الفيزياء والفلك > علم الفلك

لماذا تمتلك المجرات أذرعاً؟

استمع على ساوندكلاود 🎧

لابد أنَّ المجرات واحدة من أكثر الكيانات إلهاماً في الكون. فكما نعلم، المجرات ليست مجرد أقراص صلبة، بل هي مزيج كوني هائل من النجوم الفردية التي تربطها معًا قوة الجاذبية. للمجرات أشكال أساسية قليلة، لكن معظمها حلزوني الشكل. تمتد المجرات الحلزونية فيما يشبه قُرصًا ذا أذرع ملتوية تمتد لعشرات الآلاف من السنين الضوئية في كل اتجاه انطلاقًا من نواة المجرّة.

فما الذي يعطي للمجرات هذا الشكل الحلزوني المميز؟ في بداية الكون، عندما بدأت المجرات بالتشكل، الأولى منها لم يكن لها أذرعًا حلزونية واضحة. كانت إما ذات ذراعين أو ذات أذرعٍ سميكة فوضوية غائمة تحوي تكتلات هي مناطق تشكّل النجوم. بعد 3.6 مليار عام كانت هذه العشوائية قد انتهت لتستقر المجرات وتتخذ الأشكال التي نراها اليوم.

استغرقت معظم المجرات الحلزونية متعددة الأذرع الّتي نعرفها اليوم كدرب التبانة أو مجرة أندروميدا نحو 8 مليارات عام لتظهر، فمن أين أتت هذه الأذرع؟

بدايةً عليك أن تعرف أنّ أذرُعَ المجرات ليست بنى ثابتة تتألف من النجوم، إنما هي تموجات من الكثافة التي تعبر المجرة. أما النجوم فإنها تدخل وتخرج خلال هذه الأمواج التي نراها على شكل أذرع.

ولفهم ذلك، تخيّل أنك تقود على الطريق السريع، والسيارات أمامك تخفف سرعتها لترى الطبق الفضائي الذي تحطم على الأرض. ستتباطأ السيارات عندما تمرُّ بجانب الطبق الفضائي مشكلةً تكتّلًا ، في حين أنّ السيارات في مقدمة هذا التكتّل ستُسرع نحو الأمام مبتعدة عن الطبق الفضائي لتأتي سيارات أخرى وتأخذ مكانها.

عندما تقترب موجة الكثافة تتسارع النجوم نحوها، ومن ثم تتباطأ عندما تبتعد عنها. تمامًا كما يسقط المذنب في بئر جاذبية الشمس (يسرع في الاقتراب من الشمس و يُبطء في الابتعاد). وعندما تمرّ موجات الكثافة عبر منطقة ما، فإنها تثير عمليّة تشكل نجومٍ جديدة. وبهذا فإن مكونات المجرة تتحرك باستمرار منتجةً نجوماً جديدة كلما شقت موجة كثافة طريقها عبر المجرة.

ولكن عندما تحاول تخيل ذلك، أبقِ في ذهنك أنَّ النجوم الموجودة قرب مركز المجرة تدور حوله بسرعة أكبر من تلك الموجودة في أذرع المجرة، وتقل السرعة كلما ابتعدنا عن المركز. مجرتنا درب التبانة تستغرق ما يقارب 240 مليون عام لتكمل دورةً واحدة. ولكننا نعبر ذراعًا حلزونية رئيسية كل 100 مليون عام تقريبًا، ونبقى في منطقة موجة الكثافة للذراع الواحد ما يقارب الـ 10 ملايين عام. ولم يكتشف علماء الفلك سبب وجود هذه الأذرع أساسًا إلا منذ وقت قريب.

في البداية، ظنّ العلماء أنها مثل مِرشات الماء في الحدائق تدفع من مركزها المواد التي تشكل النجوم، أو أنّ الأذرع ما هي إلا انتظام النجوم في حقولٍ مغناطيسية ما. ظنّوا أيضاً أن هذه الأذرع خاصّيات زائلة، تظهر وتختفي عبر الزمن. ولكنّ الدلائل الجديدة إضافة لعمليات المحاكاة أظهرت أن هذه الأذرع الحلزونية باقية لوقت طويل، فيعتقدون أنها نتيجة لسحابات هائلة من الهيدروجين التي أنشأت الأذرع وحافظت على شكلها عبر مليارات السنين.

ما هو اسم المجرة الحلزونية المُفضلة؟ أكتب اسمها ضمن تعليقٍ أسفل المقال.

المصدر: هنا