الغذاء والتغذية > عادات وممارسات غذائية

طفلي يأكلُ أكثر، فهل أنا السبب؟!

استمع على ساوندكلاود 🎧

من المعروفِ بالنسبةِ لنا أنّ عمليةَ انتقاءِ الطعام كمّاً ونوعاً هي إحدى السلوكيّاتِ التي تخضعُ لمقدارِ شعورِنا بالجوع واستساغتِنا لأنواعٍ محددةٍ من الأطعمة.. أمّا لدى الأطفالِ الصغار، فالأمرُ مختلفٌ تماماً، فهو يخضعُ بشكلٍ مطلق لوجهةِ نظرِ الأهل وتقديرهم لمدى شعورِ طفلهم بالجوع وما قد يُفضّله من أطعمة. فهل من الممكن أن نظلمَ أطفالَنا عبرَ تقديرِ احتياجاتِهم بشكلٍ غيرِ دقيق نتيجةَ شعورنا الشخصي بالجوع؟ يبدو أنّه أمرٌ ليس ببعيد وفقاً لما وجده باحثونَ من جامعة Florida في إحدى دراساتِهم الجديدة.

تشيرُ هذه الدراسة إلى أن احتمالَ تقديمِ الوالدَين كمياتٍ أكبرَ من الطعامِ لأطفالِهم يزدادُ عندما يكون الوالدانِ أكثرَ جوعاً، مما قد يُشكّل أسباباً إضافيةً تتدخّل مستقبلاً في بدانةِ الطفل وتراجعِ صحّته. وقد شاركَ في هذه الدراسةِ الاستطلاعيةِ الصغيرةِ 29 طفلاً تتراوحُ أعمارُهم بين الثلاثِ والستِ سنواتٍ بالإضافةِ إلى أمهاتِهم، وطُلِبَ من الأمّهاتِ أن يُقدِّرن مدى شعورهنّ وشعورِ أطفالهنّ بالجوع قبلَ تناولِ وجبةِ الطعام. وقد تمّ نشرُ نتائجِ هذهِ الدراسةِ في عددِ شهرِ يونيو/حزيران من مجلةJournal of Human Nutrition and Dietetics.

وفقاً لهذا البحث، لوحظَ بأنّ الأمهاتِ اللواتي يعانينَ من زيادةِ الوزن أو البدانة، واللواتي قَيَّمنَ مقدار جوعهنَّ خلالَ التجربة بأنّه مرتفعٌ، قد ظنَنّ أن أطفالهنّ يعانونَ من الجوعِ الشديد أيضاً..! كما قُمْنَ بتقديمِ حصصٍ أكبرَ من الطعام لأطفالهن ظنّاً منهنّ أنّ أطفالهنّ بحاجةٍ لهذه الكميّات الإضافية. وقد تمّ اعتماد أسلوبِ الاستبيانات لتحديدِ هذه المؤشّرات إضافةً إلى تقديمِ مجموعةٍ من الوجباتِ لتختارَ منها الأمّهات ما سيطعمنَ أطفالهنّ منه، وشملت قائمةُ الاختيارات: حباتُ الجزر الصغيرة، شرائحُ التفاح، شرائحُ الجبن، البسكويت المملح، البسكويت المحلّى، المعكرونةُ بالجبن، اللازانيا بالخضار، قطعُ الدجاج المقليّة، الماء، حليب ذو محتوى دسم 1%، وأخيراً عصيرُ التفاح.

من المعروفِ بأنّ الأطفالَ يفتقرون إلى القدرةِ على تمييزِ الشعورِ بالشبع بشكلٍ دقيق، مما يجعلهم يميلونَ لتناول كميّاتٍ أكبرَ من الطعام في حالِ تمّ تقديمها لهم. ومن هنا تنبعُ أهميةُ هذهِ التجربة، حيث يشيرُ الدكتور David Janickeالمؤلّفُ الرئيسي للدراسة، والبروفيسور في علمِ النفسِ السريريّ والصّحي، إلى أنّ التعرّفَ على العواملِ التي قد تدفع الطفل إلى تناولِ كمياتٍ أكبرَ من الطعام, سيجعلُنا قادرينَ على التدخُّل ومساعدةِ الأهلِ في تطويرِ حُصصِ طعامٍ أكثرَ ملاءمةٍ لأطفالِهم الصغار، الأمرُ الذي سيقودُ إلى عاداتٍ غذائيّةٍ صحيّةٍ مدى الحياة.

كما اكتشفَ الباحثونَ أنّه، وبصرفِ النظر عن أوزانِ الأمّهات ومدى تفسيرهنّ للشعورِ بالجوع، فإنّ أغلبَهُن قدَّمن لأطفالِهن حُصصاً أكبرَ من الكميّاتِ المُوصى بها لهُم يومياً، حيث قدَّمن 573 سعرةً حراريةً، بينما يبلغُ متوسّطُ استهلاكِ الأطفال في كلّ وجبةٍ 445 سعرةً فقط، ليتراوحَ المدخولُ اليومي للأطفال بين 1000 و1400 سعرةً حراريةً لعمر 3 – 6 سنوات.

ويقترحُ الدكتور Janicke لحلِّ هذهِ المشكلة أن يَسمح الأهلُ لأطفالِهم بأن يرشدونَهُم لمعرفةِ ما إذا كانوا جائعين أم لا؟ خاصّةً وأنّ أيّ طفلٍ سيَطلبُ المزيدَ من الطعام حالَ شعورِه بالجوع.

تعدُّ هذهِ الدراسةُ تمهيديةٌ فقط، نظراً لأن حجمَ العيّنة كانَ صغيراً نسبيّاً، وينصحُ الباحثون بتكرارِ هذهِ التجربةِ مستقبلاً مع اعتمادِ مجموعةٍ أكبرَ من المشاركين. كما يُفضّل أن يتمَّ تتّبعُ السعراتِ المُستهلكة من قِبل الأطفال خلالَ اليومِ كاملاً، وليسَ خلالَ وجبةٍ واحدةٍ فقط، إلى جانبِ مراقبةِ الوالدَين والأطفالِ وتسجيلِ طبيعةِ الطعام الذي يتمّ تناولَه في جوِّ المنزل في الحالاتِ الطبيعية. تمثّلُ هذهِ الدراسةَ نقطةَ بدايةٍ جيّدةً وخطوةً نحو الأمام في سبيلِ تحديدِ العواملِ المشاركةِ في سلوكيّات الأكلِ لدى الأطفال والتدخّلِ باستخدامِ المعرفة، والتوعيةِ والاستراتيجياتِ المناسبة للمساعدةِ في الحدِّ من كميّةِ الطعام التي تُقدَّم إلى الأطفال لتصلَ إلى الكميّةِ المناسبة لكلِّ مرحلةٍ عمريّة.

المصادِر:

1. هنا

2. هنا