الغذاء والتغذية > رحلة الغذاء

كيف نتجنب السكريات المضافة للأغذية؟

استمع على ساوندكلاود 🎧

تشيرُ الإحصائياتُ إلى تناولِ الأطفالِ والبالغينَ على حدٍ سواء للسكرياتِ بكمياتٍ تفوقُ الكميةَ المسموحَ بها في الحميةِ المتوازنة. وبشكلٍ عام، تكونُ الأطعمةُ الغنيةُ بالسّكرِ فقيرةً بالمغذّياتِ الأخرى وغنيةً بالحريراتِ والطّاقة، ويمكنُ لتناولِها بكثرةٍ أن يُسبب زيادةَ الوزنِ والبدانةَ، ممّا قد يزيدُ من خطورةِ الإصابةِ ببعضِ الأمراضِ كالقلب والسّكريّ من النمط 2.

كما تُسبّبُ الأطعمةُ والمشروباتُ المحلّاةُ تسوّسَ الأسنانِ، وخاصةً عند تناولِهَا بينَ الوجبات. وكُلّما كانَ الطعامُ المحلّى على تماسٍ أكبرَ مع الأسنان، كُلّما زادَ الضررُ الذي يُمكن أن يحدِثَهُ. وهنا، يجدُرُ بنا التوضيحُ أنّ السكرياتِ الموجودةَ في الفواكِهِ أقلُّ تسبباً بتسوسِ الأسنانِ لأنّها تكونُ محتواةً ضمنَ بنيةِ الفاكهةِ ككلّ، أما عندَ عصرِ الثمارِ أو خلطِها فإنّ السكرياتِ تَتَحرّرُ ممّا يزيدُ من قدرتِهَا على التّسبّبِ بالضررِ للأسنان، خاصةً في حالِ الاستهلاكِ المتكرّرِ للعصائر. ولذلكَ، يجبُ أن نُحاولَ الحدّ من كميةِ العصيرِ المتناولةِ إلى كوبٍ واحدٍ في اليومِ فقط.

وعلى الرغمِ من ذلك، لا يُمكننا تجاهلُ حقيقةِ أنّ عصائرَ الفاكهةِ هي أحدُ الخياراتِ الصحيّةِ في حِميتنا الغذائيّة، ويمكنُ اعتبارُ كوبِ العصيرِ أحدَ الحِصصِ الخمسِ الّتي يجبُ تناولُها من الخضارِ والفواكِهِ يومياً، ولكن يفضّلُ شربُهُ في نفسِ أوقاتِ الوجباتِ للتقليلِ من الضررِ على الأسنان.

بطاقة البيانات الغذائية والسكر:

تُخبرِكَ بطاقةُ البياناتِ الغذائيةِ Nutrition labels الموجودةُ على العبوةِ عن مكوناتِ المادةِ الغذائيةِ، ومن ضمنِها محتوى السّكر، ويمكنُكَ أن تُقارِنَ المنتجاتِ المختلفةَ وتختارَ الأنسب. ويمكن أن نميّزَ تحت عبارة "كربوهيدرات، منها سكريات بنسبة Carbohydrates, of which sugars" حالتَينِ اثنتين، هُما:

1- أغذيةٌ مرتفعةُ المحتوى من السّكر – تُشكّلُ نسبةُ السكرِ فيها أكثرُ من 22.5 غراماً من الكربوهيدراتِ الكُليّة لكل 100 غرامٍ من المادة الغذائية.

2- أغذيةٌ منخفضةُ المحتوى من السّكر – تُشكّلُ نسبةُ السكرِ فيها أقل من 5 غرامات من الكربوهيدراتِ الكليّةِ لكل 100 غرامٍ من المادة الغذائية.

أما إذا تراوحتِ نسبةُ السّكر بينَ هذين الرقمين فإنّ المادةَ متوسّطةُ المحتوى من السّكر.

وتُشيرُ هذه العلامةُ إلى السّكرياتِ الكليّةِ الموجودةِ في المادةِ الغذائيةِ سواءَ كانَ مصدرُها من الفواكِهِ أو الحليبِ أو السّكرياِت المُضافة. علماً أن كميّة السكرياتِ المضافةَ يجبُ ألّا تزيدَ عن 10% من المدخولِ الحريريّ اليوميّ للشخص، ويقاربُ ذلكَ 70 غراماً للرجالِ و50 غراماً للنساء، وفي دراسةٍ جديدةٍ قدمتها اللجنةُ الاستشاريةُ العلميةُ للتغذية (Scientific Advisory Committee on Nutrition SACN) للحكومةِ البريطانية - وتم نشرها في الجريدة البريطانية The Guardian في حُزيران الماضي - أوصَت هذه اللجنةُ بخفضِ كميةِ السكرِ الحرِّ المتناولِ يومياً إلى النصف، أي ما يعادلُ 5% من إجمالي السعراتِ الحراريةِ الداخلةِ للجِسمِ يومياً، وهو يعادل تقريباً حوالي 35 غراماً للرجال (حواليّ 7 ملاعق صغيرة)، و25 غراماً للنساء (حواليّ 6 ملاعق صغيرة).

للمزيد حول كمية السكر المنصوح بتناولها يومياً يمكنكم قراءة المقال التالي هنا).

وبطبيعةِ الحال، فإنّ الغذاءَ المحتويَ على كمياتٍ كبيرةٍ من الفواكِهِ أو الحليبِ سيكونُ خياراً أكثرَ صحيةً مقارنةً بغذاءِ آخر يحتوي على السكرياتِ المضافةِ، حتى وإن كانت نسبةُ السّكرِ بحسب قائمة المعلوماتِ الغذائيةِ متماثلةً بين المنتجين، إلا أنّ النوعيةَ والمصدرَ يلعبان الدورَ الأساسيّ هنا.

كما يمكنُ أن تُشاهدَ في بعض الأحيانِ عبارة "كربوهيدرات" فقط دون أيّ إشارةٍ إلى نسبةِ السّكريات، وعندها فإنّ الرقمَ المذكورَ سيُشيرُ إلى مُحتوى الكربوهيدراتِ الكليّة بما في ذلكَ النشاء، وبالتالي لن يُعطيَ فكرةً حقيقيةً عن السّكرياتِ الموجودة. وعلينا في هذهِ الحالةِ أن نَلتفِتَ إلى قراءةِ قائمة المكوّنات Ingredient list، حيثُ تتمُّ كتابةُ السّكرِ في قائمةِ الموادِ في حالِ كانَ مضافاً وليسَ من أصلِ المادةِ. كما أنّ قائمةَ المكوناتِ دائماً ما تكونُ مرتبةً بحسبِ نسبةِ المكونات، ممّا يعني أن وجودَ السّكرِ في أعلى القائمةِ دليلٌ على نسبتِهِ العالية.

ولا بدّ من الانتباهِ إلى بعضِ التعابيرِ الأخرى التي تُعبّرُ عن أنواعِ السّكرياتِ المختلفة، كالسكروز، والغلوكوز، والفركتوز، والمالتوز، والنشاء المتحلّلِ مائياً (نواتجِ تحلُّلِ النشاء) Hydrolysed starch إلى جانبِ السكرِ المحوّلِ Invert sugar وشرابِ الذرة والعسل.

ما هي أكثرُ المصادرِ احتواءاً على السكرياتِ المضافة؟

لا يوجدُ نوعٌ من السكرِ أكثرُ ملائمةً للصحةِ من غيره، فجميعُ أنواعِهِ سواءَ كانتِ السّكرَ الأبيضَ، أو البنيَّ، أو غيرَ المكررِ، أو المولاسِ، أو العسلِ تمتلك أثراً ضاراً على الصِّحة.

عملياً، فإن السكرَ المُكرر خاصةً لا يُقدّمُ أي قيمةٍ تغذويةٍ لنا عندَ تناولِه، كما أنّهُ من أكبرِ مصادرِ الحُريراتِ غيرِ الضروريةِ للجسم. علماً أنّ السّكرَ الذي نُضيفُهُ نحنُ إلى بعضِ المأكولاتِ لا يُقارن بالكمياتِ التي نَحصلُ عليها من الأغذيةِ المصنّعة (هنا)، والذي يُنصحُ بتَجَنبِهِ كي نُحدثَ فرقاً إيجابياً في حميتِنا الغذائية.

لذا فإنّ الخطوةَ الأولى هي قراءةُ المعلوماتِ الغذائيةِ، كما ذكرنا آنفاً. فهي ستُساعدُكَ على مقارنةِ المنتجاتِ المتوافرة في الأسواقِ واختيارِ الأفضل. وتُعتبر الأصنافُ التاليةُ أكبرَ مصادرِ السّكرياتِ المُضافة، ولذلك وجبَ الانتباهُ إليها:

1- سكرُ المائدةِ، والمربياتُ، والحلَوياتُ كالشوكولا والسكاكر، حيثُ تحتوي الشوكولا مثلاً على 62.6 غراماً من السكرِ لكلّ 100 غرام.

2- المشروباتُ غيرُ الكحوليةِ، والتي تُعتبرُ المصدرَ الرئيسيّ لحوالي 25% من السكرياتِ المضافةِ التي نتناولُها، وتشملُ المشروباتِ المرطبةَ والغازيّةَ، وعصائرَ الفاكهةِ الطبيعيةَ وغيرَ الطبيعيةِ، وغيرِها الكثير. وتحتوي الكولا مثلاً على حوالي 11 غراماً من السكر لكل 100 غرام.

3- البسكويتُ والمخبوزاتُ والكعك. هذهِ الأطعمةُ ليستْ غنيةً بالسكريات فحسب، بلْ بالدّهون أيضاً، ممّا يجعلُ خطرَها مضاعفاً، حيثُ يحتوي البسكويتُ المُغطّسُ بالشوكولا على حوالي 46 غراماً من السكر لكلّ 100 غرام.

