الطب > ‫‏كيف يعمل جسم الإنسان‬؟

سلسلة كيف يعمل جسم الانسان؟ - الجهاز الهضمي: البنكرياس

استمع على ساوندكلاود 🎧

الغدةُ الملحقة بالجهازِ الهضمي، والمسماة بنكرياس pancreas مأخوذ عن الكلمتين الإغريقيتين pan وتعني (كل all) و kreas وتعني (لحم flesh)، وكثيرونَ منّا يعرِفونها باسمِ المُعَثكِلَة. فلنتعرف أكثر على هذه الغدةِ من الناحيةِ التشريحيةِ والوظيفيةِ.

التشريح:

البنكرياس غدةٌ إسفنجيةُ القوامِ مفصَّصةُ الشكلِ بلونٍ بُني مُصْفَرٍ إلى وردي، تأخذ شكلَ سمكةٍ أو حرف (J)، بطولٍ يتراوحُ بينَ 12 – 15 سم، وتُقسمُ جراحياً إلى أربعةِ أجزاء: الرأسُ وهو الجزءُ الأعرضُ والمُتوضِّعُ عند التقاءِ المعدةِ بالاثني عشري (أو العفج) ويشكلُ 50% من كتلةِ البنكرياس، والعنقُ الذي يصلُ الرأسَ بالجسمِ، والجسمُ وهو الجزءُ المركزي، والذيلُ وهو النهايةُ الرفيعةُ التي تمتدُّ إلى سرةِ الطُحالِ.

المجاورات:

تتوضعُ البنكرياسُ في القسمِ الأعلى من البطنِ خلف البريتوان على مستوى الفقرتينِ القطنيتين الأولى والثانية، وتمتدُّ بشكلٍ مُعترِضٍ خلفَ المعدةِ من عروة الاثني عشري (التي تأخذ شكلَ C) حتى سُرّةِ الطُحالِ.

الرأس: يقع خلفَ مَساريقا الكولونِ المُعترِضِ ويجاوِرُهُ من الخلفِ الكليةُ اليمنى والأجوفُ السفلي والوريدان الكلويان، والشريانُ الكلوي الأيمن.

العنق: يتوضعُ أمامَ وريدِ البابِ والأوعيةِ المَسارِيقيةِ العُلويةِ.

الجسم: يتوضعُ أمامَ الأبهرِ والكلية اليسرى والكظر الأيسر والأوعية الكلوية اليسرى، كما يمرُّ الشريانُ والوريدُ الطحاليان بمحاذاةِ حافتِهِ العلوية.

الذيل: الذي يمتدُّ إلى سُرةِ الطحال.

التروية الدموية:

تتلقى البنكرياس ترويتَها الدمويةَ بشكلٍ أساسي من فروع كلٍ من الجذعِ الزُلاقي celiac trunk والشريانِ المساريقي العلويsuperior mesenteric artery اللّذين يتفرعان من الأبهرِ البطني، وهذه الفروع:

- الشريان البنكرياسي العَفَجِي السفلي بفَرعيه الأمامي والخلفي من الشريان المساريقي العلوي.

- الشريان البنكرياسي السفلي الذي يتفرَّعُ من الشريان المساريقي العلوي أيضاً.

- الشريان البنكرياسي العفجي العلوي بفرعيه الأمامي والخلفي من الشريان المَعِدي العَفجي فرعِ الشريان الكبدي المشترك من الجذعِ الزلاقي.

- فروع الشريان الطحالي المتفرعُ من الجذع الزلاقي، حيث تسيرُ ثلاثةُ أوعيةٍ (الشريان البنكرياسي الظهري، الشريان البنكرياسي الكبير، الشريان البنكرياسي الذيلي) بشكلٍ عمودي على المحورِ الطولي لجسمِ وذيل البنكرياس، لتصل بين الشريان الطحالي و الشريان البنكرياسي السفلي.

أما بالنسبة للعَوْدِ الوريدي فهو بنموذجٍ مماثلٍ للتروية الشريانية، ويتم النَّزْحُ الوريدي عبر الروافدِ إلى كلٍ من وريدِ الباب والوريد المساريقي السفلي والوريد المساريقي العلوي والوريد الطحالي.

البنية:

للبنكرياسِ قَناتان:

ويرسينغ (wirsung) وهي القناةُ الأساسيةُ التي تبدأ من الذيل، وتَنزَحُ مفرزاتِ ذيل وجسم وعنق ورأس البنكرياس، ثم تتحِدُ مع القناة الجَامِعَة (التي تنقل الصفراء التي ينتجها الكبد) لتشكلَ القناةَ البنكرياسية الصفراوية التي تنفتحُ في مِجَلِّ فاتر(vater) في القطعة الثانية من الاثني عشري.

سانتوريني (santorini) وهي القناة اللّاحقةٌ تنزح المفرزات من الأجزاء الأمامية والعلوية لرأس البنكرياس، ويمكن أن تنفتح بشكل مستقل على الاثني عشري، ولكن غالباً ما تَتَفاغَرُ القناتان معاً.

التشريح المجهري ووظيفة البنكرياس:

البنكرياس غدّةٌ مُركبةٌ ذاتُ إفرازٍ خارجي وغدي صماوي. تتكون من فُصيصاتٍ يتألف كل منها من عِنَبَاتٍ مكونة من مجموعة من الخلايا المفرزة للأنزيمات والتي تتجمع حول لُمْعَةٍ مركزية. كل فصيص له قُنَيّة خاصة، تتحد القنيات لتشكلَ الأقنية داخلَ الفصيصاتِ، والتي تتحد بدورها لتشكل الأقنية بين الفصيصات التي تصب في فروع القناة الأساسية للبنكرياس. تحت تأثيرِ كل من (السيكريتين) و(الكوليسيستوكينين CCK) تفرز الخلايا ذات الإفراز الخارجي مجموعة من الأنزيمات: التريبسين (لهضم البروتينات)، الليباز (لهضم الدسم)، الأميلاز (لهضم الكربوهيدرات) وغيرها من الأنزيمات بشكل غير مُفعَّل، بينما تفرز الخلايا المبطنة للأقنية البيكربونات التي تجعل العصارة البنكرياسية قلوية. يتم طرح هذه الأنزيمات مع البيكربونات عبر مِجَلِّ فاتر إلى الاثني عشري، حيث تتفعل الأنزيمات وتبدأ عملَها في هضم الأغذية بمساعدة الصفراء التي تطرح من مجل فاتر أيضاً.

إضافة لذلك تعمل البنكرياس كغدة صماء، إذ تفرز الهرمونات مباشرة إلى مجرى الدم، حيث تشكل جُزرُ لانغرهانس المنتشرة في البنكرياس على شكل مجموعات حوالي 2% من بَرانشيمِ الغدة، وتتكون من خلايا مُفرزةٍ لهرمونات متعددة أهمها ثلاثةُ نماذج من الخلايا المفرزة:

- خلايا بيتا تشكل 75% من الجزر وتفرز الأنسولين، الذي يعمل على خَفضِ سكر الدم من خلال إدخاله إلى داخل الخلايا وإنقاصِ اصطناعه الكبدي.

- خلايا ألفا تشكل 20% من الجزر وتفرز الغلوكاكون، الذي يعمل على رفع سكر الدم بتنشيطه عدة سبل لاستحداث السكر.

- خلايا دلتا وتفرز السوماتوستاتين.

وبذلك تحافظ البنكرياس من خلال وظيفتها كغدة صماء على سكر الدم ضمنَ المستوياتِ المناسبة الضرورية لعمل أعضاء الجسم الهامّة كالدماغ والكبد والكليتين.

الأمراض التي تصيب البنكرياس:

يمكن أن تصاب الغدة بالعديدِ من الاضطرابات منها:

التهاب البنكرياس الحاد (حيث تقوم الانزيماتُ الهاضمة التي تفرزها بهضم الغدة نفسها إذ تتفعّل ضمنَها، وينجمُ عن عدة عوامل كانسداد القناة بحصيات أو ديدان .....) ، والتهاب البنكرياس المزمن (يمكنكم الاطلاع على الالتهاب الحاد والمزمن للبنكرياس من حيث الأسباب والعلاج والمضاعفات بشكل مفصل على الرابط الآتي هنا ).

الكيسات البنكرياسية الكيسة عبارة عن جَيبٍ مملوء بسائل يتشكل ضمن أو على سطح الغدة، بعضها كيساتٌ حقيقية مملوءة بسائل يفرز من الخلايا المُبطِنة للكيسة، وبعضها كاذبة ناجمة عن التهاب البنكرياس تحتوي على العُصارة البنكرياسية. بعض الكيسات تكون حميدة وغير عرضية (تصبح عرضية بالأحجام الكبيرة)، وبعضها تكون خبيثة أو ماقبل سرطانية.

سرطان البنكرياس الذي يحتل المرتبة الرابعة على لائحة السرطانات القاتلة بأنماطه المختلفة.(تم الحديث عنه مفصلاً في مقال سابق على الرابط الآتي: هنا و هنا).

الآفاتُ ما قبل السرطانية كالتَّنشُؤاتِ المخاطية الحُليمية داخل الأقنية (IPMNs) والتنشؤات البنكرياسية داخل الظَهارية (PanIN).

الداء السكري بنمطيه الأول: والذي يعد من أمراضِ المناعة الذاتية ويظهر في عمرٍ مبكرٍ غالباً، حيث يهاجم الجسم الخلايا المفرزة للأنسولين بواسطة الأضدادِ، مسبباً عدمَ قدرةِ البنكرياس على إنتاج الأنسولين، وبالتالي سيكون العلاج بتزويدِ المريض بالأنسولين. الثاني: الأشيع ويشكل 95% من حالات الداء السكري عند البالغين، حيث يقوم البنكرياس بإنتاج كميةٍ قليلةٍ غير كافية من الأنسولين أو يحدث نَقصٌ في حساسية خلايا الجسم للأنسولين (مايسمى بمقاومة الأنسولين)، وهنا تفيد الحمية وممارسة التمارين الرياضية مع المعالجة الدوائية. ولكن لكل من النمطين عقابيل جمة على الأوعية الدموية خاصة الصغيرة منها مما يؤدي لأذيات ٍعلى مستوى الكلية والعين والأعصاب، بالإضافة إلى زيادة معدل حدوث أمراض القلب والسكتات.

قصور الإفراز الخارجي والذي يؤدي إلى حدوثِ سوء امتصاص نتيجة عدم القدرة على استكمال عمليات هضم الأغذية، ويلاحظ في العديد من الأمراض كالداء الليفي الكيسي.

بالإضافة للعديد من الاضطرابات الأخرى التي يمكن أن تصيب هذه الغدة والتي لا يتسع المجال لذكرها.

والأهم أن نبتعد عن عوامل الخطورة التي تزيد من فرص الإصابة بها كالتدخين والإسراف في تناول الكحول والسمنة وغيرها.

نترككم لمشاهدة الفيديو التوضيحي عن كيفية عمل البنكرياس:

هنا

كما يمكنكم قراءة المزيد من المقالات ضمن سلسلة كيف يعمل جسم الانسان؟ هنا

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا