الغذاء والتغذية > التغذية والأمراض

قوة المكسرات.. الفستق الحلبي والسكري

استمع على ساوندكلاود 🎧

تتّصفُ المراحلُ الأوليّة المبكرةُ من مرضِ السّكري Prediabetes بارتفاعِ مستوياتِ سُكّرِ الدّم إلى حدودٍ تتجاوزُ النّسبَ الطبيعيّة، إلا أنّها تكونُ أقلّ من الحدّ الذي يجعلُكَ تُصنّفُ كمريضِ سُكّريّ من النمطِ الثاني.

وعلى الرّغمِ من ارتفاعِ احتمالِ تطوّر المرضِ من مراحلِهِ الأوليّةِ إلى السّكريّ من النمط 2، إلا أنّ تغييرَ نمطِ الحياةِ غيرِ الصّحيّ يمكنُ أن يُساعدَ في تجنّبِ تطوّرِ الإصابةِ وتدارِك تحولِها إلى مرضٍ مزمن.

هذا وقد أشارتْ دراسةٌ منشورةٌ في مجلة Diabetes care إلى أنّ تناولَ الفستقِ "الحلبي" Pistachios بانتظامٍ يمكنُ أن يُساعدَ في خفضِ مستوياتِ سُكّرِ الدّم لدى مَرضى المراحلِ الأوّليّةِ من السّكري Prediabetes، ممّا يُقلّل من خطرِ تطوّرِ الإصابةِ لديهم.

حيثُ وجدَ الباحثون في هذه الدراسةِ أنّ مستوياتِ سكرِ الدمِ والإنسولينِ قد انخفضَت لدى الأشخاصِ الذين يعانونَ من المراحلِ الأوّليةِ من السكري بعد تناولِهم 56 غراماً من الفستقِ الحلبيّ يومياً طَوالَ مدّةِ التجربة. كما لاحظوا تحَسّناً في التفاعلِ بينَ الإنسولين والغلوكوز، وانخفاضاً في مؤشراتِ الالتهاباتِ لدى بعضِ المشاركينَ في الدراسة.

وبحسب الدكتورة Joan Sabate -بروفيسورةُ التغذيةِ وعلومِ الأوبئةِ في كليّةِ الصّحةِ العامّةِ في جامعةِ كاليفورنيا- فإنّ "هذه الدراسةَ مبينيةٌ على أبحاثٍ سابقةٍ عن الفستق"، علماً أنها ليسَت من المشاركين في تأليفِ البحثِ المنشورِ والذي تمّ إجراؤُه في اسبانيا؛ وأشارَت إلى وجودِ بعضِ الدّلالاتِ التي تُشيرُ إلى أنّ استهلاكَ الفستقِ بشكلٍ منتظمٍ يُقلّل من مستوى الغلوكوزِ الصياميّ ويُخفّضُ من مُعدّلاتِ الإنسولين والهرمونات، والذي يُعتبرُ أمراً ذا أهميةٍ خاصةً لدى المُصابينَ بالمراحلِ الأوّليّةِ من السّكري، لأنّهم سيتحوّلونَ إلى مرضى سُكريّ ما لمْ يتّخذوا الإجراءاتِ اللازمةَ ويُغيّروا من أُسلوبِ حياتِهِم المُتبّع. وعلى ما يبدو، فإنّ تناولَ المُكسّراتِ بشكلٍ منتظمٍ يُحسّنُ من بعضِ المُؤشّراتِ المُرتبِطةِ بهذا الموضوع.

قوّةُ المُكسّرات The power of nuts:

يعتبرُ الفستقُ الحلبيُّ غنياً بالفيتامينِ B6 بشكلٍ خاص، والذي يُعرفُ عنه دورُهُ في ضبطِ هُرموناتِ الجسم. كما يحتوي أيضاً على اللّوتين Lutein والزياكزانتين Zeaxanthin، وهي مضاداتُ أكسدةٍ تلعبُ دوراً هاماً في صحّةِ العين، إضافةً إلى غِناهُ بالبوتاسيومِ والألياف. إلا أنّه ليسَ النّوعَ الوحيدَ المُفيدَ من المُكسّرات.

