الغذاء والتغذية > عادات وممارسات غذائية

هل للأكل أثناء المشي أثرٌ على صحتنا!

استمع على ساوندكلاود 🎧

الساعةُ الثانيةُ ظهراً، ومعدَتُكَ تصرخُ من الجوع! ولا بدَّ أنك بحاجةٍ لاستراحةٍ بعدَ ساعاتِ العملِ أو المحاضراتِ الطويلةِ، ولكنّكَ لا تملك الوقتَ الكافيَ لتجلسَ وتستمتِعَ بتناولِ غدائِكَ بهدوء.. الخيارُ الوحيدُ هو أن تشتريَ وجبةً ما وتأكُلَها وأنتَ تمشي مُسرِعاً لإنجازِ ما تبقّى عليكَ من أعمالٍ أو للوصولِ إلى محاضرتِكَ التالية.

من المؤكّدِ أن هذه الطريقة ليست الأفضل للاستمتاع بطعامك، ولكن هل من الممكن أن يكون للأكل أثناء المشي مخاطرُ أخرى أو أضرارٌ صحيةٌ على جسدك؟

أثبتَ الباحثونَ أن لتناولِ الطعامِ أثناءَ المشيِ آثارٌ سلبيةٌ عديدةٌ، فهي طريقةٌ غيرُ مُرضيَةٍ جسدياً مقارنةً بتناولِ الوجبةِ بهدوءٍ أثناء الجلوس، كما أنّها تُسبّبُ تناولَ المزيدِ من الطعامِ في وقتٍ لاحق. وقد أُجريَت في جامعة Surrey دراسةٌ لبحث آثارِ هذه الطريقة على مجموعةٍ من النساءِ اللّواتي انقسمنَ بين مُلتزماتٍ بحمياتٍ غذائيةٍ وغيرِ ملتزمات. وقد تمّ إخبارهُنَّ أنهنّ يشاركْنَ في دراسةٍ لتحديدِ كيفيةِ تأثيرِ عواملِ الإلهاءِ على طعمِ الأغذيةِ، كما طُلبَ منهُنّ عدمُ أكلِ أيّ شيءٍ لمدةِ ثلاثِ ساعاتٍ قبل بدءِ التجربة.

تمّ توزيعُ المشاركاتِ على ثلاثِ مجموعاتٍ، طُلبَ من المجموعةِ الأولى تناولُ ألواحِ الحبوبِ Cereal bars أثناءَ مشاهدةِ خمسِ دقائقَ من مسلسلِ "الأصدقاء Friends"، أما المجموعةُ الثانيةُ فقد قامتْ بتناولِ الوجبةِ أثناءَ التجوّلِ في ممر، بينما تناولت المجموعةُ الثالثةُ وجبتَها أثناءَ الجلوسِ والتحدُّثِ مع صديق.

بعدَ تناولِ الوجبةِ الخفيفة، طُلبَ من المشاركاتِ تعبئةُ استبيانٍ خاص بالتجربة، إضافةً إلى المشاركةِ في اختبارِ تذوّقٍ لأربعةِ أطباقٍ من الوجباتِ الخفيفةِ الأخرى وهي: شرائحُ الجزر، والعنبُ، ورقائقُ البطاطا، والشوكولا. وسجّل الباحثونَ ملاحظاتهِم عن كميةِ الطّعامِ التي أكلَتها المشاركاتُ من هذهِ الوجباتِ بعد مغادرتِهِنّ الغرفة.

كانت النتائجُ مفاجئةً نوعاً ما، فقد لاحظَ الباحثونَ أنّ المشاركاتِ الملتزماتِ بحميةٍ غذائيةٍ أكلْنَ كميةً أكبرَ من الوجباتِ الخفيفة بعد المشي، وذلك بالمقارنةِ مع الملتزماتِ بالحميةِ اللواتي أكلْنَ أثناءَ مشاهدةِ التلفاز أو الحديثِ مع صديق، كما لوحظ أنهن أكلْنَ شوكولا خمسَ مراتٍ أكثر. كما لوحظَ من جهةٍ أخرى أنّ هذهِ النتائجَ لم تتكرّر عند المشاركاتِ غير الملتزمات بحمياتٍ غذائيةٍ! فما هو السببُ يا ترى وراءَ هذه النتائج غير المتوقّعة؟

من الواضحِ أنّ مشاعرَ الشبعِ لدى الإنسان تكونُ ذاتَ منبعٍ عقليٍ وماديٍ معاً، حيث أن عقلَكَ يرسلُ لك إشاراتِ الامتلاءِ والشّبع تماماً كما تفعلُ معدتُك.

وبحسب ما وضّحته Jane Ogden الكاتبة الرئيسية للدراسة وطبيبة علم النفس السلوكي في جامعة Surrey، فإنّ المشي يعتبرُ شكلاً قوياً من أشكالِ الإلهاءِ، مما يعطّلُ قدرَتنا على معالجة تأثيرِ الأكل على شعورِنا بالجوع. إضافةً إلى ذلك، يُحتملُ أن يدفعنا المشي إلى مكافأةِ أنفسِنا لاحقاً نتيجةَ اعتبارِهِ لا شعورياً شكلاً من أشكالِ التمارين، الأمرُ الذي يبرّرُ الإفراطَ في تناولِ الطعام في وقتٍ لاحقٍ.

وعلى الرّغم من تركيزِ الباحثينَ على المشي، إلا أنه بالتأكيد ليس مصدر الإلهاء الوحيد الذي يمكنُ أن نصادفَهُ حولَنا، فتناولُ الطعامِ أثناءَ اللعب على جهاز الكومبيوتر أو في مكاتِبنا أثناءَ الانهماك في العمل لا يقلُّ سوءاً عمّا سبق، ويمكن لهُ أن يلعبَ نفس التأثيرِ ويؤدي إلى زيادةِ الوزنِ بمرور الزمن نتيجةَ عدم القدرةِ على مراقبة كميةِ ونوعيةِ الطعام الذي نتناولُهُ. كما تؤكّد لنا جميعُ الدراساتِ السابقةِ أن الآثارَ السلبيةَ لعدمِ الالتفاتِ إلى الطعامِ لا تقتصرُ على زيادةِ الكميةِ المتناولِةِ فحسب، بل يجعلنا أكثرَ جوعاً في وقت لاحق. وهو ما يتوافق مع النتيجة التي توصّل إليها الباحثون على الرّغم من صغرِ العينة المدروسة والتي لم تتجاوز الـ 60 امرأة.

في النهاية لابد من التأكيد على ضرورة الاستمتاع بكل وجبةٍ نأكلها، ويُنصحُ دائماً باختيارِ الوجبات الصحيةِ والمتوازنةِ، ومن شأن جميعِ تلك الخطواتِ أن تساعدَنا على بلوغِ شعورِ الشبع بكمياتٍ أقلَّ من الطعام، إلى جانب المحافظةِ على صحةِ الجسم والوزنِ المثاليّ.

المصادر:

1. هنا

2. هنا

3. هنا

الدراسات المرجعية المذكورة:

1. هنا

2. هنا

3. هنا

4. هنا