الهندسة والآليات > الطاقة

طاقة من مياه البحار, الماء الأوكسجيني لخلايا الوقود

استمع على ساوندكلاود 🎧

سمع الكثير منا عن طُرُق توليدِ الطاقة من مياه البحر أو غيرها من مصادرِ الطاقة المتجددة، لكن هل سمعتم عن الماءِ الأوكسجيني واستعمالاته؟ يُستخدَم كعاملٍ مُبيِّضٍ ومُطهِّر لمجالٍ واسع من التطبيقات، كما يُستخدَم كمعقِّم في الصناعات التجميلية والدوائية وصناعة المنظفات وغيرها، لكن هل من الممكن استخدامُه في مجالِ الطاقة؟ نعم سنستخدمه في توليد طاقةٍ وتخزينِها في خلايا وقود، إنه لشيءٌ مذهل.

استخدم العلماء أشعةَ الشمس لتحويلِ مياه البحر (H2O) إلى بيروكسيد الهيدروجين أو ما يُطلَق عليه "الماء الأوكسجيني" (H2O2)، والذي يُمكن استخدامُه بعد ذلك في خلايا الوقود، وتُعتبَر هذه طريقةَ التحفيزِ الضوئيِّ الأولى من نوعِها المستخدمةَ لإنتاجِ هدروكسيد الهيدروجين وذلك بمعدَّل كفاءةٍ عالية لاستخدامِه لتوليدِ الكهرباء.

وقد نشر باحثون بقيادة (Shunichi Fukuzumi) من جامعةِ أوساكا مقالاً حولَ طريقةِ التَّحفيزِ الضوئي الجديدة، المُستخدَمة لإنتاج بيروكسيد الهيدروجين في العدد الأخير من مجلة (Nature Communications).

وأضاف الباحث (Shunichi) لموقع (Phys.org) قائلاً: "نحن نستخدم مياه البحر، والتي تُعدُّ من أكثرِ مصادرِ الأرضِ وفرةً لإنتاجِ وقودِ الطاقةِ الشمسية وهو بيروكسيد الهيدروجين".

إن الفائدةَ الأكبرَ لاستعمالِ بيروكسيد الهيدروجين السائل بدلاً عن غازِ الهيدروجين العاديِّ (H2)، هو أنَّ مُعظمَ خلايا الوقودِ المستخدمةِ اليوم تستوجبُ تخزينَ كمياتٍ كبيرةٍ من غاز الهيدروجين، وفي هذه الحالة ونتيجةً لكون البيروكسيد السائل يُعتبَر أكثرَ كثافةً من الهيدروجين الغازيِّ المضغوط للغاية، أو في بعض الحالات يكون مُبرَّداً إلى حالته السائلة في درجاتِ الحرارة المنخفضة جداً، فإنه بالمقابل يُمكن تخزينُ ونقلُ بيروكسيد الهيدروجين السائلِ بكثافاتٍ أكبرَ وبسهولةٍ وأمانٍ عاليَين.

تكمن المشكلةُ في أنَّ الباحثين لم يتمكنوا من إنتاجِ البيروكسيدِ السائلِ بطريقةِ التَّحفيزِ الضوئي بكفاءةٍ عالية، حيث توجدُ طُرُقٌ لإنتاجه بدون أشعةِ الشمس لكنها تتطلَّب الكثيرَ من الطاقة، وبالتالي فإن هذه الطرُق تُعتبَر غير عمليةٍ في إنتاج الطاقة.

طوَّر الباحثون في هذه الدراسةِ الجديدة خليةً كهروكيميائيةً جديدة، والتي هي في الأساس خليةٌ شمسية تُنتِج هيدروكسيد الهيدروجين. عندما تُضيءُ أشعةُ الشمس على المحفِّز الضوئي، يقوم الأخير بامتصاصِ الفوتونات ويستخدِمُ هذه الطاقةَ لبدءِ تفاعلاتٍ كيميائيةٍ تقومُ بأكسدةِ مياهِ البحر، وهي الطريقةُ التي تُنْتِج في نهاية المطاف هيدروكسيد الهيدروجين السائل.

بلغ تركيزُ هيدروكسيد الهيدروجين في مياهِ البحر حوالي 48 ميللي مول، وذلك بعد إنارةِ الخلية الشمسية لمدة 24 ساعة، وهو ما يتجاوزُ بكثير القيمةَ السابقةَ التي بلغت حوالي 2 ميللي مول في الماءِ النقي. وبعد مجموعةٍ من التجارُب لمعرفةِ سببِ هذا الفارقِ الكبيرِ في التركيز، وجد الباحثونَ أن الكلور ذا الشحنةِ السالبةِ الموجودَ في مياه البحر، هو المسؤولُ أساساً عن تعزيز النشاطِ الضوئيِّ والذي يُنتِج هذا التركيزَ الأعلى.

وعموماً، يملك هذا النظامُ كفاءةً إجماليةً مقدارُها 0.28%، حيث تبلغ كفاءةُ إنتاجِ المحفِّزِ الضوئي لهيدروكسيد الهيدروجين من مياه البحر نسبة 0.55٪، وخلايا الوقودِ لديها كفاءةٌ 50٪.

على الرغمِ من أن الكفاءةَ الإجماليةَ تقلُّ عن مثيلاتها في الطُّرُق الأُخرى التي تقومُ بتحويلِ الطاقةِ الشمسية إلى كهرباء -مثلَ عمليةِ تحويلِ التبنِ إلى وقودٍ حيويٍّ بكفاءة 0.2%- فإنها لا تزالُ أقلَّ بكثير من كفاءةِ الخلايا الشمسيةِ التقليدية. يتوقع الباحثون أن الكفاءة يمكن تحسينها في المستقبل باستخدامِ موادَّ أفضلَ في الخلية الكهروكيميائية، كما يخطِّطون أيضاً لإيجاد طرُق لخفضِ تكلفةِ الإنتاج.

يقول (Shunichi): "نحن نخطِّط للعملِ على تطويرِ وسيلةٍ لتخفيضِ التكاليف وبدءِ إنتاج (H2O2) على نطاقٍ واسع من مياه البحر، وهذا قد يحلُّ محلَّ الإنتاج الحالي عالي التكلفة لـه من الهيدروجين والأوكسجين".

تبقى أمنياتنا في زيادة استخدامِ كلِّ الطُرُق النظيفة، من أجل توليدِ الطاقةِ وزيادةِ كفاءةِ طريقةِ هيدروكسيد الهيدروجين، وغيرِها من وسائل توليد الطاقة المتجددة.

المصدر:

هنا