الهندسة والآليات > التكنولوجيا

شاشةُ هاتفكَ المُحطمةُ سَتَلّتئِمُ ذاتياً، مواد تُصّلحُ نفسها ذاتياً مراتٍ عدة

استمع على ساوندكلاود 🎧

كثير منا واجهتم مشكلةٌ في شاشةِ الهواتفِ الذكيةِ أثناءَ تَعرّضِها للخدوش أو الشقوق؛ نتيجة الاستعمال غير اللائق، أو عند تعرضها للصدمات غير المتوقعة، مما يؤدي إلى فقدانِ قيمةِ الهاتفِ، وكذلك جماليته. لكن تصوروا معنا آلية قادرة على إصلاح الثقوب، أو التشققات، مستوحاة من طاقة جسم الإنسان وقدرته على تضميد الجراح. فعلى الرغم من كثرة تطبيقات المواد الإلكترونية إلا أنها تُكسر بسهولة، ولهذا السبب تم تطوير تقنيات الالتئام الذاتي.

يقودُ فريقُ البحثِ البروفيسور (كنغ وانغ)، وهو بروفيسور علم وهندسة المواد، ويقولُ وانغ عن هذه المواد: " تتعرض التطبيقات القابلة للانحناء، والتمدد للإجهاد والتشوه، وهو ما يسبب تمزق هذه المواد، وبالتالي عَمِلَ الفريقُ على إيجاد مواد تستطيع معالجة نفسها ذاتيا،ً ولها القدرة بنفس الوقت على استعادة جميع خصائصها ووظائفها، حتى بعد التعرضِ للتمزق عدة مرات. تتمتعُ هذه المواد بالقدرةِ على الشفاءِ الذاتي بدون أي تدخلٍ خارجي، أو بالاستعانة بتدخلٍ خارجي يكاد لا يذكر،".

تستطيعُ الموادُ الموجودةُ حالياً استعادةَ وظيفة أو وظيفتين من وظائفها على أحسن تقدير، بعد عملية الإصلاح الذاتي، وهذا الأمر غير مستحسن، وللدلالة على ذلك نضرب المثال التالي:

إذا أردنا استعمال هذه المواد في تطبيقٍ قابلٍ للارتداء وحَدَثَ تمزق ما، ستصلحُ هذه المواد نفسها، وستستعيد القدرة على العزل الكهربائي فقط، ولكن ماذا عن القدرة على النقل الحراري. إذا لم تستطع المواد استعادة القدرة على النقل الحراري، عندها سيكون التطبيق ككل عرضة لخطر ارتفاع درجة الحرارة ومن ثم الاحتراق. ولتفادي هذا الأمر عمل وانغ وفريقه على تصميمِ موادَ تستطيعُ استعادةَ جميعِ وظائفها وخصائصها بعد إصلاح نفسها ذاتياً، كمثال على هذه الخواص نذكر، قوة التحمل والصلابة والعزل الكهربائي والنقل الحراري وغيرها.

يقول وانغ: "أغلب المواد القادرة على إصلاح نفسها ذاتياً والموجودة حالياً، لها قوام يشبه قوام العلكة، وهي ليّنة جداً بخلاف المواد التي قمنا بتصميمها فهي قاسية إلى حد ما. يعود ذلك إلى إضافة رقائق نانوية من نيتريد البورون (Boron Nitride NanoSheats) إلى مادة أساس مكونة من البوليمر البلاستيكي. يمكن تشبيه رقائق نيتريد البورون بمادة الغرافين، حيث لهما بعد ثنائي ولكن الاختلاف يكمن في أن الغرافين هو ناقل جيد للكهرباء، بينما رقائق نتريد البورون عازلة للكهرباء".

ما يميز هذا العمل هو تركيزه على المواد العازلة القابلة للانحناء والشفاء الذاتي، في حين أن البحوث السابقة كانت تركز على المواد الإلكترونية الموصلة للكهرباء فقط. ولا يخفى على أحد أننا نحتاج مواد عازلة بقدر ما نحتاج للمواد الناقلة للكهرباء.

تستطيعُ هذه المواد الجديدةُ إصلاحَ نفسِها، وذلك بفضلِ رقائق نيتريد البورون النانوية، حيثُ ترتبطُ هذه الرقائقُ ببعضها البعض عن طريقِ مجموعةٍ من الروابط الهدروجينية. بعد أن يحدث الانقطاع تتفكك هذه الروابط، وعند تقريب قسمي المادة بعد القطع يحدث جذب كهربائي طبيعي بين عنصري الرابطة مما يعيد ربطهما معاً من جديد. عند استعادة الرابطة الهدروجينية يلتصق جزئي المادة، وتعود المادة إلى سابق عهدها. تحتاجُ عمليةُ الشفاءِ إلى درجة حرارة معينة، وتطبيق ضغط معين، حيث يمكننا التلاعبُ بكميةِ الحرارةِ ومقدار الضغط المطلوبين من خلال تغيير النسبة المئوية للرقائق النانوية في المادة الأساس (البوليمر)، وقد استطاع الفريق إلى التوصل إلى نسبة معينة من هذه الرقائق، بحيث تحدث عملية الشفاء بدرجة حرارة الغرفة وبدون أي ضغط يذكر.

خلافاً للمواد الأخرى التي تستخدم الروابط الهدروجينية، فإن رقائق نيتريد البورون النانوية غير منفذة للرطوبة، وبالتالي يمكن بناء تطبيقات نستطيع استخدامها حتى في ظروف التعرض للرطوبة العالية مثل الاستحمام والسباحة.

نأمل أن نرى تطبيقات فعلية تستخدم هذه المواد، مثل الهواتف القابلة للتمدد والطيّ، وكذلك الصحف الإلكترونية أو الشاشات التي لها سمك مماثل لسمك الورقة. فقد تُحدث هذه المادة ثورةً بكل ما تحمله الكلمة من معنى في مجال ديمومة الإلكترونيات القابلة للارتداء.

فيديو يوضح عملية التئام هذه المواد بعد قطعها من المنتصف:

المصدر:

هنا