الغذاء والتغذية > التغذية والأمراض

إن كنت تعاني الشقيقة .. احذر هذين المحفزين

استمع على ساوندكلاود 🎧

يحدث ألمُ الشقيقةِ بسببِ انقباضٍ في شرايينِ الدماغ متبوعٍ بتوسّعٍ شديدٍ يسببُ ألماً نصفياً قوياً، وعلى الرّغم من عدمِ تأكّد العلماءِ من مسبّبات الانقباض والتوسُّع المفاجئَين، إلا أنّهم يعملونَ أنّ هذه الشرايينَ لن تتوسّعَ من تلقاءِ نفسها! بل إنّ ذلكَ يكون ناتجاً عن استجابةٍ للتغيّرات الكيميائيّةِ والهرمونيّةِ والفيزيائيّةِ التي تحدُث في الجسم. ويمكنكم التعرّف على الجانب الطبّي للشقيقة من خلال قراءةِ مقال سابق هنا.

يُضافُ إلى المسبّبات المحتملةِ السابقة العديدُ من الأطعمةِ التي لوحظ وجودُ ارتباطٍ بينها وبينَ بدءِ نوبةِ الشقيقة، علماً أن الرّابط البيولوجيّ بين الطعامِ والشقيقةِ غيرُ مفهومٍ بوضوحٍ حتى الآن. ويعتقدُ بعضُ الخبراءِ بحدوثِ تفاعلٍ كيميائيّ يقودُ إلى بدءِ نوبةِ الألم، في حينِ يعتقدُ بعضهُم الآخر أنّ بعضَ الأطعمةِ تتسبّب بحدوثِ ردّةِ فعلٍ وعائيةٍ تشملُ الأعصابَ والأوعيةَ الدمويةَ حولَ الرأس. وفيما يلي سوفَ نتحدّث عن مسبّبَين يمكنُ لهما تحريضُ نوبةِ الشقيقة عند بعض المرضى..

أولاً - الشقيقةُ الناجمةُ عن نقصِ سكر الدم:

أظهرَت كلٌّ من الدراساتِ السريريةِ والسكانيّة أنّ الانقطاعَ أو الصيامَ عن الطعامِ يُعدّ من محرّضاتِ الشقيقةِ لدى 50% من المرضى، ويكونُ ذلك ناتجاً عن انخفاضِ معدّلِ سُكّرِ الدم في الجسم. وعلى الرّغم من أنّ آليّةَ تحريضِ الشقيقةِ بفعلِ نقصِ سكّر الدم غيرُ واضحةٍ بعد، إلّا أنّ هناكَ بعضَ النظرياتِ التي تُعنى بهذا الموضوع، ومنها:

• نظريةُ تقولُ بأن انخفاضَ سكر الغلوكوزِ في الدم يجعلُ الدماغَ غيرَ قادرٍ على العملِ بشكلٍ جيّد، ونتيجةً لذلك تتوسعُ الأوعيةُ الدمويةُ في الدماغِ ويزدادُ جريانُ الدم فيها، كما تزدادُ حساسيّةُ الأنسجةِ والمستقبلاتِ العصبيّة، ممّا يُمكنُ أن يكون سبباً في تحريضِ نوبةِ الشقيقة.

• تشيرُ النظريةُ الثانية إلى أن نقصَ سكرِ الدمِ يُسبّبُ تبدلّاتٍ في مستوياتِ السيروتونين Serotonin والنورإبِينفرين Norepinephrine، ويحفّزُ تحريرَ هرموناتِ الجهد مثل الكورتيزول Cortisol مما يؤدي لبدءِ نوبةِ الشقيقةِ أحياناً.

• أما النظرية الأخيرةُ فترتبطُ بعدمِ انتظامِ مستوياتِ سكرِ الدم؛ فعندَ انخفاضِ سكرِ الدم وتناولِ وجبةٍ غنيّةٍ بالسكرياتِ البسيطة يحدثُ ارتفاعٌ مفاجئٌ للسكرِ، وتُفرَزُ كمياتٌ كبيرةٌ من الإنسولين Insulin لتعملَ على خفض مستواه من جديد. هذا الانخفاضُ والارتفاعُ المتكرّرُ يمتلكُ أثراً تراكمياً يؤثّرُ على الصحةِ العامّةِ ويؤدّي إلى تحريضِ نوباتِ الشقيقة. وقد أثبتت الدراسات أن العلاجَ الغذائيّ الذي تضمّن الابتعادَ عن السُّكرياتِ البسيطةِ وتوزيعَ الحِصصِ الغذائية خلال اليوم على شكلِ وجباتٍ صغيرة متعددة قد ساهمَ في تحسين تواتر نوباتِ الشقيقةِ وشدّتها بنسبةِ 75%.

التدابير التغذوية التي يُنصحُ بها في حالاتِ الشقيقةِ الناجمةِ عن نقصِ سكر الدم:

1- الحرصُ على تناولِ وجبةِ الفطورِ لتفادي انخفاضِ سكرِ الدم الصباحي.

