّسبيّة وجودة إجرائيّةِ المكالمة، أما في المناولة العموديّة فإنّها تعتمد على قوةِ الإشارة ونوعيّةِ التّطبيق المستخدَم وحاجاتِ المستخدِم وظروفِ الشّبكة.

تقنيّة نظام الإرسال باستخدام مجموعات التّعاون

قدمت تقنيّة النظامِ متعددِ الدّخل ومتعدد الخرج MIMO (Multiple input multiple output) معدّلَ نقلِ بياناتٍ أكبر وذا وثوقيّةٍ أكبر، ولكن من الواضح أنّه لا يمكن الاستفادة من هذه التّقنيّة إلّا من طرف المحطة القاعديّة وأنّها صعبة التّطبيق من جهة الهاتف الخلويّ كونُها شرهةٌ لاستهلاك الطّاقة الكهربائيّة وتتطلب تعقيداً أكبر في الدّارات المستخدمة، مما قد يرفع تكلفة التّجهيزات بشكلٍ قد يبدو طفيفاً من جهة المشغِّل إلا أنّه غيرُ مقبولٍ من طرف المستخدم، لذا تمّ التّوصل لحلٍ لهذه المشكلة عن طريق تقنيّة نظام الإرسال باستخدام مجموعات التّعاون، حيث يقوم الجهاز الخلويّ بالاستماع لإرسال الجهاز المجاور وإعادةِ إرساله مرةً أخرى إلى المحطة القاعديّة مما يحقق تبايناً في الإرسال diversity ويزيدُ من وثوقيّة الاتصال وذلك بإحدى الطّريقتين:

1- التّضخيم و الإرسال: يقوم الجهاز الجار باستقبال الإشارة وتقويتها وإعادة إرسالها دون أيِّ تعديل، تُعدُّ هذه الطريقة فعالةً في تقوية إشارة المُرسِل في حال كانت إشارته ضعيفة، اعتماداً على مُرسلٍ مجاورٍ ذي قوةِ إشارةٍ أعلى.

2- التّرميز والتّمرير: عندما يستلم الجهاز الجار الإشارةَ فإنّه يقوم بترميزها encoding قبل تمريرها للهدف، ويمكنه إضافة رموزِ تحققٍ من الخطأ إلى الإشارة المُرسلة، هذه الخوارزمية ممكنةٌ فقط في حال كان المرسل يملك قوة إشارةٍ كافية.

دعم الحوسبة السّحابيّة المحمولة:

الحوسبة السّحابيّة تقنيّةٌ فريدةٌ وجديدةٌ تسمح بالوصول للبيانات كالمستندات والفيديوهات والصّور من أيِّ مكانٍ دون الحاجة لأن نحمل أجهزةَ التّخزين معنا، عن طريق تخزين ملفّاتنا على مزوّدِ خدمةٍ سحابيّة، أحد الأمثلة على ذلك هو Gmail حيث يمكنك الوصول إلى رسائلك من أيّ مكان، Google docs مثالٌ آخر؛ حيث يمكنك متابعة العمل على مستنداتك في أيّ مكانٍ ومن أيّ جهاز كومبيوتر أو جهازٍ لوحيّ أو محمول، والّتي قد تساهم في ارتفاع سقف التّوقعات المنتظرة من الهواتف الذّكيّة، فقد أصبح بالإمكان اصطحابُ حجمٍ هائلٍ من الملفّات يتجاوز السّعة التّخزينيّة لهاتفك الذّكيّ معكَ أينما ذهبت، والقيام بعملياتٍ تفوقُ قدرات الحوسبة المحمولة في جهازك الذّكيّ بفضل الحوسبة السّحابيّة، بالإضافة لإمكانيّة تشغيل بعض التّطبيقات الّتي لا يدعمها نظام تشغيل هاتفك الذّكيّ اعتماداً على منصةٍ سحابيّة، حيث لم تعد مضطراً لتثبيت البرنامج على هاتفك بعد الآن.

المحطات القاعديّة عالية الارتفاع:

نتيجةَ الحاجة المتزايدة لنقل البيانات بسرعةٍ أكبر فإنّنا نحتاج عرضَ حزمةٍ أعلى، والّذي بدوره يحتاج لاستخدام تقنيّاتِ إرسالٍ ذات طول موجةٍ كبير، مما يتطلب تحقق شرط وجود خطِّ نظرٍ Line of sight بين المرسل والمستقبِل، والّذي يستحيل تحقيقه دائماً وخاصةً في المناطق الّتي تتصف بانتشارٍ وعرٍ للإشارة، مما دفع الباحثين للعمل على المحطات القاعديّة عالية الارتفاع والّتي تطيرُ على ارتفاعاتٍ ستراتوسفيرية (بين 17 و22 كيلو متر عن سطح الأرض)، وهي مُعدّةٌ لتبقى مُعلّقةً مدةً طويلةً بفضل تغذيتها الهجينة بالطّاقة الّتي تعتمد على الطّاقة الشّمسيّة والبطاريّات والمولدات، وتقوم هذه المحطات باستقبال إشارات الأقمار الصّناعيّة وإعادة بثِّها مؤمّنةً تغطيةً بنصف قطرٍ يصل إلى 30 كيلومتر، وبما أنّ ارتفاع واتجاه هذه المحطات يتأثر بالرّياح، وفي حال كان مقدار هذا التّغيُّر أو الانزياح أكبرَ من عرض حزمة الإرسال الموجّهة إلى الجهاز المحمول، فيتوجّبُ تعديل ربح الهوائيّ لتقليل توجهيّته بحيث يغطي مساحة أوسع.

معمارية الشّبكة المركزيّة core Network الفريدة:

مع تطور أجيال شبكات الهاتف الخلويّ، قدّم كلُّ جيلٍ جديدٍ قدرةً على نقل كمية أكبر من الميغابايتات في الثّانية، بينما أضاف الجيل الرّابع تقنيّات تغطيةٍ راديويّة تؤمّن استيعاباً لعددٍ أكبر من المستخدمين وتأخيراً أقل. أمّا تقنيّات ما بعد الجيل الرّابع فلم تأتِ لتستبدل ما سبقها من أجيال بل قدمت حلولاً لدمج التّقنيّات والأجيال المختلفة بشكلٍ متكامل ضمن شبكةٍ واحدة تعتمد تقنيّة IP، مما يُتيح لمختلف المكونات سواءً كانت متحكّمات محطات قاعديّة BSC الخاصة بالجيل الثّاني، أو متحكماتِ شبكات راديويّة الخاصة بالجيل الثّالث وبمختلف تقنيّات تبادل البيانات الـ ATM وغيرها، كل ذلك في معماريّةٍ متكاملةٍ واحدةٍ.

------------------------------------------------------------

المصدر:

هنا