الغذاء والتغذية > الرياضة وتغذية الرياضيين

تمارينُ تحمّلِ الوزن Weight-Bearing وصحّة العظام

استمع على ساوندكلاود 🎧

عندما نفكّرُ بقوّةِ العظامِ وبنائِها يخطرُ في بالنا دوماً الحليبُ والكالسيوم وفيتامين D كمغذّياتٍ ضروريةٍ لصحّتها، ولكن ماذا عن الجري، القفزِ بالحبل، أو تمارينِ الضّغط؟!

في الحقيقة تحتلُّ التّمارينُ الرّياضيّة مكانةً هامّةً فيما يخصّ صحّة العظام، فالأشخاصُ الّذين يتمرّنون يتمتعونَ بعظامٍ أقوى ممن لا يمارسُ الرياضة، وتقولُ الأبحاثُ أنّ ممارسةَ التّمارينِ الرّياضيّة لها ذاتُ الأهمّية لتناولِ الموادِ الغذائيةِ اللازمةِ لصحّةِ العظام.

العظامُ أنسجةٌ حيّةٌ كالعضلات، تتطلّبُ القوّة لتحفيزِ نموّها وتأمينِ نشاطِها، فاستهلاكُ كمياتٍ كبيرةٍ من البروتين دون ممارسةِ التمارينِ الرياضّية لا يعطي عضلاتٍ قويّة، وكذلكَ الأمرُ بالنّسبةِ للكالسيوم والعظام؛ ويُعتبرُ روّادُ الفضاءِ مثالاً على تأثيرِ التمارينِ على العظام، فهم يعومونَ في المركبةِ الفضائيّة دونَ وجودِ الجاذبيّة (أو القليلِ منها) مما يقللُ من الجهدِ المبذولِ عادةً أثناءَ النشاطاتِ اليومية، لذا فهم يعانونَ من خسارةِ المكوّناتِ المعدنيةِ للعظام بشكلٍ ملحوظ، ولكن عندَ قيامِهم بإتّباعِ تمارين مقاومةٍ شديدةٍ تقلُّ لديهم هذهِ الحالة.

وتؤثّرُ التّمارينُ بشكلٍ إيجابيٍّ على صحّة العظامِ بعدّةِ طرق، فالتّمارينُ ذاتُ الشدّةِ المرتفعة لها تأثيرٌ موضعيٌّ خاصٌّ على العظام، بمعنى أنّ منطقةَ الجسمِ الّتي تُمارسُ التّمرين هي المنطقةُ الأكثرَ استفادة. فالإجهادُ الذي يسبّبهُ التمرين يحفّزُ على امتصاصِ الكالسيوم وتجديدِ بنيةِ العظام خاصّةً عند الأطفال؛ كما تساعدُ التّمارينُ في الحصولِ على عضلاتٍ أقوى، وتحسِّنُ من تناسقِ الجسم و توازنِه مما يقلّل من مخاطرِ الوقوعِ وكسرِ العظام.

ووفقاً لبيانٍ نشرتهُ المؤسسةُ الوطنية لهشاشةِ العِظام National Osteoporosis Foundation عن تطوّرِ كتلةِ العظام وعلاقتِها بأسلوبِ الحياةِ المتّبع، فقد تبيّنَ أنّ أساليبَ الحياةِ تؤثّرُ بنسبةِ 20-40% على كتلةِ عظامِ البالغ، فمدخولُ الكالسيوم والتّمارينُ المُمارسة يأتيانِ بالدرجةِ الأولى من حيثِ الأهمية؛ في حين أنّ فيتامين D ومشتقّاتِ الحليب والبروتين والتّدخين يأتونَ في درجاتٍ أقلّ.

ولا تتساوى كلُّ أنواعِ التّمارين في تأثيرها عندما يأتي الأمرُ إلى صحّةِ العِظام؛ فتمارينُ تحمّلِ الوزن Weight-Bearing تؤمّنُ الإجهادَ اللازم لتحفيزِ امتصاصِ المعادن، وهذا يحدثُ عندَ الأطفالِ والبالغين أيضاً. وتمارينُ تحمّلِ الوزن Weight-Bearingهي تمارينٌ تعتمدُ على وزنِ الجسمِ كالمشي السريع والجري وقفزِ الحبل والرقص والتنس واليوغا.

وفي دراسةٍ تحليليّةٍ عام 2014 تبيّنَ أنَّ تمارينَ تحمّلِ الوزنِ المتزامنة مع تناولِ كمياتٍ كبيرةٍ من الكالسيوم أسفرتْ عن محتوى معادن أمثل في العظام عند الأطفالِ قبلَ البلوغ. كما وُجِد أنَّ لتمارينَ تحمّلِ الوزن تأثيرٌ على كثافةِ معادنِ العظامِ عندَ النساء قبلَ انقطاعِ الطّمثِ أيضاً، وعلى الرّجال الأصحّاء، وحتّى التّمارين ذات المدى القصيرِ تستطيعُ أن تزيدَ من كثافةِ المعادنِ في العظام.

ووجدت تحاليلُ National Health and Nutrition Examination Survey أنّ للتّمارين الرّياضيّة تأثيرٌ هامٌّ على كثافةِ العظام وخطرِ هشاشتِها حتّى عند التحكّمِ بالعواملِ المؤثّرةِ الأُخرى مثلَ العمر، الجنس، مدخولُ الكالسيوم وفيتامين D، التّدخين المستخدم، والحالة الاجتماعية والاقتصاديّة.

وكذلكَ عندَ النّساءِ بعدَ سنِّ اليأس، واللّاتي يعانينَ من ارتفاعِ خطرِ الإصابةِ بهشاشةِ العظام، تزيدُ كثافةِ عظامهنَّ نتيجةَ ممارسةِ التّمارينِ الرّياضيّة.

ووفقاً للمعاهدِ الوطنيةِ للصحّة National Institutes of Health، فإنّ الأطفالَ بينَ عمرِ السادسة والسابعة عشر يجبُ أن يمارسوا التمارينَ الرياضيّة لمدّةِ ستينَ دقيقةٍ في اليوم بالإضافةِ لتمارينَ تقويةِ العِظام ثلاثةَ أيامٍ في الأسبوع وتتضمّنُ المشي، الجري، كرةَ القدم، التّنس أو الهوكي، تسلّقَ الأدراج، القفزَ على الحبل أو أنواعاً أُخرى من القفزِ، أو الرقص، أو تحمّل الأوزان. في حين لا توجدُ توصياتٌ محددةٌ للأطفالِ دون سنِّ السّادسة، ولكنّها توصي بأن يلعبوا بنشاطٍ عدةَ مراتٍ في اليوم.

كما توصي المؤسسةُ الوطنيةُ لهشاشةِ العظام National Osteoporosis Foundation الأشخاصَ البالغين بممارسةِ تمارينَ تحمّلِ الوزن Weight-Bearing لمدّةِ ثلاثينَ دقيقةٍ معظمَ الأيام، بالإضافةِ إلى تمارين العضلات ليومينِ أو ثلاثةِ أيّام في الأسبوع، وتمارين التوازن كلّ يوم. وفيما يتعلّقُ بشدّةِ ومدّةِ هذهِ التمارين فقد وُجِد أنّ 5-10 دقائق يومياً من التمارينِ عاليةِ الشدة، وتمارينَ تحمّلِ الوزن كافية، في حين أنّ هنالكَ حاجةٌ إلى 30-45 دقيقة من التمارين الأقلّ شدّة لضمانِ الأثرِ الفعّالِ على صحّة العظام.

المصدر:هنا