سؤال وجواب > الفيزياء

أين تفضل أن تتلقى القنبلة؟ في البر أم في الماء؟

استمع على ساوندكلاود 🎧

إن كنت ستتلقى قنبلة، فأين تفضل أن تتلقاها؟ في البر أم في الماء؟

قد يبدو السؤال غريباً خاصةً أنك لن تجد الوقت للتفكير في حال تعرضك لهذا الموقف... لذا يمكنك اعتبار هذا الطرح مجرد طرحٍ لغرضٍ علميٍ بحت :)

لنتخيل معاً أنك مستلقٍ على كرسيٍ بجانب مسبحٍ وفجأةٌ ألقيت عليك قنبلتين في نفس الوقت، واحدةٌ منهما تسقط بجانبك على الأرض بينما تسقط الأخرى في المسبح! ولديك عدة ثواني لتختار أحد خيارين:

إما أن تقلب الكرسي وتختبئ خلفه... أو أن تلقي بنفسك في الماء...

فأيهما تختار؟؟

في الحقيقة فإنك في الحالتين ستتعرض للأذى ولكن أيُّ الأذيين أقل... من المؤكد أن معظمنا سيقول أن السوائل أكثف من الغازات بالتالي فإنه من المؤكد أن الماء سيخفف من شدة الانفجار، وبما أن حركتنا في الماء أبطأ بالتالي فإن انتشار الانفجار في الماء سيكون أبطأ أيضاً وهذا يدلّ على أن شدته ستكون أقل...

إذا كنت اخترت القفز في الماء فاعذرني إذا أخبرتك أنك اتخذت قراراً كارثياً! فعلى اعتبار أن القنبلتين من نفس النوع ولهما نفس شدة الانفجار وانفجرا على مسافةٍ متساويةٍ منك فالانفجار داخل الماء سيكون أخطر بكثير..

انفجارات القنابل بشكلٍ عامٍ تحصل نتيجةٌ لتفاعلٍ كيميائيٍ (أو نوويٍ) ينشر كميةً هائلةً من الغاز والحرارة في فترةٍ زمنيةٍ قصيرةٍ جداً؛ فالتفاعلات الكيميائية الانفجارية تُحوّل مكونات القنبلة لغازاتٍ مضغوطةٍ بشدةٍ تتمدد بسرعةٍ، كما أن الحرارة الناتجة عن التفاعل تساهم بزيادة سرعة جزيئات الغاز وتسرع تمدده.

هذا الغاز المتمدد بسرعة يسمى "موجة ضغط" وهي مفتاح القوة التدميرية للقنبلة (وإذا كانت موجة الضغط سريعةً بما فيه الكفاية لاختراق حاجز الصوت ستولد ما يسمى بموجة الصدمة).

بعد هذا الشرح المبسط نعود إل افتراضنا.. إذاً فالانفجار الحاصل على الأرض من الممكن أن يحرق الجلد ويمزق الأضلاع وينشر الشظايا في المكان، فعند انتقال موجة الصدمة عبر الهواء ووصولها لجسمٍ حيٍ، فإن هذا الجسم سوف يعكس معظم قوة الموجة بسبب فرق الكثافة بين جزيئات الجلد وجزيئات غاز الموجة؛ لكن بعض أجزاء الجسم تحتوي غازاً له نفس كثافة غاز الموجة مما يسبب انضغاط هذا الغاز في الجسم مسبباً أضرارا في الرئتين والأذنين وأحياناً في الأمعاء وهذه الأضرار تشمل تمزقات بالأنسجة وتدمير لهذه الأعضاء.

كما أنه عند حصول الانفجار في الهواء، فإن الغلاف الجوي المحيط سوف ينضغط نتيجة الانفجار ويمتص جزءاً من طاقة الانفجار وهذا الامتصاص يخفف المدى المميت للانفجار.

أما في حالة السوائل فالأمر مختلفٌ، حيث أن السوائل غير قابلةٍ للانضغاط (وإن كانت قابلةً للانضغاط فضغطها ولو بنسبةٍ ضئيلةٍ يحتاج كميةً هائلةً من الطاقة) وبالتالي الماء لا يمتص الضغط الناجم عن الانفجار تحت الماء كما يمتصه الهواء بل ينقله ويسير معه؛ ورغم أن الاحتكاك تحت الماء يخفف انتشار الشظايا إلا أن الماء ينقل موجة ضغط أشد مما يفعل الهواء ولمسافةٍ أطول!

وبالتالي إذا وقفت خارج مدى انتشار الشظايا لانفجارٍ حاصلٍ على السطح فإنك لن تصاب بالأذى غالباً، لكن إذا وقفت في نفس المكان تحت الماء فمن الممكن أن تُقتل نتيجةً لموجة الضغط حتى لو تجنبت الشظايا! فعندما تصل موجة الضغط إلى الجسم فإنها ستعبر من خلاله مع انعكاس جزءٍ بسيطٍ منها لكون كثافة الجسم قريبةٌ من كثافة الماء مسببةً انضغاط غازات الجسم بشكلٍ أشد مما يؤدي إلى سد الأوعية الدموية و تمزيق الأنسجة الداخلية وحتى أن التأثير قد يصل إلى إحداث نزيفٍ في الدماغ كما أن هذه الأمواج ستنعكس مجدداً عن السطح والقاع وتعود للجسم مسببةً المزيد من الضرر..

والآن عزيزي القارئ ماذا ستختار :)

ترجمة: محمد كشكية