الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة

تريد العيشَ عمراً أطول؟ اختر إذاً مكان سكنك بعناية!

استمع على ساوندكلاود 🎧

إذا لم تفكّر مُسبَقاً في مدى تأثير فناء منزلك الخارجي على صحّتك، ربما حان الوقت لإعادة التفكير مرّةً أخرى، قد يكون للطبيعة المحيطة بمنزلك ارتباط بصحّتك وطول عمرك!، إذ أوضحت دراسةٌ حديثةٌ لجامعة هارفارد وجودَ علاقةٍ بين طولِ عمرِ المرأة وكميّة النباتات الخضراء المحيطة بمنزلها. فباستخدام صور الأقمار الصناعية لتوثيق المساحات الخضراء المحيطة بهذه المنازل، لاحقت الدراسة أكثر من مئة وثمانية آلاف امرأةٍ على مدى 8 سنوات. لوحظ ضمنها حدوث 8.608 حالات وفاة، مع أخذ عوامل العمر، والعِرِق، والتدخين والوضع الاجتماعي والاقتصادي بالحسبان. وجدت الدراسة ارتباطاً بين وجود طبيعةٍ خضراءَ محيطة وزيادة طول العمر.

أظهرت الدراسة أنّ النسوة اللاتي عشن في المناطق الأكثر اخضراراً والمحيطة بمنازلهنّ ضمن مساحةٍ تصلُ إلى 250 متراً، انخفضت معدّلات الوفيّات عندهنّ بنسبة 12% مقارنةً بالنساء اللاتي عِشن في المناطق ذات الغطاء النباتي الأقلّ كثافةً، وكان الترابط أقوى بالنسبة للوفيات الناتجة عن أمراض الجهاز التنفُّسيّ والسرطان.

لكن لماذا قد يساعدك العيش في المساحات الخضراء للعيش حياةً أطول وأفضل؟

لتفسير ذلك ظهرت العديدُ من الفرضيات:

1- تعتبر مناطقَ أقلّ تلوُّثاً: عادةً لا تخضع المناطق الخضراء للتلوّث المروري، بالإضافة إلى أنّ الأوراق الخضراء تملأُ الهواء بالأوكسجين جاعلةً بذلك المناطق الخضراء مكاناً أنظف للتنفُّس.

2- تعتبر مناطقَ أقلّ ضجيجاً: إن التلوُّث الضوضائي يمكن أن يسبّب توتُّراً داخليّاً والذي غالباً لا تتمُّ ملاحظتُه، لكنّه يعيق بشدّة التعلُّم والإدراك، وفي حالة التلوّث الضوضائي العالي الناتجِ عن أصوات الطائرات وحركة المرور وغيرها فإنه قد يؤدّي إلى زيادة معدّلات الوفيّات (راجع مقالنا هنا)

3- المزيد من النشاط البدني: إنّ أولئك الذين يعيشون في المناطق الخضراء يميلون لأن يكونوا أكثر نشاطاً بدنيّاً، سواء من خلال عملهم في حدائقهم أو ركوب الدراجات، فالمناطق الخضراءُ تغري الأشخاص للخروج والسير أكثر من تلك المناطق الاسمنتية الصلبة.

4- انخفاض معدّلات الاكتئاب: إنّ الطبيعة هي عمليّاً وصفةٌ طبيّةٌ لعلاج الاكتئاب، حيث أنّ قضاء بعض الوقت في الطبيعة يقلِّلُ من الأفكار السلبيّة ويغمر كلّاً من العقل والجسم بالهدوء الناتج عن التأمُّل، بالتالي فقد يكونوا أقلّ عرضةً للاكتئاب.

5- التنشئةٌ الاجتماعيّةٌ عميقة المعنى: من الممكن أنّ يمتلك قاطنوا المناطق الخضراء خبراتٍ اجتماعيّةً ذات معنى أكبر ودعماً عائليّاً أكبر من أولئك الذين يعيشون في المناطق الحضريّة والضواحي. ربما قد يكون سبب ذلك هو وجود عددٍ أقلّ من الناس، بالتالي هناك المزيد من الوقت والمزيد من الصداقات المتينة للتواصل من خلالها. إجمالاً يكون أولئك الذين يعيشون في المناطق الخضراء قادرين على بناء روابطَ اجتماعيّةٍ أقوى، والتي تساعد في دعم حياةٍ طويلةٍ وصحيّة.

في المحصّلة عندما يتعلّق الأمر بعيش حياةٍ أطول فالموضوع ليس إلا قضاء حياةٍ متوازنة، حيث أنّ ممارسةَ التمارين الرياضيّة المعتدِلة، والإطلالةَ الصحيّة، والدعم الاجتماعيّ القويّ، واتّباعَ نظامٍ غذائيٍّ صحيّ، هي عواملُ بسيطةٌ تساعد على عيشِ حياةٍ صحيّة... وربما طويلة

لذلك أحِط نفسَك بالمزيد من المساحات الخضراء الصغيرة فهي واحدةٌ من تلك العوامل التي تساعد صحّتَك وربّما تطيل دورةَ حياتك.

لا تنسى أن تعرّج أيضاً على مقالنا السابق بعنوان عالم أكثر خضرة، لبشر أكثر صحة وإنتاجية هنا

المصادر:

1- هنا

2- Peter James,1,2 Jaime E. Hart,1,3 Rachel F. Banay,2 and Francine Laden1,2,3 Exposure to Greenness and Mortality in a Nationwide Prospective Cohort Study of Women; Environ Health Perspect; 14 April 2016 هنا