فمِن جِهةٍ أُخرى، يُشيرُ الدكتور Emilio Ros إلى اعتقادِهِ أنّ جميعَ أنواعِ المُكسّراتِ تتشاركُ هذا الأثرَ الإيجابيَّ على استقلابِ الغلوكوزِ، نظراً لأنّها تتميزُ عادةً بتركيبٍ كيميائيّ غنيّ بالمركباتِ الفعّالةِ حيوياً والتي يُعرفُ عنها دورُها في المساراتِ الحيويّةِ الّتي تُؤدّي إلى مُقاومةِ الإنسولين والإصابةِ بداءِ السّكري.

علماً أن جميعَ أنواعِ الجوزِ، والفستقِ السودانيّ، وجوزِ البيكان، والبندقِ، وبندقِ المكاديميا غنيةٌ بالبروتيناتِ والأليافِ ومضادّاتِ الأكسدةِ وبعض أنواعِ الموادِ الدّسمة المفيدة، مما يجعلُها مفيدةً لصحّةِ القلبِ والأوعيةِ الدمويّة.

ممّا سبق، يمكنُ للمرء أن يستنتجَ أنّ أحدَ أهمِ أسبابِ انخفاضِ مستوياتِ سُكّرِ الدّم لدى المُشاركين في الدراسةِ هو توفيرُ كمياتٍ كبيرةٍ من البروتيناتِ والأليافِ والدُسُم الصحيّة للجسم، الأمرُ الذي يُمكنُ الوصولُ إليه من خِلالِ تناولِ كمياتٍ جيدةٍ من مُختلفِ أنواعِ المُكسّرات، حيثُ تعملُ الموادُ الدّسمةُ الصحيّةُ على تنظيمِ الشّهيةِ ومنعِكَ منَ اللّجوءِ إلى الوَجَباتِ الخفيفةِ مرتفعةِ الدهون، كالشيبس أو البطاطا المقليّة. علماً أنّ البدانةَ هي عاملُ الخطورةِ الأول لمرضى السّكريّ، وبالتالي فإنّ إيجادَ طرقٍ للمحافظةِ على الوزنِ الصّحيّ سيكونُ الدرعَ الأوّلِ والأقوى للحمايةِ من المرض.

وهذا يعني أنّ حباتِ الفستقَ الحلبي ذاتِ اللونِ الأخضرِ البرّاقِ ستُنظّمُ شهيّتَكَ لبعضِ الأطعمةِ، وتزوّدُكَ بالمغذّياتِ الضّروريّةِ للمُحافظةِ على الصّحةِ المُثلى، إضافةً إلى أنّ الحساسيّةَ تجاهَ الفستقِ الحلبيّ تُعتبرُ أمراً نادرَ الحدوثِ، مما يجعلُهُ في مُتناولِ عددٍ أكبرَ من الأشخاص. عليكَ فقط بالانتباهِ إلى مَدخولِكَ اليوميّ من الحريراتِ واحتسابِ ما تأكلُهُ من الفُستُقِ مع مُجمَلِ الطّاقةِ نظراً لأنّهُ منَ الأطعمةِ الغنيّةِ بالطّاقةِ بشكلٍ عام، والتزِم حالياً بالكميةِ المذكورةِ في المقالِ حتى إشعارٍ آخر! 

المصادر:

1. هنا

2. هنا

الدراسة المرجعية:

Hernández A، Salas-Salvadó J، Balrdich-Mora M، Juanola-Falgarona M، Bulló M. “Beneficial Effect of Pistachio Consumption on Glucose Metabolism، Insulin Resistance، Inflammation، and Related Metabolic Risk Markers: a Randomized Clinical Trial.” Diabetes Care، 2014.

هنا