الطب > طب الأسنان

تأثير زجاجة الرضاعة واللَّهاية على أسنان الطفل

استمع على ساوندكلاود 🎧

ربما عليك أن تفكرَ مرةً أخرى قبل إعطاء طفلك زجاجة الرضاعة مدةً طويلة، أو قبل أن تغمسَ لهَّايته في كأس العصير أو الماء المُحلَّى وتعطيَه إياها. لماذا؟ سنعرف هذا في مقال اليوم...

يُعدُّ المصُّ منعكساً طبيعياً عند الأطفال تبدأ ممارسته قبل الولادة، وهو عمليةٌ طبيعيةٌ في تطوُّر الطفل أثناء سنيّ حياته الأولى. في الواقع، يُعطي المصُّ الطفلَ راحةً حتى بعد أن يُفطم عن الرضاعة من الثدي أو من زجاجة الرضاعة، ويجدُ بعضُ الأطفال راحةً في مصّ أيديهم أو أصابعهم أو اللَّهايات (Pacifiers) أو الكؤوس، ولكن هل لهذه العادةِ تأثيرٌ على أسنان الأطفال؟

لا تشكّلُ عاداتُ المصّ خلال السنوات الأولى للطفل أيَّ مشكلة ولا تؤذي أسنانَه عادةً، إلَّا أنَّ استمرارَ هذه العادة عند الطفل مدةً طويلةً يُمكن أن يُسبّبَ ضرراً للأسنان، ويزداد احتمال حدوث المشكلات بشكلٍ خاص إذا استمرت هذه العادة بعد سقوط الأسنان اللبنية.

ولهذه المشكلات نوعان:

النوع الأول: مشكلاتٌ ميكانيكيةٌ في توضُّع الأسنان وانطباق الفكين، إذ تتأثر الأسنانُ الأربعة الأمامية العلوية بشكل خاص لأنَّ الطفلَ يثبّتُ حلمةَ زجاجةِ الرضاعة عليها بلسانه، فتميلُ الأسنانُ الأمامية العلوية للخارج بينما تميل الأسنان الأمامية السفلية للداخل، فيضطرب اصطفافُ الأسنان وانطباقُ الفكين.

النوع الثاني: تسوُّسُ الأسنان الناتجُ عن زجاجة الرضاعة (Baby bottle tooth decay)، تحدث هذه المشكلة عند الأطفال الصغار والرضَّع نتيجةَ عملية المصّ المُتكرر لأطعمةٍ أو سوائلَ تُوضَع في زجاجة الرضاعة غير الماء العادي كالسكر والعصائر والسوائل المحلاة، إذ تَعلَق المواد السكرية على أسنان الطفل مدةً طويلةً ما يُمثّل مرتعاً للبكتريا الموجودة في الفم، فتتكاثر وتتغذى على السكاكر مُحوّلةً إيَّاها إلى حموضٍ تهاجم ميناءَ الأسنان ما يؤدي إلى تسوّس أسنان باكرٍ شديد يظهرُ على هيئة بقعٍ سوداءَ أو بنيةٍ على الأسنان، ولا يتعلَّقُ حدوثُ التسوس بكمية السكر في الأطعمة والسوائل السكرية فحسب، بل بمدة بقاء الأسنان على احتكاك مع السكر أيضاً. تشيرُ التقديرات أنَّ 28% من أطفال الولايات المتحدة الأمريكية ممن تتراوح أعمارهم بين 2-5 سنوات يعانون من مرحلة ما من تسوس الأسنان.

من أسباب حدوث هذه المشكلة:

- غمسُ لهَّاية الطفل في سائلٍ محلىً أو في السكر بشكل متكرر.

- ملءُ زجاجةِ الطفل بطعام أو سوائلَ سكرية وخاصة بين الوجبات، لأنَّ ذلك يَزيد مدةَ تماس السكر مع الأسنان.

- إعطاءُ الطفل مشروباً سكرياً في وقت القيلولة أو وقت النوم، وهذا خاطئٌ لأنَّ إفرازَ اللعاب يقلُّ أثناء النوم ما يضعفُ آليةَ تنظيف الفم من السكر.

