الطب > مقالات طبية

الحجامة، بين مطرقة العادات وسندان العلم!

استمع على ساوندكلاود 🎧

بعد انتشارِ صورة السبّاحِ الأمريكي ‘مايكل فيليبس’ في أولمبياد Rio De Ginero والكدماتُ البنفسجيةُ تملأ جسمه كان السؤال ماهي هذه الدوائرُ؟ هل هي حروقٌ أم أنها رسومٌ؟

تابع معنا حقيقتها في المقال التالي:

تُعتبَر الحجامة إحدى الطرُق المستخدمة في ما يسمى الطبَّ البديل، يعود أصلُها للمصريين القدماءِ والصينيين.

إذ يعتقد الصينيون بأنها تحرّض الطاقةَ الطبيعية الكامنة في الجسم، وتزيد من جريان الدم لمنطقة معينة. كما شاع استخدامها عند ثقافاتِ الشرق الأوسط خاصّةً المسلمين.

سنقوم في هذا المقال بالحديث عن الحجامة وأنواعها وطريقة عملها وفوائدها ومضارها فتابعوا معنا..

بدايةً ماهي أنواع الحجامة؟

هناك أنواعٌ متعددة للحجامة، منها:

1- الحجامةُ الجافّة: بشفط الجلد بالكؤوسِ فقط وهي مايُعرف بكاسات الهواء.

2- الحجامة الرطبة: بشفطِ وخدشِ الجلد لخروج الدم وسحبه.

كيف يتم إجراءُ الحجامة؟ وكيف تعمل؟

يتم - في جميع أنواعها - استعمالُ كؤوسٍ مصنوعةٍ من الزجاج أو الخيزران أو الخزف، واستعمال مادة قابلة للاشتعال كالكحول أو الأعشاب أو الورق أو القطن، يتم وضعها في الكأس وإشعال النار فيها ووضع فوهتها فوراً على الجلد، فيتشكّلُ ضغطٌ سلبي بعد انطفاء النار ونفاذ الأوكسجين ضمن الكأس، يسمح بشدّ الجلد مشكّلاً قبّةً حمراءَ اللون بسبب توسع الأوعية الدموية وتجمّع الدم في المنطقة. يُترَك الكأسُ بشكلٍ عامٍّ لمدّة 5-10 دقائقَ ثم تتم إزالته.

ما الفرق بين كاسات الهواء والحجامة؟

يُعتبر ما ذكرناه في الفقرة السابقة وصفاً لكاسات الهواء (الحجامة الجافّة)، بينما مع الرطبة يتم وضعُ الكأسِ بنفس الطريقة ولكن لمدّة 3 دقائقَ فقط، تتم إزالتها بعدها وخدش جلد المنطقة بمشرطٍ بشكلٍ سطحيٍّ، ثم يتم وضعُ الكأس مرّة أخرى لسحب الدم المتجمع في هذه المنطقة عبر الجروح التي قد تكونُ جرحاً واحداً أو أكثر.

بعد الانتهاء من هذا الإجراءِ يتم دهن المنطقة بمضادٍّ حيويٍّ وتغطيتها بضمادٍ معقمٍ لمنع حدوث إنتانٍ في المنطقة.

يتم حالياً استخدامُ شفّاط مطاطّي أو سرنجة طبّية لسحب الهواء من الكأس من قِبل بعض الممارسين، كما قد يتم استخدام كؤوسٍ مرنةٍ مصنوعة من السيليكون بشكل يسمحُ بتحريكها من مكانٍ لآخر على الجلد دون إزالتها فتقوم بمفعول التدليك.

وقد يقوم البعض بدهن زيت طبي أو عشبي مع تدليكٍ موضعيٍّ قبل البدء بها.

يعود الجلد لحالته الطبيعية بعد حوالي 10 أيام عند عدم حدوث أيّ اختلاطات.

يعتقد المؤيدون لها بأنها تزيل الموادَ الضارّة والسموم من الجسم وتشفي من العديد من الأمراض كالسرطان وتشنّج العضلات، وتقلّل من الآلام والالتهاباتِ، وتفيد في الاسترخاء الذهني والجسدي وتقوية جهاز المناعة!

بينما يُشكّك المجتمعُ العلمي بفائدة هذه الطريقة لعدم وجود أدلةٍ علميةٍ تثبت فائدتها، ويُعتقد بأنها من العلاجات الوهمية Placebo.

