الغذاء والتغذية > التغذية والأمراض

قوّةُ المُكسّرات - الجوز وسرطان القولون

استمع على ساوندكلاود 🎧

تُعتبَرُ مُعدّلاتِ الإصابةِ بسرطانِ القولون أكثرَ ارتفاعاً في الدّولِ التي يميلُ أفرادُها إلى إتّباعِ الحميةِ الغذائيةِ الغربية، والتي تتصفُ بكثرةِ الدهونِ المُشبعة والكربوهيدرات, إلى جانبِ قِلّةِ الأليافِ والخضارِ والفاكهة.

من جهةٍ أُخرى، تُعدّ ثمارُ النقلِ -وخاصّة الجوز- من أهمِّ مصادرِ الدهونِ غير المُشبعة مثل الحمضِ الدهني ALA أو ألفا لينوليئيك أسيد، ومضاداتِ الأكسدة، والفيتاميناتِ، والمعادن. ومن هنا كانت أهميّتهُ في محاربةِ سرطانِ القولون إلى جانبِ عددٍ من الأمراضِ المُزمنة كالسّكري والبدانة، فضلاً عن دورهِ في تحسينِ الإدراكِ والخصوبة.

وقد وجدَ الباحثونَ في كوريا الجنوبية سابقاً أنّ مُستخلصَ الجوز ساهمَ في تقليلِ قدرةِ الخلايا الجذعية لسرطانِ القولون على البقاءِ حيّةً لفترةٍ طويلة، مما شجّع الباحثينَ على دراسةِ دورِ الجوز في مقاومةِ سرطانِ القولون.

وهو ما عملَ عليه فريقٌ من الباحثين في جامعةِ كونيكتيكت University of Connecticut بالتعاونِ مع مخبرِ جاكسون للطبِّ الوراثيJackson Laboratory for Genomic Medicine .

وجدَ الباحثونَ في تجربةٍ أجروها على الفئران، أنّ تناولَ 7 - 10.5% من مجموعِ سعراتِهم الحرارية من الجوز قد خفّضَ من احتمالِ تطويرهم للإصابةِ بسرطانِ القولون وذلكَ بالترافقِ مع تغذيةِ الفئران على حميةٍ مماثلة لخصائصِ الحميةِ الغربية التي تُعرف بمساوئِها على الصّحة. ولاحظوا أنَّ التأثيرَ على ذكورِ الفئران كان أوضح، حيثُ تناقصت الأورامُ بمعدّل 2.3 أثناءَ تغذيتِهم بالجوز كجُزءٍ من حِميةٍ مُشابهةٍ للحميةِ الغربية.

وقد تمكّنَ الباحثونَ من التوصّلِ إلى نتيجةٍ مفادُها أن الدورَ الرئيسي للجوز كان نابعاً من تأثيره في تركيبِ الفلورا المعويّة الطبيعية (وهي الجراثيمُ النافعة التي تستوطنُ في جهازِنا الهضميّ وتساعدُنا على الهضم) والذي ساهمَ بدورهِ في توفيرِ حمايةٍ من أورامِ القولون لدى فئرانِ التجربة.

وخلال التجربة تمَّ تقسيمُ الفئران إلى مجموعتين، أُعطيت الأولى حِميةً قياسيّةً مُخصصةً لتغذيةِ الفئران دونَ إضافةِ الجوز إلى الوجباتْ، في حين أُعطيت المجموعةُ الثانية حميةً مشابهةً للحميةِ الغربية مع إضافةِ الجوز إليها. وبلغت نسبةُ الجوز في الوجبات حدّاً أقصىً مقدارُه 10.5% من المحتوى الحُريري الكلّي.

لُوحِظ أنّ مُعدّلَ تشكّلِ الأورام قد انخفضَ لدى ذكورِ الفئران التي تناولت الجوز مع الوجباتِ المشابهة للحميةِ الغربيّة بمعدّلِ 10.5% مقارنةً بمجموعةِ الفئران التي لم تحصلْ على الجوز. وقد لوحظَ أنَّ هذا الأثر لم يكن ملموساً لدى إناثِ الفئران. ولذلك تمَّ العملُ على أخذِ عيّناتٍ من برازِ الفئران وتحليلِ الجراثيمِ التي تعيشُ في جهازِها الهضمي.

وجدَ العُلماء بنتيجةِ التحليل أنَّ تناولَ الجوز ساهمَ في دفعِ جراثيمِ الأمعاء نحوَ حالةٍ وقائية ساهمتْ في منعِ تشكّلِ أورامِ القولون، ولكنّ آليةَ التأثير هذا لم تتضح بشكلٍ كاملٍ بعد، إلّا أنّها مدعومةٌ بعددٍ من الأدلّةِ السابقة, حيثُ أظهرت أبحاثٌ سابقةٌ على سبيلِ المثال, أنَّ بعضَ أنواعِ جراثيمِ الأمعاء تهضُم الأليافَ إلى مُركّباتٍ تتمتعُ بخصائصَ مضادة للالتهاباتِ، والتي تعملُ بدورِها على تقليلِ الأورامِ وتشكُّلها.

كما لاحظَ العلماءُ أنّ تناولَ ذكورِ الفئران للحميةِ الحاويةِ على الجوز أدّى إلى تغييرٍ في تركيبِ وتنوّعِ الجراثيم المفيدة لدى ذكورِ الفِئران وجعلِهِ أقربَ إلى التركيبِ الموجودِ في الجهازِ الهضمي للإناث. في حين كان التنوّعُ المدروسُ في الذكور التي تغذّت على الحميةِ القياسيّة بعيداً كلّ البُعد عمّا لوحِظَ لدى الإناث. وهذا يؤكّدُ على أنَّ إضافةَ الجوز إلى النظامِ الغذائي لذكورِ الفئران قد أثّرت على الجراثيم المُفيدة في الأمعاء.

وقد صرّح الباحثونَ بأنّهُ لا بدّ من إجراءِ المزيدِ من الأبحاث على الفئران، لتأكيدِ هذهِ النتائج قبلَ أن تبدأ الخطوةُ التالية والمتمثّلة بالتجاربِ السريرية على الإنسان. حيثُ باشرَ الفريقُ بالتجهيزِ لهذهِ الخطوة بهدفِ دراسةِ تأثيرِ الجوز على سرطانِ القولون لدى الإنسان بشكلٍ مُعمَّقٍ ومُطوَّل، وذلكَ بالتنسيقِ مع أخصائيٍّ في التغذية ومراقبةِ النُظمِ الغذائية لمرضى تنظيرِ القولون.

المصادر:

1. هنا

2. هنا

الدّراسة المرجعيّة:

M. Nakanishi, Y. Chen, V. Qendro, S. Miyamoto, E. Weinstock, G. M. Weinstock, D. W. Rosenberg. Effects of walnut consumption on colon carcinogenesis and microbial community structure. Cancer Prevention Research, 2016; DOI: 10.1158/1940-6207.CAPR-16-0026