قد يُظنُّ أنَّ أسنانَ الأطفال في هذه المرحلة ليست ذاتَ أهميةٍ لأنَّها لبنيةٌ وستسقطُ وتُستَبدلُ بأخرى دائمة! في الحقيقة، من الأفضلِ أن نفكّرَ بذلك مرةً أخرى، لأنَّ أسنانَ الأطفال اللبنيةَ ضروريةٌ للمضغ والكلام والابتسام، كما أنَّ لها دوراً في الحفاظ على أماكنِ الأسنان الدائمة، وإذا تُرك تسوّسُ الأسنان الناتجُ عن زجاجة الرضاعة دون علاج، فسيقود ذلك إلى مشكلاتٍ خطيرةٍ كالألم المُزمن والإنتان الشديد واضطراب اصطفاف الأسنان الدائمة، إضافةً إلى صعوبة وألم في المضغ، وقد يُضطَّر الطبيب لإزالتها في سنّ مبكرة. وإذا فقد الطفل أسنانَه في سنٍّ مبكرة نتيجة التسوس أو الالتهاب، فإنَّ ذلك سيؤثر سلباً على عادات تناول الطعام فضلاً عن مشكلاتٍ في النطق واعوجاجِ الأسنان وأذياتِ الأسنان الدائمة.

الخبرُ الجيدُ هو أنَّه يُمكن لبضع خطواتٍ بسيطةٍ أن تمنعَ تسوُّسَ الأسنان الذي تسببه زجاجة الرضاعة، وتتضمَّن هذه الخطوات تطبيقَ قواعدَ صحة الفم في عمر مبكر، وهذه القواعد هي:

• مسحُ لثة وأسنان الطفل بلطف بقطعة قماش نظيفة بعد كل وجبة.

• عدم ملء زجاجة الطفل بمحلول سكري أو عصائر، فالزجاجةُ مُخصَّصة فقط للماء والحليب ومحاليل الشوارد الخاصة التي تُعطى للطفل عندما يكون مصاباً بالتجفاف.

• تجنُّب تهدئة الطفل الغاضب بغمس لهَّايته في العسل أو السكر أو سائل محلى.

• عدمُ السماح للطفل أن يغفُ وفي فمه زجاجةٌ تحوي أيَّ شيء عدا الماء لأنَّه سيعلَق ساعاتٍ على أسنانه.

• تخفيضُ كمية السكر في غذاء الطفل وخاصة بين الوجبات، وكذلك تخفيضُ كمية العصير المُعطاة له، فوفقاً للأكاديمية الأمريكية لطبّ الأطفال: يجبُ ألَّا تزيدَ كميةُ العصير عن 6 أونصات (170 غراماً) في اليوم للأطفال، أما الأطفال دون عمر ستة أشهر، فيجب ألَّا يُعطَوا العصيرَ أبداً.

• البدءُ بتعويد الطفل على تناول السوائل من كأس مفتوح بدلاً من الزجاجة بدءاً من عمر 6 أشهر، إذ يجبُ فَطُمُ معظم الأطفال عن الزجاجة بعمر 12- 14 شهراً على الأكثر، كما يجب تجنُّبُ الاستخدام الطويل للهَّاية ويُمكن الاستعانة بوسائل تشجيع إيجابية لحث الطفل على التخلي عنها.

• عدم إعطاء الطفل الحلوى أو البسكويت مكافأةً له على قيامه بعملٍ جيد، والاستعاضة عن ذلك بملصقاتٍ وأقلامٍ ودفاترَ تلوين ودمى.

• البَدءُ بتنظيف أسنان الطفل بالفرشاة دون استعمال معجون الأسنان عند ظهور أوَلِ سنّ له، أو استعمالِ كميةٍ قليلةٍ جداً من المعجون الخالي من الفلوريد، وعندما يصبح الطفلُ أكثر إدراكاً فلا يبتلع المعجونَ، يُمكن عندها إعطاؤه معجوناً مع الفلوريد.

• الحرصُ على حصول الطفل على كمية كافية من الفلوريد الذي يساعد في مقاومة الأحماض وتقليل التسوس، فإذا كان ماءُ الشرب لا يحوي كميةً كافيةً من الفلوريد، يُمكن استشارةُ طبيبِ الأطفال أو طبيبِ الأسنان فيما يخصُّ إعطاءَ الطفل مُكملاً غذائياً حاوياً على الفلوريد.

• الحرصُ على متابعةِ فحص أسنان الطفل بشكل منتظم عند طبيب الأسنان بعد السنة الأولى من العمر.

زبدة القول: لم يفتِ الأوانُ أبداً على كسر العادات السلبية! فإذا كان طفلُك يتناول السوائلَ السكريةَ أو يغفو وفي فمه زجاجةٌ، يُمكنك أن تُمدّد محتواها تدريجياً باستخدام الماء على مدى 2-3 أسابيع وعندما تنتهي تلك المدة املأ الزجاجة بالماء فقط. تذكر دوماً أنَّ الأسنانَ اللبنيةَ السليمةَ ستعطي أسناناً دائمةً سليمة، وأنَّ الأهلَ وحدَهم يملكون زمامَ الأمور فيما يتعلق بصحة أطفالهم.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا