علم النفس > المنوعات وعلم النفس الحديث

أطفالُنا، بين اهتمامنا المُفرط.....والتجاهل التام

استمع على ساوندكلاود 🎧

هل سبق واصطدم طفلكم مع طفل آخر في مشكلة ما، لابد أنه فعل!

ترى هل من الصواب تركه يُواجه مشاكله بنفسه، أمّ يجب أن أتدخل في أصغر المسائل؟!

على أطفالكم أن يخوضوا غمار مشكلاتهم بأنفسهم، أيها الآباء!

قد تشعر بأنه من الطبيعي جداً أن تدافع عن طفلك إذا ما تعرض للتنمر1 وبأن هذا الدور الطبيعي لأي والد. لكن يبدو أن خبراء الأبوة لديهم رأي آخر، ويُحذِرون من أنكم – أعزائي الوالدين – إذا ما تدخلتم دائما لحل مشكلات أطفالكم، فإن هذا سيجعل منهم هدف وفريسة سهلة.

تنازعَ طفل مع ابنك في ملعب الكرة، فما لبثت أن هجمت وأخذته. وبعدها كانت تلك الفتاة اللئيمة التي زعجت صغيرك بلعبتها الجميلة، و استدعى ذلك أن تتصل بمعلم الصف لتُحدثه عن حادثة التنمّر تلك! وأخيراً، تمت مضايقة صغيرك المُدلل عندما استطاع معرفة كل الإجابات في صف العلوم ولفت أنظار زملاءه، فقمت بالفور بتحديد موعد مع المدير، ذلك أنه من الواجب التصفيق والثناء على الأطفال الأذكياء لا مضايقتهم وإلى من هنالك من حالات الاهتمام الزائد والدفاع عن أطفالهم المبالغ بها والتي يقوم بها الآباء والأمهات.

يقول ميشيل برادلي (Michael Bradley)، أخصائي علم نفس المراهقين ومؤلف كتاب "When Things Get Crazy with your Teen"، "لو تدخل الوالدين دائما في (صغائر مشاكل أطفالهم) فلن يكون هناك نهاية لذلك أبداً. فأنت – الوالد – تُعلّم الطفل بأنك دائما موجود لتحل له مشكلاته الحياتية، وهذه مصيبة. حتى أنّ كثير من الآباء يقومون بذلك في أيامنا هذه أكثر من أي وقت مضى"

يُضيف برادلي، "نواجه زيادة نسبتها من 400 - 500 بالمئة في اضطرابات المراهقين وميل للانتحار وذلك عبر العقود الخمس المنصرمة، وجزء من هذا السبب هو الأنماط المختلفة التي يتخذها الآباء. منهم من لا يسأل أبداً ومنهم من يحوم طوال الوقت حول ولده ويحشر نفسه بكل تصرفات الطفل، وكلاهما آفة"

يُأكد برادلي، بأنّ التوسط هو الحل السحري:

ويشكّل اختلاف عمر الأطفال واختلاف المراحل التي يمرون بها عائق أمام الوالدين في تمييز التوسط. يقترح برادلي بأن يبدأ الأهل بأسرع ما استطاعوا بتعليم أطفالهم كيفية المواجهة بالكلام بأنفسهم. فبدلاً من التدخل لمساعدتهم عندما تواجههم مشكلة ما، لماذا لا نسألهم – أي أطفالنا – ما الذي يعتقدون بأنه الصواب لكي نعالج مثل هذه المشكلة. يضيف برادلي، "دعو أطفالكم يضعون حلولا لمشكلاتهم بأنفسهم ، ويطرحوا مزيدا من الأسئلة."

فلو اعتقد طفل ما بأن الحل الجيد هو أن يلكُم الطفل الآخر، عندها يُمكن للوالدين أن يسألا "ماذا تعتقد سيحدث إذا ما لكمته!؟"

تقول لوسي هيمّين (Lucie Hemmen)، وهي مختصة في علم النفس السريري ومؤلفة كتاب "Parenting a Teen Girl" ، تقول بأنّ إحدى الطرق المُثلى التي يُمكن من خلالها مساعدة الطفل اكتشاف كيفية الاعتماد على نفسه في المواجهة هي من خلال معارككم (أنتم كأهل) معه. أطفالكم يتجادلون ويتنازعون معكم وذلك لأنهم يتمرنون على مهارة جديدة من المهم جداً أتقانها بالنسبة لهم.

تُضيف هيمّين، "أنّه لمن الأفضل من محاسبته أو الرد عليه بالمثل (أثناء العراك)، لما لا نُعلمه ما الذي يُمكن فعله كردة فعل وما الذي لا يمكن فعله."

تطرح هيمّين مثالاً عن طريقة تعاطيها مع أطفالها عندما يطلبون بإلحاح مستمر شيء ما. تقول أتوقف عن سماعهم تماماً حتى يصيبهم الإحباط .و تقول بأنها تشعر بالتنمر من شدة إصرارهم. تعود و تقول لهم إن أعطيتموني المعلومات والوقت الكافي كي أفكر في طلبكم، لربما ستحصلون على إجابة تحبوها.

وعلى المقلب الأخر، يقول جورج غلاس (George Glass) وهو مؤلف مشارك في كتاب "Overparenting Epidemic"، صحيح أن تعلّم مهارات النقاش في كل الأعمار هو أمر عظيم، لكن هناك حالات تستدعي تدخل الأهل كي يحلّو الأمر بالطرق الأسلم.

إذاً، فإن هناك حالات تستدعي تدخل الأهل. كأن يتعرض إبنكم للتنمر بشكل مستمر ويكون كبش الفداء لزملاءه في المدرسة وقد باءت محاولاته كلها بالفشل، يكون قد حان الوقت لتدخلكم – أعزائي الأهل – و يمكنكم الطلب وقتها من المدرسة واستشارتها ما الذي يُمكن أو تم فعله. يستطرد جورج قائلاً، "الاستجابة النمطية المعهودة من الأهل هي أنّ يتم التواصل مع معلّم المدرسة مُباشرة. لكن لماذا لا تُعلّم طفلك أن يطلب المساعدة أو أنّ يتكلم مع الطفل الأخر، وإن لم تُفلح كل محاولاتكم بمتابعته والاستماع للطرق التي يمكن أنّ يلجأ لها، يمكننا عند ذلك استشارة المعلم"

نختتم مقالنا بفكرة هيمّين حيث تقول، عندما يُحاول الطفل أنّ يحل المشكلة بنفسه ولا يستطيع ذلك، ويشعر الأهل بأنّ المدرسة لا تأخذ المسألة على محمل الجدّ، و حتى أنّ الكبار غير قادرين على تهدئة الطفل وتخفيف التوتر الذي يشعُر به ، عندها يجب أن نرفع راية الخطر!

تختتم قائلة، "هناك بعض البيئات التي لا تُناسب الطفل وحسب، و إنّ لم يشعُر الطفل بالأمان الجسدي والعاطفي دون دعم الكبار له، لذا عليكم التفكير بتغيير البيئة التي يعيش بها طفلكم" 1 التنمر: شكل من أشكال الإساءة والإيذاء موجه من قبل فرد أو مجموعة نحو فرد أو مجموعة تكون أضعف (في الغالب جسديا)

المصادر:

هنا