4- المشروباتُ الكحوليّةُ، والتي غالباً ما يتمُ إهمالُها عند حِساب مدخولِ الطّاقة إلا أنها من أهمِّ مصادرِ السّكريات، حيثُ يمكنُ أن تبلغ الحريراتُ الناتجةُ عن كوبٍ واحدٍ ما يقارب الـ 100 كيلوكالوري ناتجةً عن الكحولِ والسكرِ المضافِ معاً.

5- منتجاتُ الحليبِ المنكّهة، كالحليبِ والألبانِ والمثلّجاتِ، والتي تحتوي على سُكرّياتٍ مضافةٍ كالسكروز وشراب الغلوكوز والفركتوز، حيثُ يمكنُ أن يحويَ اللّبنُ بالفواكِهِ حوالي 16.6 غرام لكلّ 100 غرام.

6- المشهياتُ والصلصاتُ، فعلى الرغمِ من مَعرِفتِنا بمحتواها الكبيرِ من السّكرياتِ المُضافةِ، إلّا أنّ دراسةً أُجريت في عام 2007 قد وَجدَت نِسباً مرتفعةً جداً تجاوزَتِ الحدودَ المتوقعة، لذلكَ يجبُ التقليلُ منها بشكلٍ ملحوظٍ خاصةً وأنها غالباً ما تكون غنيةً بالدهونِ والملحِ أيضاً.

خطواتٌ تساعدُ على تقليلِ كميةِ السّكرياتِ المّتناولة

كي تتمكّنَ من المحافظةِ على حميةٍ متوازنةٍ، عليكَ أن تتناولَ الأطعمةَ المحتويةَ على السّكرِ المضافِ في المناسباتِ فقط، دونَ أن تَجعلَها عادةً يومية. كما يجبُ أن تحصلَ على الجزءِ الأكبرِ من الحريراتِ عن طريقِ الأغذيةِ النّشويةِ، والفواكِهِ والخضارِ. ويمكنكَ أيضاً أن تتّبعَ النصائحِ التالية:

1- اشرب الماءَ وعصيرَ الفاكهةِ غيرَ المحلّى بدلاً عن المشروباتِ الفوّارةِ والعصائر، وتذكّر أن تقومَ بتخفيفِ العصائرِ عند إعطائِها للأطفالِ للتخفيفِ من السكرِ بشكلٍ أكبر.

2- إن كنتَ من معجبي المشروباتِ الفوّارة، جرِّب تخفيفَ العصيرِ العاديّ بالمياهِ الفوّارة وستحصُلُ على نفسِ النتيجة.

3- خفّفِ الكمياتِ التي تتناولُها من السّكرِ في المشروباتِ الساخنةِ أو حبوبِ الفَطورِ تدريجياً حتى تَعتادَ على ذلك وتتمكّنَ من الاستغناءِ عنها نِهائياً.

4- استبدِلِ المربياتِ والمرملادَ بالموزِ المُقطّعِ مع الجُبنة القابلةِ للدهن مُنخفضةِ الدسم، وقمْ باختيارِ الوجباتِ الخفيفةِ الصحيّةِ كالفواكهِ المجففةِ، والمكسراتِ غيرِ المملحة، والفشارِ المصنّعِ منزلياً.

5- تأكّد من قراءةِ المعلوماتِ الغذائية على العبواتِ لتتمكّنَ من اختيارِ المنتجِ الأمثلِ ذي كميةِ السكرِ الأقل.

6- حاولْ تخفيفَ نسبةِ السّكرِ المُستخدمِ في الوصفاتِ المنزليّةِ إلى النِصف، وهو أمرٌ يمكنُ تطبيقُهُ مع كلّ شيءٍ تقريباً باستثناءِ المربياتِ والمارِنغ والمثّلجاتِ لأنّ السكرَ مكوّن أساسيّ فيها ولا يمكنُ تصنيعُها بدونِه.

7- عندَ شرائِكَ لمعلباتِ الفواكهِ، اخترِ الأنواعَ المحفوظةَ في عصيرِ الثمرةِ بدلاً عن تلكَ المحفوظةِ في محلولٍ سكريّ Syrup.

8- تناول حبوبَ الفَطورِ المصنوعةَ من الحبوبِ الكاملة، وابتعدْ عن الأصنافِ المغطّسةِ بالسّكرِ أو العسلِ فقد يصلُ محتواها من السّكرِ إلى 37%.

9- تحتوي بعضُ الشورباتِ والوجباتُ الجاهزةُ على كمياتٍ مرتفعةٍ من السّكر. كما تَكونُ بعضُ الأطعمةِ الحلوةُ الحامضة Sweet and sour مرتفعةَ المحتوى من السكرِ المضافِ أيضاً، فاحذر منها وحاولِ التقليلَ منها قدرَ المستطاع.

المصادر:

1. هنا

2. هنا

3. هنا

4. هنا