الطب > طب الأسنان

هل سنتمكن من تجديد نسج الأسنان بعد تضررها؟

استمع على ساوندكلاود 🎧

للأسنان مكانةٌ كبيرةٌ نتيجةً لأهميتها الوظيفية والجمالية عند الإنسان، وأيضاً لطريقة تشكُّلها والبنى التشريحية الموجودة فيها وحولها، ونتيجةً لهذه الأهمية تعددت طرق تعويضِها وترميمِها إلى أن وصل العلماء لفكرةِ استخدامِ الخلايا الجذعية لتحقيق ذلك.

لنتابع المقال الآتي لمعرفة آخر ما توصل له العلماء.

تمتلكُ الأسنانُ بنيةً تجعل من ترميم الكسور والنخور وأشكالِ الفقدِ الأخرى التي تتعرَّضُ لها أمراً محدوداً، ويتجه الاهتمام الآن نحو استخدام الخلايا الجذعية لتعويض بعضِ الأجزاء من بنية السن التي لا يمكن الاستعاضة عنها، مثلَ الرباط حول السني (periodontal ligament) الذي فُقِدَ بسبب أمراض النسج الدَّاعمة، أو لُبِّ السِّن الذي تمَّ استئصاله نتيجةَ آفةٍ لُبية.

بدايةً دعونا نتكلم قليلاً عن الخلايا الجذعية:

ما يميز الخلايا الجذعية هو قابليتُها للتحول لأيِّ نوعٍ من أنواعِ الخلايا، ولا يُمكن لأيِّ نوعٍ آخرَ من الخلايا القيامُ بهذا الأمر، والخلايا الجذعيةُ الجنينيةُ هي المكوِّنةُ للجنين بعد الإخصاب وتستمرُّ بالتضاعف حتى تُعطي كاملَ أنسجةِ الجسم، أما بالنسبة للبالغين (الخلايا الجذعية البالغة) فتكونُ متمايزةً بشكلٍ كاملٍ حيثُ تقوم بمهمةٍ ما ولا يمكن تغييرها.

الخلايا الجذعيةُ محطُّ اهتمامِ العلماء بسبب إمكانية استخدامها في التعويض عن الأعضاء المفقودة، ومثالٌ على ذلك أحدُ التجاربِ السريريةِ التي تَمكَّن فيها العلماءُ من إنضاجِ الخلايا الجذعيةِ الجنينيةِ إلى خلايا جذعيةٍ عصبيةٍ؛ واستخدامِها في معالجةِ داء التصلُّب الجانبي الضموري (amyotrophic lateral sclerosis).

توصَّل فريقٌ من جامعة هارفرد لطريقةٍ هي الأولى من نوعها في تحفيزِ الخلايا الجذعيّة داخل الجسمِ لتُساهم في تجدُّدِ الأنسجة وبالتالي إمكانيّةُ استخدامِها من أجلِ التئام الجروح، أما بالنسبة للأسنان فقد استُخدِمَ ليزرٌ مُنخفض القوّةِ لتحفيز الخلايا الجذعية لِتُشَكِّلَ العاج؛ وهو النسيج الصلبُ الشبيه بالعظم والذي يُشكِّل كتلة السن.

قامت التجربة على القوارض، حيث تمّ حفرُ الأسنان وفتحُ الحجرة اللبية ومعالجة اللُّب -الذي يحوي على خلايا جذعيةٍ سنّيةٍ بالغةٍ- بليزرٍ مُنخفضِ القوّة، ثمَّ تمَّت تغطيةُ الحجرة اللبية مع الاهتمامِ بحيواناتِ التجربة لإبقائِها بصحةٍ جيدة.

تمَّ إجراءُ فحصٍ مجهريٍّ وشعاعيٍّ دقيقٍ بعد 12 أسبوع، والذي أكَّد قدرة الليزر على تحفيز تشكُّلِ العاج، والذي كان مشابهاً تماماً للعاجِ الأصليِّ ولكن مع بعض الاختلافات التشريحية.

شَهِدَ الأطباءُ -منذ بدءِ استخدام الليزر في المجال الطبي في أواخر العقد السادس من القرن العشرين– دلائلَ تشيرُ إلى قدرةِ الليزرِ منخفضِ القوة على تحفيز جميع أنواع العمليات البيولوجية في الجسم بما في ذلك استعادةُ حيويةِ البشرة ونموُّ الشعر، ولكنْ من المثير للاهتمام بأنَّ نفسَ الليزر يُمكن استخدامُه بآليةٍ مختلفة لإزالة الشعر.

لاستكمال هذا المفهوم، انطلق العلماءُ في هذه الدراسة لتحليل الآلية المسؤولة عن التجدُّد وتحفيزِ العملياتِ البيولوجية على المستوى الجُزيئي، فقد تبيّن أن هنالك بروتيناً خلوياً يُدعى (transforming growth factor beta-1) (TGF-β1) يلعب دوراً محورياً في تحفيز الخلايا الجذعيةِ السنيةِ لتنمو وتُشكِّل العاج، حيث يُحفّزُ الليزرُ على تشكيلِ جُزيئاتٍ تُدعى (reactive oxygen species) (ROS) والتي تلعبُ دورَها في تنشيط (TGF-β1) والذي يحفّزُ بدوره الخلايا الجذعيةَ لتتمايزَ وتُشكِّل العاج.

المجتمع العلمي الآن بأكمله مهتمٌ بأيِّ طريقةٍ تُستَخدم فيها الخلايا الجذعيةُ لتُجِدُّد النسج والأعضاء، وقد انتقلت هذه الدراسةُ المتميزةُ الآن إلى التجارب السريرية على البشر لتحديد مدى فعاليتها وإمكانيةِ تطبيقها في الممارسة السنية.

المصادر:

هنا

هنا

هنا