المعلوماتية > روبوتيك

تكنولوجيا BrainGate والتّحكم بالرّوبوتات عن طريق الأفكار

استمع على ساوندكلاود 🎧

أخيراً ولأوّل مرّة منذ 15 سنة استطاعت "كاثي هاتشينسون" ذات الـ 58 ربيعاً تحريك ذراع روبوت والإمساك بزجاجة المشروب وجلبها إليها ثمّ رشفت منها قليلاً وأنهت المشهد بابتسامة، وسرعان ما عمّت الفرحة أجواء المختبر، الكلّ كان سعيداً بمن فيهم "كاثي"، طبعاً فهذا الإنجاز يعتبر بصيص أملٍ نحو تحقيق حلم فاقديّ الحركة في استعادة إيقاع حياتهم الّذي ألِفوه أو لم يجرّبوه.

"كاثي" هي أوّل شخصٍ مصابٍ بشللٍ عام يستطيعُ تحريكَ ذراعِ روبوتٍ فقط بواسطة أفكارِها، كان كلُّ تركيزها منصباً على الزجاجة وعلى طريقة إيصالها إلى فمها (الصّورة في الأسفل).

تقول "كاثي":

"كنت متوتّرة، خشيت من أن لا تسيرَ الأمور كما يجب، ولكنّ التّحكم بالذّراع كان طبيعياً بالنّسبة لي"

تمثّل هذه التّجارب دليلاً على إمكانيّة اعتمادِ واجهاتِ الدّماغ الحاسوبيّة (Brain-Computer Interfaces) أو المعرَّفة اختصاراً بـ BCI لمساعدة مرضى الشّلل أو الأشخاص الّذين فقدوا أحدَ أطرافِهم على الاعتماد على أنفسهم. استُعمِلَت في هذه التّجربة تكنولوجيا تُعرَف بـ BrainGate وهي نوعٌ من BCI تقومُ بتحويل الإشارات الدّماغيّة إلى أوامرَ رقميّة تفهمها الآلة. سبق للفريق إثباتَ فاعليّةِ هذه التّكنولوجيا في تحريكِ مؤشّرِ الفأرةِ وتصفّح الإنترنت على جهاز الحاسب، كما جُرِّبَت أيضاً على قرودٍ مُصابَةٍ بشللٍ عامٍ واستطاعت بنجاح تحريك ذراعِ الرّوبوت، فيما ظلّت مدى فاعليّتها على البشر تساؤلاً مطروحاً حتّى وقتٍ قريب؛ كان الباحثونَ يخشَون أن تفقد الخلايا الموجودة في المنطقة المسؤولة عن الحركةِ في الدّماغِ وظيفتها بعدَ وقتٍ طويلٍ لدى مرضى الشّلل.

أُجريت التّجاربُ على مرضى ذَوي علاقةٍ طويلةٍ مع الشّللِ، أحدُهما رجلٌ في الـ 66 من العمر، مشلولٌ وفاقدٌ للقدرةِ على الكلام والثّاني سيّدةٌ في الـ 58 مصابةٌ بشللٍ رباعيٍّ. أُخضِعَ كلاهما إلى تكنولوجيا BrainGate وبدؤوا بتعلُّمِ طريقةِ التّحكم بذراعِ الرّوبوت. وبالنّسبة للسّيّدة فقد كانت هذه أوّل مرّة تقوم فيها بتحريكِ روبوت بقوّةِ أفكارِها.

طُوِّرَت تكنولوجيا BrainGate من طرفِ شركةِ Cyberkinetics عام 2003 بالتّعاون مع قسمِ علمِ الأعصابِ في جامعةِ بروان الأمريكيّة. وهي تعتمد على شريحةٍ إلكترونيّةٍ صغيرةٍ بحجمِ قرصِ الآسبرين (موّضحة في الصّورة في الأسفل) تحتوي 100 قطبٍ كهربائيٍّ بسماكةِ شعرة الإنسان تُغْرَسُ في المنطقةِ المسؤولةِ عن الحركةِ في الدّماغ.

عندما تُفَكِّر "كاثي" بالإمساكِ بالزّجاجة، تقومُ الإلكتروناتُ أو الأقطابُ الكهربائيّةُ على الشّريحةِ بالتقاطِ وتسجيلِ الإشارات الّتي ترسِلُها الخلايا العصبيّة الموجودة في الدّماغ ثمّ ترسِلها إلى الحاسبِ الموصول بالذّراع الآليّة والّذي يقومُ باستقبالها وإرسالها على شكلِ أوامرَ رقميّةٍ إلى الذّراع الآليّة.

"إنّها قفزةٌ كبيرةٌ نحوَ اعتمادِ هذه التّكنولوجيا من أجلِ تحسينِ حياةِ مرضى الشّللِ ومساعدتِهم على استِرجاعِ نمطِ حياتِهم ." يقول البروفيسور John Donoghue، رئيسُ المشروعِ ومديرُ معهدِ علمِ الدّماغِ بجامعةِ براون.

فيما يوّضحُ الدّكتور "Leigh Hochberg" من نفس الجامعة أنّ "هذا النّوعَ من الأبحاثِ لا يمكن له أن يرى النّوَ إلّا بتكاتُفِ جهودِ عددٍ كبيرٍ من الباحثينَ والمهندسينَ والأطباءِ من مختلفِ المعاهدِ للعمل سويّاً من أجلِ اختراعِ جهازٍ يعملُ طِيلةَ أيّامِ الأسبوعِ دونَ أعطالٍ ولِمدى الحياةِ، ومجرّدُ التّفكيرِ في أنَّ هذا الأمرَ ممكنٌ يجعلُنا كلُّنا مُتفائلينَ لهذا اليوم."

يُذكَرُ أنَّ هذه التّقنيّات تُطبَّق للمرّة الأولى على البشرِ، وقد طُبِّقت سابقاً على نوعٍ من القرودِ وكانت ناجحةً حيثُ استطاعَ القِردُ تحريكَ ذراعٍ الكترونيّةٍ بواسِطةِ أفكارِه. لمشاهدة الفيديو (هنا)

لمُشاهدة الفيديو عن كاثي (هنا)

---------------------------------------------------------------------------------

المصادر:

هنا

هنا

Reach and grasp by people with tetraplegia using a neurally controlled robotic arm

هنا