الفيزياء والفلك > فيزياء

علماءٌ يأملون الحصول على نكهةٍ ملموسةٍ لجسيماتِ النيوترينو

استمع على ساوندكلاود 🎧

من منا لا يعرف الفلم الشهير Finding Nemo، تلك المهمة للبحث عن سمكةٍ ذهبيةٍ في بحرٍ واسعٍ جداً، هل يمكنكم تخيل صعوبة الأمر؟ إن الأمر شبه مستحيل! ولكن، علماء مختبرات فيرمي يقولون أن هناك مهمة أصعب من إيجاد السمكة نيمو!

تخيل أنه في كل ثانية يعبر جسدك ترليون (واحد متبوع ب12 صفر) جُسيم كسمكة نيمو دون أن تلاحظ! إذا حاولت التقاط أحدها، فلن تستطيع فعل ذلك حتى لو استمريت بالمحاولة لمدة عام. إن هذا مايحصل الآن في جسدك، وأسماك "نيمو" التي تعبر جسدك ماهي إلا جُسيمات النيوترينو*. تلك الجسيمات أصدرتها الشمس، وعلى الرغم من عددها الهائل وتواجدها في كل زاويةٍ تقريباً، إلا أن هذه الجُسيمات نادراً ما تتفاعل مع المواد الأخرى، وهذا الأمر سببه الكتلة الضئيلةٌ جداً وانعدام الشحنة.

لحسن الحظ، يمكننا تمرير إشعاعات تحتوي على جسيمات نيوترينو بشكلٍ مكثف عبر كشّافاتٍ كبيرةٍ ذاتِ كثافةٍ عاليةٍ تحتوي على ذراتٍ ثقيلة مضغوطةٍ مع بروتونات ونيترونات (كالكشاف MINERvA)، هذا الأمر سوف يمكننا من تحسس جسيمات النيوترينو.

قد تعتقدون أن المُعضلة قد حُلت، ولكن الأمر ليس بتلك السهولة. لمَ؟ حسناً، حتى الآن لا يمكننا ضبط أو تحسس جسيمات النيوترينو بشكلٍ مباشر، بكلمةٍ أخرى، نحن لا نرى جسيمات النيوترينو بشكلٍ مباشر إنما نرى أثرها. والمشكلة في هذا الأمر أن الذراتِ الثقيلة عادةً ما تحتوي على مشكلاتٍ معقدة، كأن تقوم الذرةُ بممارسةِ بعض التأثيرات التي قد تقلد أثر جسيمات النيوترينو! أجل، فمن الممكن أن يقوم العلماء بضبط أثر لجسيم نيوترينو، ولكن يا للمفاجأة، ذلك لم يكن جسيم نيوترينو إنما هو أثر مشابه قامت به الذرةُ الثقيلة! بسبب هذه المُعضلة، على الفيزيائيين أن يكونوا أكثر حذراً، فعليهم إيجاد الآثار الغير مرغوبة، وحجزها بعيداً لنتمكن من رؤية الآثار المرغوبة، وبالتالي نحكم أننا رصدنا جسيمات النيوترينو.

لحسن الحظ قامت شيرل باتريك Cheryl Patrick ومنظمة MINERvA بإجراء التجربة باستخدام جزءٍ ذو معبر متخالفٍ مزدوج، الأمر الذي جعلنا نتقدم في عمليةِ البحث خطوةً نحو الأمام. قامت شيرل باستعراض النتائج التي حصلت عليها من خلال إجراء قياسات النيوترينو المضاد في مؤسسة MINERvA من خلال في محاضرة نبيذ وجبنة Wine and Chees Seminar المُقامة في السابع عشر من شهر حزيران (يونيو)*. حيث أن شيرل قامت بالبحث عن أحداث مثيرةٍ باستخدام ميون مضاد وحيد وباستخدام عدد غيرِ معّينٍ من النيوترونات وأيضاً باستخدام بروتونات ذات طاقة منخفضة، ذلك الأمر مكنّها من البحث عن تصرّفات معينة، أثارت اهتمام المجّربون، ومن ثم قامت باستعراض كيف تختلف النماذج عند مقارنتها ببيانات التجارب في البُعد الثُنائيّ.

ولكن، لم بُعدان أفضل من بُعدٍ واحدٍ؟ حسناً، تخيّل نفسك في مطعم، أنت الآن على وشك إنهاء وجبتك وكأس قهوتك. المذاق جيد ولكنه يحتاج إلى المزيد من السكر، نظرت إلى طاولتك فوجدت أمامك كأسين مملوئين بمسحوقٍ أبيض، السكر أبيض، وكذلك الملح، لا أحد منا يريد وضع الملح في قهوته، فمالعمل؟ بالتأكيد النظر وحده سوف لن يكفي ﻷن المسحوقين متشابهين، لتقوم بالاختيار الصحيح عليك بالتذوق، بتذوقك المسحوق، تكون زوّدت نفسك بالمزيد من المعلومات، وتقرب نفسك أكثر من الحقيقة، كذلك الأمر مع الأبعاد، فبُعدين يساعدان الفيزيائيون على الحصول على معلوماتٍ أكثر وفهم ما يحصل بشكلٍ أفضل من بُعد واحد. في فيزياء النيوترينو هذه الأبعاد يمكنها أن تكون جوانب مختلفةٍ من الجزيئات التي نحصل عليها والتي نقيسها من خلال حساسنا.

العمل التي قامت شيرل بتقديمه، قام بدراسة متحولاتٍ في بُعدين، وذلك من أجل عزل الإشارات الزائفة وأيضاً من أجل فهمٍ أفضل لهذه النتائج، وذلك من أجل مقارنتها مع النماذج النظرية للأنوية. هذه النماذج ستُستخدَم فيما بعد مع بدء مشروع NOvA، المشروع المقرر بدءه في شهر تموز (يوليو) والذي سيقوم بالنظر إلى تفاعلات جسيمات النيوترينو المضادّة.

*يمكنك قراءة المزيد عن جسيمات النيوترينو عبر مقالاتنا:

هنا

هنا

*يمكنك متابعة محاضرة نبيذ وجبنة المقامة في السابع عشر من شهر حزيران (يونيو) عبر الرابط:

هنا

المصدر: هنا