2- تناولُ ثلاثِ وجباتٍ رئيسيةٍ و2–3 وجباتٍ خفيفة للحفاظِ على مستوى سكرِ دمٍ طبيعيّ طيلةَ اليوم.

3- التوازنُ في نسبِ العناصرِ الغذائية في الوجبة الواحدةِ، وعدمُ الإفراطِ في كميةِ الكربوهيدرات التي تسبب عدمَ انتظامِ مستوياتِ سكر الدم.

4- تناولُ وجبةِ طعامٍ قبل التمارينِ الرياضيّةِ بنصفِ ساعة إلى ساعة، تفادياً لانخفاضِ مستوى سكرِ الدم في الجسم.

5- التقليلُ من الكربوهيدراتِ البسيطةِ والأطعمةِ ذات المشعرِ السكري Glycemic Index العالي قدرَ الإمكان، فهي تعملُ على رفع سكرِ الدم بسرعة، والاستعاضةُ عنها بالكربوهيدراتِ المعقّدةِ والأطعمةِ ذات المشعرِ السكري المنخفض.

ثانياً – الشقيقة ومصادرُ الكافيئين:

غالباً ما يُشيرُ مرضى الشقيقةِ إلى أنّ كوباً من القهوةِ المُركّزةِ يساعِدُهم على إيقافِ أو تحسينِ ألمِ نوباتِ الشقيقة لديهِم، ويعودُ ذلكَ إلى خصائصِ الكافيئين في تضييق الأوعيةِ الدموية، وقدرتِهِ على زيادة امتصاصِ بعض الأدوية المُسكّنة من قبل الجسم مثل ExcedrinTM، وAnacinTM، وMigranalTM. وقد فُسّرَت فعاليةُ الكافيئين بتأثيرِه على مادةِ الأدينوزين Adenosine، التي تُسبّبُ عند ارتفاعِ مستوياتِها تغيّراتٍ في كهربائيةِ الدماغ، وتمدداً في الأوعيةِ الدموية. يعملُ الكافيئين على تثبيطِ مستقبلاتِ الأدينوزين ويٌقلّلُ من تمدّدِ الأوعيةِ الدمويةِ، وبالتالي يمنعُ حدوثَ نوباتِ الشقيقة.

المُلفِت للانتباهِ هو تناقضُ تأثيرِ الكافيئين على الصداعِ النصفي حسبَ الجرعةِ وعددِ مراتِ الاستهلاك، فعندما يُستهلك بجرعاتٍ معتدلةٍ (بين 50–300 ملغ/اليوم) وبشكلٍ غير منتظم، يكونُ الكافيئينُ فعّالاً في تحسينِ ألمِ نوباتِ الشقيقة متوسطةِ الشدّة، ويتميّز عندَها بتأثيرٍ مُسكِّنٍ معتدلٍ ومباشر كما ذُكر آنفاً.

أمّا عندَ الاستخدامِ اليوميّ للكافيئين، وبجرعاتٍ أكبرَ من 300 ملغ/اليوم، فإنّ الدماغَ يُصبحُ تدريجياً أكثرَ تحمُّلاً للكافيئين، وهذا يعني أنّ الجرعةَ المعطاةَ تصبحُ أقلَّ تأثيراً مع الاستخدامِ المتكرّرِ والدائمِ. وإن لم يتمّ الحصولُ على الجرعةِ التي يتوقّعُها الدماغ، تبدأُ أعراضُ متلازمةِ الامتناعِ أو السحب Withdrawal syndrome بالظهورُ، وهذا ما يُحرّض نوبةَ الشقيقة لدى المريض. علماً أن جرعةَ الكافيئين اللازمةَ لتطويرِ حالةِ التحمّلِ من قبلِ الجسم تختلفُ من شخصٍ لآخر، فتكون عند بعضِ الأشخاص 100 ملغ/اليوم فقط، في حين ترتفعُ لدى بعضِهم الآخر لتبلُغَ 500 ملغ/اليوم (أي ما يُعادلُ خمسةَ فناجينِ قهوةٍ يومياً).

سنتابعُ معكم في مقالٍ قادم رحلةَ التعرّف على بعض المكملات التي تمتلكُ تأثيراً على الشقيقة.. فانتظرونا..

لمزيدٍ من المعلومات حول الشقيقة، يمكنكم قراءة مقالاتنا السابقة:

للغذاء ونمط الحياةِ دورٌ في أعراض الشقيقة Migraine هنا

حمض الفوليك وتأثيره على الشقيقة هنا

فحص نسبة الدهون في الدم وتشخيص الشقيقة هنا

جهازٌ جديدٌ لعلاج الشقيقة هنا

تقنية جديدة للتخفيف من آلام الشقيقة: جهاز يكبح الموجات الدماغية المسببة لها هنا

المصادر:

1) Arora H. and Kaur R., 2008- The role of diet in migraine headaches. Delhi Psychiatry Journal, Vol. 11, No. 1, هنا

2) هنا

3) هنا

4) هنا