ولكن في عام 2012 نُشِرت دراسةٌ في The journal Plos ONE تقترح امتلاكَها تأثيراً علاجياً أكثر من كونها مجرد بلاسيبو، حيث عرض باحثون أستراليون وصينيون 135 دراسةً عن العلاج بكاسات الهواء تمّت في الفترة مابين 1992-2010، خَلصوا فيها إلى أن كاسات الهواء قد تمتلك تأثيراً علاجياً اذا ما استُعمِلت مع الوخز بالإبر أو الأدوية لعلاج حالاتٍ متنوعة كالحلأ النطاقي Herpes Zoster والعَدّ (حبّ الشباب) وشلل الوجه (شلل بيل) وسرطان عنق الرحم.

ومن الجدير بالذكر بأنّ هذه الدراسات كانت العينات التي أُجريت عليها قليلة كما أنّ ذات جودة متدنية Low quality من حيث متطلبات البحث العلمي، كما أنّ نتيجة احدى الدراسات كانت بعدم أفضليتها على المضادّات الفيرويسة في علاج الألم الناتج عن الحلأ النطاقي Herpes Zoster.

اعتُبِرت هذه الدراسات أوليةً ومتحيزةً بعض الشيء لعدم الحيادية أثناء الدراسة، وهي بحاجة لدراساتٍ أفضلَ في المستقبل لاستخلاصِ نتائجَ أوضح.

وأظهرت دراسة أوليّة بأن الحجامة قد تخفف بعض الآلام لفترةٍ أقصاها ٤ أسابيع دون أن تعالج السبب مقارنةً مع عدم تلقي أيّ علاج من دون ذكر آليةٍ واضحةٍ وتعليلٍ علميٍّ للحالة، مما يجعلها بديلاً ليس جيّداً للعلاج الطبي.

سنستعرض الآن ما ذُكِر عن فوائد الحجامة ومضارها:

يقترحُ التجمع البريطاني المؤيدُ للحجامة بأنها تعالجُ العديدَ من الأمراض، ومنها:

• أمراضُ الدم كفقر الدم والناعور.

• الداءُ الروماتوئيدي (الروماتيزم)، وألمُ الليف العضلي.

• العقم والأدواء النسائية.

• مشاكلُ الجلد كالأكزيما والعدّ.

• ارتفاع ضغط الدم.

• الشقيقة.

• القلق والاكتئاب.

• الربو والتحسّس القصبيّ.

• الدوالي الوريدية.

ولكن دونَ تقديم أيّ دليلٍ علمي يبرر هذا الادّعاء، مما يجعله ضعيفاً.

تعدّ الحجامةُ آمنةً نسبياً إذا ما تمّ إجراؤها بيدٍ خبيرةٍ وضمن ظروفٍ عقيمةٍ. ولكن ماهي التاّثيرات الجانبية للحجامة؟

- ألمٌ وعدمُ ارتياحٍ خفيف.

- حروق.

- كدمات.

- إنتانٌ جلدي.

ووفق التجمع البريطاني للحجامة يجب تجنّبها عند المجموعات التالية:

1- الحوامل والنساء بفترة الحيض.

2- المصابين بنقائل سرطانية.

3- مرضى الكسور العظمية والتشنجّات العضلية.

كما توصي بعدم إجرائها في الأماكن التي تحتوي:

1) خثاراً وريدياً عميقاً DVT.

2) قرحة.

3) شريان.

4) نبضاً مجسوساً.

وتبعاً للمجتمع الأمريكي للسرطان فان المريض قد يُهمل العلاجات التقليدية والمفيدة لعلاجِ مرضِه بلجوئِه للحجامة اعتقاداً منه بأنّ الحجامة هي الشافية لحالته ممّا يعرّض لعواقب صحيّةٍ خطيرةٍ.

وفي الختام تعتبر الحجامة كما العديد من العلاجات البديلة علاجاتٍ وهميةً لا يوجد أيّ دليل علميّ على فائدتها، والتي قد لا تكون مضرّة بشكلِ أكيدٍ ولكن من المؤكّد هو عدم فاعليتها علمياً بالإضافة لأنّها تحمل تأثيراتٍ جانبيةٍ عديدةٍ، لذلك فهي تحتاج للمزيد من الدراسات. ولكن لكي نكون منصفين فإنّ كثير من الذين قاموا بتجربة الحجامة شعروا بارتياحٍ مؤقتٍ لم يستطع العلم أن يُفسّره إلّا بأنّه علاج وهمي "بلاسيبو" لعدم كفاية الأدلّة العلمية على فائدتها.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا